الفصل الثاني عشر

154 14 1
                                    


أنهت المكالمة معه، دون أن تسمع تعقيب منه على حديثها، ولسوء حظها أنها لم تشعر بوجود ذلك الذي كان يقف خلف إحدى الشجر، يدخن
" السيجار " بشراهة.
............................
في شوارع العاصمة الراقية المطلة على البحر،تحت سماء روما اللامعة، كان يجلس على رمال الشاطىء، يضم ركبتيه إلى صدره ،ويحاوطهم بيديه،يتابع أمواج البحر المتناسقة، يرى كيف تكون في بدايتها ضخمة، و في النهاية تتضائل إلى أن تختفي، كما أن بعضها كانت تتلاطم في الصخور بقوة، مثلت له تلك الأمواج بعضا من الألم الذي عاشه.

لقد تحمل، وعانى الكثير، لم يعش طفولته كما يجب أن تكون ابدا،كل ذلك في سبيل حبه لعائلته، وخوفه من التهديد، لايزال يقدم المساعدة لهم من بعيد، يتوعد لكل من كان سبب له في عذابه.

قطع تفكيره عندما أحس بيده على كتفه؛ ليقول:
_متقلقش، كل حاجه هتبقى تمام.

إلتفت له، ونظر إليه بنظرة ممزوجة بالتعب والألم، قائلا بتنهيدة:
_ لحد امتى يا زياد؟؟..... مبقتش قادر.

جلس بجانبه، ووضع ذراعه بطوله على كتفه، جذبه إليه  بقوة قائلا بقوة:
_لحد ما نوقع إيهاب في شر أعماله قبل ما يضر حد منهم تاني.

هز رأسه بالنفي عدة مرات، وقبض على يديه بقوة حتى نفرت عروقه مردفا بحدة:
_ مش هسمحله حتى ولو فيها موتي.

ربت على كتفه،وغير مسار حديثهم، حتى يزيح عنه الحزن قليلا قائلا بمرح:
_بقولك أي أنا جعان جدا، تعالى قوم يلا،  حرقة أعصابنا مش هتفيد.

ابتسم ابتسامة جانبيه،وقام" زياد" بجذبه من ذراعه بقوته حتى وقف الأخر على أقدامه، يملأ وجهه الألم والحزن مغلفا له بإبتسامة ظاهرية قائلا باستسلام:
_يلا يا زياد.
....................................
صباح يوم أخر أتى وكل منهم في عالمه الخاص، "مريم" و"حازم" معا، كذلك "دارين" و"فارس"، و" آدم" و"خلود"........ الكل كان سعيد بوجود نصفه الأخر بخير.

في غرفة الشباب
فتح" مازن" عيناه بكسل، نظر لساعته وجدها 00: 6 صباحا، فنهض للمرحاض حتى يتوضأ، ويؤدي فرضه، بعدها ارتدى ملابس رياضية باللون الأسود، نزل سريعا ،فوجد الكل نيام، فابتسم وأكمل وجهته حتى استقر خلف المنزل يشاهد منظر المزرعة و الاسطبل كنوع من التسلية،أكمل جولته، ثم أخذ يهرول في المساحة الخالية من المزرعة إلى أن رأها جالسة على الأرض العشبية ،تأخذ أنفاسها بشكل واسع منتظم، مغمضة عيناها، واضعة يديها على ركبتيها، متخدة وضعية (اليوجا)، فأخذ يتأملها ثوان ، فقد كانت ترتدي سروال أسود، ( تيشرت)  بالون الأبيض، خصلات شعرها تتطاير مع نسمات الرياح،ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة مردفا بخفوت:
_ الواحد يستغل الموقف ،و يقطع لسانها الطويل، وريني هتشتم بعد كده إزاي الرمانه دي.

ما إن أنهى حديثه، والتفت؛ ليعود للمنزل، أحس بعدها بشىء صلب ارتطم أسفل مؤخرة رأسه، فتأوه بخفوت، وضع يده مكان الضربة، التفت سريعا، كانت على وجه معالم الغضب، فرأها لا تزال بنفس الوضعية، ساكنة هادئة، فأردف بصوت مسموع لها:
_ والله لو طلعتي أنتي يا اللي في بالي هقطلعك شعرك يا رمانة.

السكون الذي يسبق العاصفة( نصفي الأخر ) الجزء الثالث والأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن