ينتهي العالم على بابه
تقدم رجل يضع قناع الجراح نحو مارسي التي كانت تذرع غرفة الانتظار جيئه وذهابا "سيدة سايمور"
لم تعرفه حتى نزع القناع
- اوسيد هارمان ..شكراً لله !
- ظننت انك عدت الى انجلترا
- هذا مايظنه بلايك اريد ان اسألك عن حالته اخبرني كارل بأمر العملية الجراحية ولكنه اضاف ان لديك ماتقوله لي ..ارجوك ..كيف حاله؟يجب ان اعرف
- كانت الجراحة ناجحة
همست "الحمدلله ..لقد توسلت الية حتى يزورك في الاسبوع الماضي ولكنه لم يصغ إلي ..واستمر صداعه يزداد سوءاً"
- هذا افضل والآ لفات الوقت
احست بالدوار "فات الوقت ؟اتعني انه كان سيموت؟"
اسندت نفسها الى الذراع التي التفت على كتفيها
- تعالي اجلسي
قادها الى اقرب كرسي "يبدو ان زوجك لم يشأ اخطارك بحالته ماذا قال لك ؟"
- لاشيء ..ولكن حتى الاعمى قادر على رؤية الآلآم المبرحة التي كان يعاني منها
- ألم يذكر امامك نتائج الفحوصات التي اجراها في الاسبوع الماضي ؟
- لم اعرف بأنه زارك حتى اخبرني كارل اقصد السيد هيريون
ضاقت عيناه"هذا يعني ان السيد هيريون شرح لك ان الضربة التي تلقاها على رأسة حركت الشظية من مكانها ولهذا اخذ يعاني
من تلك الآلآم كلها ..اترين ..عندما كانت الشظية في مكانها الاصلي كانت في موضع حساس لانستطيع معه اجراء عملية لاستئصال الشظية
التي كادت تتلف عصب البصر نهائيا ولكن حينما تحركت من مكانها كشفت صورة الاشعة ان العصب قد يشفى وبدأ بعض النور يؤثر في العصب
وقفت مارسي على قدميها تصيح "هذا يعني ان العصب لم يصب بأذى"
- هذا صحيح سيدة سايمور ..ولكنني لم اتأكد قبل اجراء العملية فيما اذا كان العصب سليما ام متلفاً فقد كانت نسبة بقائه سليما متدنية
وشرحت لزوجك ..في البداية لم ير مايدفعه للخضوع الى عملية غير مضمونة النتائج اما ليلة امس فعدل عن رأية وقرر اجراء
الجراحة في اسرع وقت ممكن
ضمت مارسي يديها الى صدرها وسألت بصوت مخنوق
- قل لي ..ماذا وجدت؟
نهض عن الكرسي :مااملت ان اجده بالضبط..لست على حق دائما ولكن في هذه المرة حدث امر نادر الوقوع لم يصب عصب العين بسوء اما
نسبة حدوث هذا الامر فواحد على مليون اتدركين هذا ؟
- ايها الطبيب !
- مدي يدك سيدة سايمور
عندما مدت يداً مرتجفة اليه تناول شظية من جيب بذلة الجراحة
- اظنها ذكرى تودين الاحتفاظ بها
نظرت اليها ثم اطبقت يدها عليها ..لقد دخلت هذه القطعه المتناهية الصغر الى جمجمة بلايك فحرمته من بصره وهاهي الان
تمسكها في كفها انه لأمر لايصدق ! لم تكن تعرف ماذا ستفعل بها فرفعت رأسها الى الطبيب
- وهل تقصد انه سيسترد بصره؟
تنهد الطبيب تنهيدة عميقه
- علينا الانتظار كان عصب العين ملتوياً منذ شهر لذا اضطررت الى تقومية ..سيمضي بعض الوقت قبل ان يعود
الى طبيعته وقد لاتتجدد خلاياه وبكلمات اخرى قد يبقى اعمى
- متى نعرف النتيجة ؟
- يصعب الجزم ربما بعد اسبوع او عشرة ايام ..سنبدأ منذ الان لعبة الانتظار ولكن تذكري انني لااضمن شيئاً
- اعرف ..ولكن مجرد الامل معجزة
- المعجزة هي الاصابة التي تلقاها على رأسه فلولا السقطه لبقيت الشظية في مكانها تضغط بشكل دائم على العصب ..
ولولا اسراعنا في اجراء العملية لفات الوقت ..اكاد اقول ان يدا خفية دفعتك من فوق الحصان على زوجك ..ويالحظه!
- لااكاد اصدق ماتقول ..لقد تركني بلايك جاهله بما حدث
- اعرف هذا ..لااريد بسبب دقة الوضع ان يعرف بوجودك لانني لاارغب في ان يتعرض في هذه المرحلة الى اي خطر عاطفي
مهما كان يعلب العقل والارادة دورا في عملية الشفاء ..قد يذكره وجودك بما سيخسره ان فقد بصره وقد يسبب له هذا الشعور احباطاً
وضع يده بلطف على ذارعها "اهلا بك في المستشفى وفي غرفته ولكن بدون ان يصدر عنك صوت يدله على وجودك
سأطلب من الممرضات تجاهلك حين ننزع الرباط ونرى النتيجة النهائية ..والان اعذريني ؟
امسكت يده الضخمة بين يديها
- شكراً لك ..ولكن الشكر لايعبر عن شعوري
- سيبقى في غرفة الانعاش حتى التاسعه لماذا لاتأكلين في هذه الاثناء لقمة ؟امامك انتظار طويل
ربت كتفها واستدار الى قسم التمريض في اخر الردهه
قبلت نصيحة الطبيب فتوجهت الى الكافتيريا لتتناول العشاء علها تعزز قواها
فجأه شعرت بأنها لاتستطيع اخفاء الامر السعيد فتركت الكافتيريا بحثاً عن هاتف ..لم يعد يهمها ان توقظ الجميع فبلايك
يحتاج الى دعوات من يحبه ..
في البداية اتصلت بأبيه ثم اتصلت بوالديها وكان ان وعدتهم بالاتصال حين حدوث امر جديد
كان كارل يذرع مكتب الانتظار حين عادت مارسي الى طابق العمليات ..فأمسكت يده بسرعه ..ظل كارل معها عدة ساعات كانا خلالها يتحدثان
بهدوء بين الفنية والاخرى ولكنهما قضيا معظم الوقت في صمت قلق في التاسعه اعلن كارل عزمة على الرحيل شارحاً انه بحاجة الى تحضير
بعض الوثائق لليوم التالي ..عانقته بقوة وقلبها مفعم بالعرفان بالجميل
في التاسعه والنصف تناهى اليها صوت من الغرفة الخاصه ..فوقفت في ترقب متوتر تنظر الى الممرضات وهن يجررن عربة زوجها الذي
هرعت اليه عيناها رأته مضمد الرأس مغمض العينين وشمت رائحة غرفة العمليات تفوح من جسده ومن الشراشف التي تغطيه ..
ولولا تأكيد الطبيب ان العملية ناجحة لذعرت لمرآه
حوالي منتصف الليل لاحظت دلائل تشيرالى اقتراب موعد يقظته ..كانت الممرضه قد عاينته ولكنه ظل بلا حراك ..اما الان فقد بدا قلقا
يصدر همهمات غير مفهومة ..ضغطت ماسي زرا على الحائط تستدعي رئيسة الممرضات وماهي الا لحظة حتى دخلت
السيدة كورلي في زيها الابيض وتقدمت بسرعة الى بلايك تمسك يده بين يديها
- لابأس عليك سيد سايمور ..سترى
اتضح كلامة بالتدريج وتعلقت يده بيدها مما ملأ صدر مارسي بحسد كبير ..وهمس
- مالذي يحدث ؟ماهذه الالوان التي تعج في رأسي ..مارسي ؟مارسي؟
كانت صيحته لجوجة كادت معها اعصابها تتدمر ..ارادت ان تضمة بحب وحنان
عاد يتمتم بانفعال ظاهر
- مارسي ..حبيبتي ..هذه الالوان ..
ردت السيدة كورلي بلطف "لابأس عليك ..انت بخير"
رمت نظرة بليغة الى مارسي التي كانت واقفه الى جهة السرير الاخرى ثم اكلمت
- لقد انتهت العملية الجراحية سيد سايمور وكانت ناجحة ..ستكون بخير وقريبا سترى
مسحت يده بحنان فهدأ روعه وعاد الى النوم
استطاعت في الايام الثلاثة التالية الوقوف على قدميها لانه ناداها باسمها في اول لحظة وعى فيها ..كانت مجبرة على البقاء صامته كما امرها الطبيب ..
كانت تنام في الفندق ثم تعود الى غرفته قبل ان يستيقظ في الصباح ..ولكنها رغم بقائها معظم الوقت معه لم تكتف منه ولاحظت مارسي
انه بدا يسترد صحته كان يتحدث عن صور وألوان تمر دائما في رأسه ..وشرح لها الطبيب هارمان سرأ ان هذا يعني عودة عصب البصر الى طبيعته ..
وفي وقت ما خلال الاسبوع ازال الطبيب الضمادة فجلست مارسي على كرسي ويداها في حجرها
- حسنا بلايك ..سأزيل اخر الضمادات الان ولكن لا تتوقع رؤية شيء في الوقت الحالي فما زال امامك بعض الوقت سأعطيك نظارة خاصة تضعها
على عينيك نهارا وتخلعها ليلاً هل من اسئله ؟
- ابداً
عبرت هذه الكلمة المختصره عن شدة قلقه وتوتره ..لقد بدا الانتظار ..
عاين الطبيب جرحة ثم وضع فوقه القطن واللصوق وبعد ذلك اعطى بلايك النظارة التي وضعها فوراً عندما قاس له نبضة سأله
- كيف تشعر؟
- وكأن حملاً ازيح عن رأسي
- الرأس عادة حساس جدا لأي ثقل زائد او ضغط ..تحرك ببطء في الساعتين القادمتين ..حتى تعتاد على خفة وزن الرأس
سمعت بلايك يتنهد ثم يسأل
- كم من الوقت سيمر قبل حصول تغيير في بصري؟هذا اذا حصل
عضت مارسي شفتيها متمنية لو تستطيع تشجيعه
- انه امر الله اذ يختلف الوقت بين شخص واخر سترافقك الممرضة بعد الظهر لتتمشى في الممر وعندما يعود جسمك الى طبيعته
ستعود عيناك الى طبيعتهما ايضا انها اصعب الاوقات بلايك ..فلا تفقد الصبر ولاتتسرع ولاتفكر كثيرا ..اصغ الى الراديو او التلفزيون
..اطلب من اصدقائك ان يقرؤ لك كتابا ما
رد بلايك بعجرفته القديمة
- اظنني سأستغني عن الاقتراح الاخير
ابتسمت مارسي واستدار الطبيب نحوها يحييها
هكذا بدا الروتين لمدة ثلاثة ايام متتالية ..كان خلالها الطبيب يعاين بلايك صباحاً ومساء ولكن لم يطرأ اقل تغيير ..كانت شهيته ضعيفه
مع انه قام بجهد بطولي لئلا توبخه الممرضات في اليوم التاسع راح يتحرك في الغرفة كما كان يفعل قبل الجراحه مستخدماً العكازين ليشق طريقه
كان يحافظ على ثقته بنفسه غير ان مارسي شعرت بعدم راضاه وبخوفه
في التاسعه من ذلك المساء جاء الطبيب لرؤيته ..كان متمددا على كرسي امام التلفاز مزيلاً نظارته فبدا لمارسي شخصا طبيعياً مبصرا
نام بسبب السأم
هزه الطبيب بلطف "بلايك ؟اصعد الى السرير اريد ان افحصك "
نهض بلايك ببطء على قدميه وتوجه الى السرير رافعاً نفسه الى الفراش ثم استسلم لفحص الطبيب الذي اطال التفحص على غير عادة ..ثم قال
- شفاؤك رائع بلايك ..صحتك ممتازة ..هل من تغيير ؟
- لا
- لايدهشني هذا تلك الاعصاب تأبى العمل ..انها مخلوقات صغيره لعينة
امسك بلايك يد الرجل بشدة
- لاتمازحني باري ..! اسمع نبرة المزاح في صوتك
- اذن انت ترى مالا ارى ..مازلت ضمن المهلة الطبيعيه للشفاء ..بعد عشرة ايام بالضبط سأبدا بممازحتك
سمعت مارسي تنفس بلايك الحاد "انا اسف"
وترك يد الطبيب
- لاتكن اسفا ..اراك صباحاً قبل ان تنام سأرسل لك ممرضتين لتدلكا ظهرك فالتدليك سيساعدك على الاسترخاء
استغلت مارسي الفرصة وخرجت مع الطبيب الى الخارج
- اتسمح ان اكون احدى الممرضتين هذه المره فقط؟ سأترك كل شيء للسيدة كورلي
- لااعارض ابدا
بعد بضع دقائق دخلت ورئيسة الممرضات الى غرفة بلايك تحمل المناشف ووسائل التدليك
- حسن سيد سايمور ..حان وقت التدليك ..اخلع النظارة واستدر
اطلق تنهيدة قبل ان يضع النظاره على الطاولة الجانبية ثم مالبث ان انتزع سترة بيجامته عابساً وتمدد على وجهه فوق الفراش ..سمر
ظهره العريض مارسي في مكانها ..عصرت بعض السائل بحذر ثم بدأت بتدليك جانب من ظهره وذراعه اليمنى اما السيدة كورلي
فاهتمت بالجانب الاخر
- هذا رائع سيدة كورلي
- من المفترض ان يكون رائعا ..حاول ان تنام
اخذت تهدئه وتحدثه كأم حنون وهي تدلك عضلاته بلمسات خبيره اما مارسي فكانت تدلك مؤخرة عنقه لتدلك الاوتار المتصلبه
حتى استرخت ..كان شوقها الى احتضانه بين ذراعيها اقوى من قدرتها على الاحتمال فارتدت مبتعده بعدما اكتشفت ان فكرة تدليكة غير صائبة
على اي حال
تأوه "لاتتوقفي الان سأدفع لك حتى تستمري اعطيك راتب يوم كامل مقابل نصف ساعه اخرى"
رنت ضحكة السيدة كورلي في الغرفة وجلبت ابتسامة خفيفه الى شفتي مارسي
- استمر سيد سايمور ..لدي مرضى اهتم بهم تعالي ياممرضة
رمت مارسي بنظرة متفهمة وتركت الغرفة
رابت مارسي من موقعها على الكرسي في الزواية بلايك وهو يلبس سترة بيجامته قبل ان يستقر بين الاغطية لينام ..سمعته يتنهد من وقت لآخر
..لاشك ان التدليك افادة اذ لم يعد مضطرباً كانت تعود عادة الى الفندق بعدما يخلد الى النوم اما الليلة فأطالت المكوث لانه قد يسترد بصره في اية لحظة
ولكنها رغم شوقها الى البقاء بقربة عندما تحين الساعه قررت الانتظار في الفندق ..سيبلغها كارل والطبيب هارمان بأى طارئ لاتستطيع البقاء معه
في الغرفة نفسها فيما كل قلبها يصرخ مطالباً احتضانه وحبه كما انها لاترغب في ان تكون مسؤوله عن اية نكسة ومع انها تكره التفكير في بقائه
اعمى فقد احست انه يستحق ان يكون بمفرده ماان يغادر المستشفى حتى تقرر ماهي افضل وسيلة تتخذها لتعود جزءاً من حياته مجدداً
..كانت غارقة في افكارها بحيث لم تلاحظ انه ترجل عن السرير يبحث عن عصاه ..متى استيقظ ؟
عاد الى الغرفة بعد دقيقه يحمل علبة مرطبات وتلحق به السيدة كورلي بحرارة
- والان سيد سايمور عليك ان تخلد الى النوم فمن الخطأ السهر
ضحك للمرأه القصيره "لابأس علي ياسيدتي "
فرقعت بلسانها توبخه كان يقف على بعد اقدام من مارسي في صحه وعافيه وبدا مظهره القاسي غريباً وقد ازداد بروزاً في ثياب النوم
كان يبدو على حاله ولكن عليه ملامح جديده كان في بعض الاحيان ينظر اليها فلا تستطيع التصديق انه لايراها ..
مامن احد يستطيع ان يعرف انه اعمى وحدقت مارسي اليه ..انه يمضي فترة الانتظار بصبر مميز..مع مضي الوقت كانت تراه اقل كآبه
اما هي فكانت معنوياتها تحبط شيئا فشيئاً ..ربما انتظر بلايك اكثر مما يجب ربما ارادت ان يعود بصره اكثر مما ينبغي ولكنها لاتريده مبصرا من اجل
نفسها بل من اجله هو
كانت السيدة كورلي تراقبة وهو يحتسي المرطب ثم لما انهى شرابة امرته بالعودة الى فراشة وحذرته من الخروج ثانية تبعتها ضحكته الساخرة
السعيده وهي تخرج وهي ضحكه لم تسمع مثلها منذ زمن بعيد
جلست في هدوء مطبق مرت نصف ساعه كانت خلالها تستمع الى انفاسه المنتظمه ..لقد نام
امسكت حذاءها بيدها ثم سارت على اطراف قدميها حتى السرير لتنظر اليه ..كان مستلقيا على جنبة والوسادة مطوية تحت رأسه ..
ارادت ان تمد اصابعها لترجع الخصلة البنية المتدليه من شعره على جبهته ..ترقرقت عيناها بالدمع من فرط حبها له انه شجاع وقوي
تمتمت قبل ان تستدير "ارجوك يالله !"
- مارسي ؟
شهقت وادارت عينين دهشتين نحوه ..نهض ثم انزل قدمية الى الارض ..كان نور برتقالي من المصباح الصغير يرمي ظلاله على قسماته المستقرة
- اظننت حقا انني لن اعرف لمسة يديك او انني لن اعرف رائحتك ؟عندما يغازل الاعمى امرأته التي يحبها تستيقظ فيه حواسه الاخرى ..
وفي الليله التي قضيناها تركت لمساتك الساحرة تأثيرا لايمحي من رأسي ..وكم رغبت في الاحساس بلمساتك مره اخرى ..تعالي الى هنا مارسي
اذهلتها كلماته واربكتها ..ان كان يريد معاشرتها مره اخرى لينبذها بعد ذلك فلن تتحمل ذلك وعصر الخوف قلبها وتساقطت الدموع السخية من عينيها
- بلايك اقسم بالله انني لم اشأ ان تعرف بوجودي هنا سامحني ..لم اكن اقصد ايلامك بل اردت ان اكون قربك ..كان بمقدور الجميع
رعايتك والتكلم معك سواي لم اطق ذلك ..انا اسفه ..سأذهب ..
وابتلعت ريقها بشدة ..
- لاتخافي مني حبيبتي
انتزع حنانه مقاومتها كلها وشاهدته يضم يديه بين ساقية دليل هزيمة وعجز ..
- هل اذيتك الى درجة ان تخافي مني؟هل يساعدني لو قلت لك ان الحياه بدونك لاتستحق الاستمرار سواء اكنت اعمى ام مبصراً؟
وان التفكير في مواجهة لحظة اخرى من دون ضمك بين ذراعي هو اسوأ عشرات آلاف المرات من فقدان البصر ؟
لم تستطع مارسي التنفس وبدا لها انها انتظرت طوال حياتها هذه الكلمات ..تسللت آهه من بين شفتيها
- احبك مارسي واحتاج اليك اكثر مما احتاج الى الحياة نفسها .. ان اعطيتني فرصه اخرى كنت زوجاً حقيقياً لك حبنا موجود بحد نفسه ..
ولقد برهنت لي هذا ..ليس للوقت او الظروف اي اثر على مانشعر به وماطالما شعرنا به من حب متبادل
قطعت مارسي المسافة القصيرة بينهما راكعة قربه تضم رأسه الى صدرها ولتهمس في شعره البني القاتم
- احبك حباً جماً آه بلايك ..ان لم يرتد اليك بصرك ارج منك الا تدع هذا يؤثر فيك ..فأنا احتاجك ..وسأفعل ماتريد اعبدك
اطبقت ذراعاه على قدها النحيل وتعلق بها للحظات ابديه
- لم يعد يهمني شيء مارسي ..سامحيني لانني رميت قسم زواجنا في وجهك واشكر الله على بقائك
حضنته بقوة غير قادره على الكلام ..وتساءلت عما اذا كان من الممكن ان يموت المرء من فرط السعادة المتفجره في اعماقه واشتدت يده
على شعرها
- حينما تلاشى المخدر لم افكر في احد سواك ثم تذكرت انك على متن الطائره متجهه الى لندن ..فشعرت بأن تلك اللحظه كانت اشد وطأ
على من اللحظه التي اكتشفت فيها انني اعمى كاد يفقدني صوابي مجرد التفكير في ان رجلاً اخر قد يفوز بحبك او ينعم بعواطفك
فتضرعت الى الله ان تعودي إلي مارسي
داعبت عنقه ياقتها
- لكنني لم اسافر
اهتز جسده "لقد قمت بتمثيليه مقنعه سيدة سايمور ..عندما قلت انك موافقة على الطلاق احسست بأن حكماً بالموت الدائم قد صدر بحقي"
- كذبت عليك لانني كنت مضطره اذ لم استطع التفكير في حل اخر في ذلك الوقت ولكني اعدك وعداً قاطعاً الا اكذب عليك عمداً بعد اليوم
عانقها بحب
- لاتتركيني ابدا ..عندما شعرت بيديك على كتفي منذ قليل خلتني احلم ..فبعد تصرفي المقيت ذاك خشيت ان اصدق
ان دعواتي استجيبت
جلست بين ذراعيه تنعم بدفئهما
- لم استطع تركك بلايك ..الحياه بدونك بلا طعم او نكهه لاادعي انني اعرف مايشعر به المرء عندما يعرف انه فقد بصره ولكنني
استطيع القول صادقه انه ليس اسوأ من ان اعيش بدونك في لقائنا الاول في المستشفى يوم طلبت مني العودة الى بلادي لانك لاترغب
في وجودي احسست بأنني محكومة بأسوأ انواع البؤس ..
- سامحيني على ماكبدتك اياه من معاناة
- ليس لدي مااسامحك عليه لانني احبك
ثم عانقها عناقاً جائعاً حنوناً دفعهما الى اعماق احضان الحب رفعها بين ذراعيه ووضعها على السرير بقربه
- ماان يسمح الطبيب بمغادرة المستشفى حتى نسافر لنمضي مدة شهر كامل بل مدة اشهر عديدة عسل لااريد ان يشاركني فيك
احد اذ اسأحتاج الى وقت طويل حتى اصدق ان هذا يحدث لي حقا ..لكن هذا حقيقه وانت حقيقة ..اليس كذلك ؟انت حبيبتي الجميلة
الخلابة الى درجة الألم
باتت غير قادرة على احتواء السعادة ولكنها ذكرت نفسها بأنهما في غرفة مستشفى ..وهي الان على وشك ان تنسى كل شيء
تمتمت بصوت اجش "بلايك ..قد يدخل علينا احد "
- انا ادفع اجرة هذه الغرفة فإن اردت احتضان زوجتي فهذا شأني انا لاشأن احد سواي
تذكرت بلايك الذي تعرفه منذ زمن بلايك الواثق من نفسه المغرور
- انتظري فقط ريثما نرجع الى البيت سيدة سايمور
ضمته اكثر فأكثر "احبك عندما تناديني هكذا"
- مارسي ماان تصدر التهم رسمياً ضد غرانت والاخرين حتى نسافر الى اي مكان تختارينه انت
- لااريد الا ان استقر في المزرعه
- المزرعه؟
رفع حاجبه مظهرا الذهول والعجب
- انهااجمل مكان في العالم ارجوك ..ارجوك لاتبعها ..لااستطيع تحمل بيعها
جلجلت قهقهة من حنجرته
- آه! مارسي ..مارسي ..انا لااستحقك
وضمها مجدداً فهمست "لما تقول هذه الكلمات؟"
- نحيت عني اعظم قلق اشعر به لقد تساءلت منذ البداية عما اذا كنت محقاً معك
رفعت رأسها تنظر اليه "بلايك ماذا تعني بقولك؟"
طأطأ رأسه يعانقها "انت لاتعرفين ماشعرت به عندما رأيتك اول مره لولا وجودك في مجتمع متمدن لخطفتك من غرفة استقبال ابي ولحملتك
الى مرتفعات نائيه وعندما انتقلنا الى المزرعه بدوت لي سعيدة جدا ولكنني لم اجرؤ على التصديق وفي ظني انك تتظاهرين بالسعادة
من اجلي ..فلأضمك مارسي ..ولأحبك الى اخر عمرنا"
تسللت اشعة الصباح البنفسجيه من نافذة غرفة المستشفى حتى وصلت الى السرير ..واحست مارسي بدفء نور الصباح على وجهها
وتحركت لكنها كانت عالقه بين ذراعي زوجها
ماان فتحت عينيها حتى اكشفت ان بلايك مستيقظ يتلمس قسمات وجهها ..في الطريقه التي ينظر اليها شيء ماجديد لم تره
في عينيه منذ فقد بصره انحبست انفاسها في حلقها
- بلايك؟
همس "لاتتحركي ..استلقي بلا حراك ودعيني أتأملك ..مارسي .. ان لم تكن عيناي تخدعاني فأنت ترتدين تنوره زرقاء وبلوزة كحليه
على ياقتها اطار ابيض ..هل احلم ؟"
امتزج القلق بعدم التصديق في صوته
اغرورقت عينا مارسي بالدمع وهي تنظر الى زوجها
- انت لاتحلم ..لقد ارتد اليك بصرك !
رفعت يدها الى وجهه تتلمس جبينه بأصابعها
- متى حدث هذا ؟
ابتلعت ريقها تدعو الله الا يكون مايعيشانه حلماً .. تمتم يرفع نفسه ليجلس
- لاادري ..اسفقت قبل قليل وانا ارى ماحولي من خلال ضباب اغمضت عيني ثانية اتساءل عما يعنيه ذلك ولما فتحتهما ثانية شاهدت وجهك
واضحا كأشعة الشمس ولكن مشكلتي ان صورتك مطبوعه في ذهني وقلبي منذ زمن طويل ..ظننت بل افترضت ..آه مارسي هل استطيع حقا رؤيتك؟
يازوجتي الحبيبه الجميله !
جالت نظرته المشتاقه في كل حدب وصوب ورأى حالة شعرها وتبعثره
- اتعرفين ان عينك ساعة الاثاره تلمعان بنار قرمزيه وان شفتك السفلى ترتجف ؟
انحنى يعانقها ثم اردف
- لقد اجترح ايمانك معجزه مارسي
وارتسمت ابتسامة مشرقه على وجهها
- قال الطبيب هارمان ان يدا مادبرت حادثة وقوعنا في ذاك اليوم
رفع لها يديها ولثم راحتيها بحنان وصل الى قلبها
- ماكان سيصيبني لو تخليت عني ؟ماذا لو سافرت الى لندن منذ اليوم الاول على وصولك ؟
ضمها بين ذراعيه مره اخرى
- لاتتركيني ابدا ولاتتوقفي يوما عن حبي
- صباح الخير سيد سايمور ..
فاجأه صوت السيدة كورلي الرنان التي دخلت الى الغرفه
- انه يوم جميل ..
وتوقفت في منتصف الطريق تقول شاهقة
- سيد سايمور!
سحبت مارسي نفسها من بين ذراعي بلايك ونهضت عن السرير تحاول تمليس تنورتها المتجعده وبلوزتها وبدا بلايك يضحك ضحكة ساحره
- انه صباح رائع سيدة كورلي ..لم اكن اعرف ان عينيك زرقاوان
ومضت عينا المرأه
- اذن ارتد اليك بصرك؟حسن نظرا لهذه الظروف ..لن ابلغ عما رأيته ..لكن تذكر ان الطبيب هارمان قادم بعد دقائق ..ولا تريد
للرجل المسكين ان يصاب بنوبة قلبية ..ليس بعد مافعله من اجلك
طوى يديه على صدره وابتسم لمارسي
- لا ..سيدة كورلي ..لانني سأصحب عروسي من المستشفى هذا الصباح لذا سأودعك الان واقدم لك شكري لانك اعتنيت بي
كما لو كنت والدتي
ابتسمت بخجل كطفله صغيره
- اوه ..اغرب عن وجهي سيد سايمور ..ان امثالك يسحرون الطير في وكره ..كن طيبا مع عروسك الجميله هذه ..لقد وقفت كالحارس فوقك
تراقبك وتتضرع الى الله من اجلك ..لم تترك جانبك لحظة ..وهي من كانت ترعاك وتتحملك عندما يعجز الاخرون عن مساعدتك
في بلادي نقول لمثيلاتها موهبة الجنيه الطيبه
- واية موهبه هي هذه سيدة كورلي ؟
- قلب مخلص ثابت سيد سايمور ..وهذا امر نادر حقا
امسكت مارسي اليد التي مدها اليها عندما غادرت السيدة كورلي الغرفة ..وعادت الى احضانه الى حيث تنتمي
نظر اليها بشوق اسرها
- مارسي انت وحدك من اخرج رجلاً اعمى من اعماق الجحيم المظلم الى النور لذا اريد ان اهبك مافي الدنيا مقابل ذلك
تحولت عيناها الى جمر قرمزي اللون
- لقد وهبتني الدنيا عندما طلبت يدي للزواج ولكنني اريد ان انسى العالم فتره واكون معك وحدي كنت افكر في انجاب طفل ..واريد ان يحدث هذا بسرعه
دفعتها اصوات خارج الباب للابتعاد عنه ولكنه امسك بوجهها المتورد بين يديه
- هذا مااملت سماعه سيدة سايمور ..لانني لن اتركك تبتعدين لحظة عن ذراعي* * *
أنت تقرأ
لو كنت حبيبي
Romanceلو كنت حبيبي ربيكا ونترز روايات احلام القديمه العنوان الاصلي للرواية Blind to Love Rebecca Winters الملخص هل هذا هو الرجل الذي تزوجته ؟ بالنسبه لمارسي نعم ,فمازال بلايك الحبيب الوحيد الذي يخفق له قلبها ,ولن ترضى بغيرة شريكا للعمر لكن بلايك يعيش...