1 _ سجين الظلام

3.1K 48 0
                                    

سجين الظلام

- ايها الدكتور هارمان ..اتقول ان عمى زوجي دائم؟
قاومت مارسي سايمور لتسترد رباطة جأشها فقد تمسكت طوال الرحله الليله من لندن الى نايروبي بأمل ان تكون مؤقت
رد الطبيب بهدوء ,ليطمس بصيص النور الذي رفض ان ينطفئ حتى الان
- اخشى ان هذا الواقع ..
مال الى الامام في كرسيه واخذ يشرح لها
- حين انهار سقف المنجم اخترقت شظية معدنيه جمجمة زوجك ..وانا مقتنع بأن العصب في جهاز البصر
مصاب فهو لايميز الضوء اطلاقا ..انا اسف
هزت راسها فتناثر الشعر الاسود البراق حول كتفيها
- لااصدق ..ايعرف بلايك ان عماه دائم ؟
- اجل ..لقد اصر على معرفة الحقيقه حالما استعاد وعيه
- لقد مر اسبوعان على الحادثه ولا افهم لماذا لم يتصل احد بي لو اخطرني احدهم لهرعت الى نيروبي
على اول طائره لاأكاد اقبل فكرة بقائه في المستشفى هذه المده كلها وانا جاهله بما حدث
رد الطبيب
- اعتقدت انه على اتصال مع عائلته ..ولكنني لما علمت قبل ليلة البارحه انه لم يتلق زيارات الا من بعض
موظيفه في شركة مناجم سايمور سمحت لنفسي بالاتصال بمكتبه لأحصل على رقم هاتف احد
اقاربه ..فقيل لي ان والده السيد وايلي هو في لندن فاتصلت به فورا
عبست مارسي "ألم يأت بلايك على ذكري قط ؟لاافهم "
تفرس الطبيب وجهها البيضاوي الدقيق التكاوين وقد بان على وجهه الانزعاج بسبب الاضطراب البادي في عينيها
- لم اكن اعلم حتى لحظه ظهورك في العنبر منذ دقائق ان السيد سايمور متزوج هذا عدا ان يكون متزوجا من امرأه جميله
مثلك ..ظل زواجك طي الكتمان لانه لم يكن اي شخص في شركته على علم به ..منذ متى تزوجتما ؟
سحبت مارسي انفاسها بحده
- منذ ثلاثة اسابيع فقد اضطر بلايك الى العودة بعد مراسيم الزفاف فورا من اجل امر طارئ في احد المناجم
وقد قرر ان ابقى في لندن حتى عودته ظنا منه ان المسأله لن تطول الا اياما قليله لنتابع شهر عسلنا ..
ولم اتلق رساله منه منذ ذلك الحين
ارتجف صوتها وهي تردف
- قال انه قاصد منطقه لايمكن الوصول اليها من الاراضـ ي الجبليه اونه سيتصل بي في اول فرصه سانحه
كان اتصالك بوالده الاتصال الوحيد الذي تلقيناه
اجتاحت وجهها موجة ألم جديده لانها شعرت بجرح عميق بسبب كتمان بلايك امر زواجهما
ابتسم بلطف "ليتك تعلمين سيدتي مدى سروري بوجودك ..اظنك قدمت لي قطعه مفقوده من احجيه
- اية احجيه ايها الطبيب هارمان ؟
- زوجك رجل متكبر ..ولكن رغبته الشرسه في الاستقلال امام خسارته اقلقني وبعدما رأيتك الان بت افهمه
سألته بإلحاح وعيناها مثبتتان على عينيه "ماذا تعني ؟"
وضع يديه خلف راسه "لو كان لي عروس جميله تنتظرني وفقدت بصري لكان اول مافكرت فيه الانتحار "
صاحت "اتقول ان بلايك يرفض العيش؟ألهذا امتنع عن الاتصال بي؟"
- ابدا ..بل مافعله هو الانزواء اذ لم يستطيع تحمل فكرة الاعتماد على شخص اخر خاصه انت انه ذكي وناجح وهو معتاد
على تحمل مسؤولياته كامله لقد بنى لنفسه مستقبلا باهراً في عالم المناجم في كينيا ..والاهم من هذا انه تزوج من امرأه يريد ان يكون
بالنسبه لها كل شيء في حياتها ثم فجأه يصدمه عماه فيشعر بالعجز عن تقديم الحمايه لك كما يشعر بالعجز لانه لن يكون معيلك ..حبيبك ..
تهدج صوتها انفعالا وهي تقاطعه
- بلايك هو كل ماتذكر بالنسبه لي سواء اكان اعمى ام مبصرا ظننتك اتصلت بوالده لعجزك عن الوصول إلي ..
ولم اكن اعرف ان بلايك لم ..اهذه هي ردة فعل معظم الناس؟ايديرون ظهورهم لمن يحبهم ؟
اشاح عينيه عنها ومرر ابهامه على حافة الملف امامه ..
- يشعر المصاب بالاحباط في هذه الحاله ولكن ردة الفعل تختلف بين شخص واخر ولكنه كمعظم الرجال يريد ان يكون الزوج الكامل..
وهاهو العمى المجهول بالنسبه له الشيء الخارج من سيطرته ..انه خائف
اغرورقت الدموع في عينيها "لااتصور بلايك يخاف من شيء"
ارتفع حاجبه "ولن يستطيع.."
اجفلتها معاني الكلمات ...انه الليل الدامس بالنسبه لبلايك ..
وهي لاتستطيع فهم ماسيكون عليه ..والتاع قلبها من اجله وهذا ما زادها اسفا وحزناً
رفعت راسها بجهد "اهو متألم ؟"
- انه لايشكو الا من صداع خفيف بين الفنيه والاخرى وفي الواقع اراني قلقا لانه يلوم نفسه على الحادث الذي تسبب بموت شخصين
شهقت مارسي بصوت منخفض ..لم تكن تعرف هذا بل لم تفكر الا في زوجها
- لم ارغب في اخراجه من المستشفى قبل ان يأتي صديق حميم له او فرد من افراد العائله ليرعاه فهو حتى الان رفض اي مساعده
كما رفض معظم الزيارات وكما شرحت لك اتصلت بوالده لأرى ماذا يستطيع ان يفعل واستطيع القول ان حضورك طمأن نفسي
خاصه بعد اصراره على ترك المستشفى اليوم ..اعرف انه سيرفضك ولكنه سيحتاج اليك بيأس ..فهل انت مستعده؟
ونظر اليها بلهفه !
سحبت مارسي نفسا عميقا ثم رفعت ذقتها قليلا
- انا بحاجه اليه اكثر من حاجته إلي انا زوجته التي لها حق العيش معه بكل مافي الكلمه من معنى
غمرت ابتسامه ارتياح وجه الطبيب
- احسنت صنعا ..انه رجل محظوظ بك وآمل ان يدرك هذا سريعا
بعثت كلمات الطبيب الخوف الى قلب مارسي ..لقد بدأ بلايك ببناء الحواجز منذ اسبوعين ..وكان اول حاجز رفضه الاتصال بها ..
قالت بتصميم وهي تقف "اود رؤيته حالاً واشكر لك اهدارك وقتك الثمين معي واهتمامك ببلايك"
وقف يصافحها"حظاً سعيدا سيدة سايمور ..سألحق بك بعد قليل لأرى زوجك ولأرد على ماتودين طرحه من اسئله
لماذا لاتحملين اليه طعام الغداء؟شهيته الى الطعام قليله وهذا امر غير طبيعي ولكن ربما تنجحين حيث فشل غيرك
تضاعفت مخاوف مارسي "سأحاول"
- هل لي ان اسألك سؤالاً خاصاً؟
نظرت اليه متسائله عن سبب اهتمامه هذا "طبعاً"
- متى تم تعارفكما؟
- منذ ثلاث سنوات تقريباً ..التقيته حين ابتاع زوج امي مزرعه مجاوره لأملاك عائلته ..لماذا تسأل ؟
ضاقت عيناه على وجهها "اشعر بالراحه لان زواجكما لم يكن وليد زوبعه من الغرام فأنت على الاقل تعرفين ماسيواجهك"
تركت مارسي مكتب الطبيب واقفلت الباب ثم اتكأت اليه في الخارج ..اتعرف بلايك كما يعتقد الطبيب ؟
لم يكن غرامهما زوبعة صيف ولكن بسبب وجوده الدائم في كينيا وبقائها في المدرسه العالميه في جينيف لم يمضيا كثيرا من الوقت
معا ..وطالما انتظرت عودته وعندما وجدت نفسها عاجزه عن ابتعاده عنها مره اخرى طلب يدها للزواج واعدا اياها بأن يحل زواجهما
كافة الاشكالات
سرت قشعريره في جسمها وهي تتذكر ماهمس به بلايك وهما في المطار بعد الزفاف "الان وبعد انتهاء مراسم الزفاف
ستتحقه الخطوة الثانيه وهي الاهم"
كان عناقة الحار هو السبب في هدوئها في الاسبوعين المنصرمين
ابتعدت عن الباب تهيئ لمواجهة زوجها شعرت بأنها ستجد وسيلة مالاقناعه بان زواجهما سيبقى كاملا رغم عماه
أليسا متحابين ؟سيكون حبهما اقوى رباط فسرعان ماينجبان طفلاً لأنهما يحبان الاطفال الا اذا غير رأيه
وقفت مارسي تحت المصباح تتأمل الخاتم في يدها اليسرى انه الدليل الملموس على زواجهما ..اطار عريض من الذهب يحيط
بأجمل جوهره ان الذهب والحجر الكريم من مناجمه تذكرت انه قال لها ان لون الحجر البنفسجي يذكره بلون عينيها فجأه رغبت
في العدو في الممر لتغرق في احضانه ولتشعر بذراعيه حول قدها
حملت صينيه طعام بلايك ثم ولجت الى غرفته الخاصه التي سرعان ماتردد فيها صوته العميق
- اعيدي الصينيه من حيث اتت ..سأغادر بعد دقائق المستشفى احمليها للمسكين في الغرفه المجاوره فهو من يعاني من حميه قاتله
ترددت مارسي في التعريف عن نفسها وتقدمت ببطء في الغرفه
- قلت انني لست جائع !وللمره ..
صمت فجأه وارتفع راسه متوترا "هذا العطر ,اعتقدتك للوهله الاولى .."
وتلاشى صوته ثم اشاح بوجهه ممرا يدا مرتجفه في شعره الاسود
ارتجفت يد مارسي فسمعت قرقعة فنجان الشاي وانزلاق غطاء الابريق ..وضعت الصينيه بحذر على الطاوله الصغيره قرب السرير
ثم استدارت لتشبع بصرها من صورته الحبيبه كان يرتدي بيجاما وروبا من الحرير هل احضرهما له صديق او موظف من المزرعه ؟
هل هو من اختار هذا اللون البني ام سكرتيرته ؟

لو كنت حبيبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن