ما أريق من فيض العيون لم ينجفل و لا يمض بل ضلّ كالضربة التي أحبرت بهاء القلب فطمست ما احتواه من ركوع للتباريح .
بجّلتُ كربي و أحكمت سقايته بما استطعت عليه حتى نسيتُ نفسي من العيش ، غفلت طيلة سنة جارود عن كوني ذات إسم منيف يذاع صيته بين الناس . ركضت خلف تسارع الأحداث حتى انشغل فكري بأكمله بقضية الخوّان فلم أستخلص وقتا لراحة بالي . ابتهلت للسماء بقوة إيمان أن تمدني بالفرج حتى أطوي صفحتي معه و أباشر في حياكة قصة جديدة لي عسى أن أترك خيوط الماضي ، و ها قد استجابت لي بعدما تثلّلَ فؤادي و شارف على الهَلكَة . فلم لم أستبشر بالخبر ؟
انباكت الأمور و اختلطت حتى استعصى فهم لُبّها، صورته بذلك اليوم تجتاحني بالليل فلا تبرحني مثل ومضة من أبشع الرُّؤى ، اُناجيني على الترّوي و صنع الغبطة لكني أخذَل من صلبي و كأنني ابتليت بالثُّكْل و ما أنا بالحبيب بفاقدة .
قبل بضع أيام من يومي هذا، دلف القاعة و هو شامخ بعظمة و وقار لم أعهدهما به قبلا ، تماما مثل أيام زُهده حيث كان ذا مكانة خوّلته أن يكون من أسمى السياسيين الراجين الصلاح للبلد و أبنائه، علمت أمره هذا من مساعدي و إلا فأنا لم يكن ليخطر لي أنه متقلب القلب و الضمير.
مُلأ المكان بحشود توافدت إما لإدلاء الإفادات أو لحضور الجلسة فتُمتّع أسماعهم بما يطفئ نار فضولهم أما أنا فقد تهت فعسر أمري و لم أجد له مخرجا ، أوليته نظري لأشهد على إبتسامة لازمته و ما فارقت ثغره و كأنه فرح ببلوغ نصرته الباطلة من هذه اللحظات.
ألقى ما لديه بكل سلاسة بعدما أعطي له الحق في عرض ذرائعه .
"في التاسع و العشرين من تشرين ، و بتمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، غادرت مكتبي قاصدا بيتي ، قضيت تلك الفترة الكثير من الليالي أتفانى بوضع خطط جديدة ترفع من شأن الوطن حتى أنني غفلت عن الراحة و إبقاء سلامة جفنيّ قائمة ، فلحت أخيرا باتمام كلية المهام بنفس اليوم الذي وقعت به الحادثة و كم كنت مسرورا بذلك ، قرعت خطوي باتجاه المستودع ليغشيني النعاس بغتة و أنا في غفلة من أمري ، حبست برقعة غير معلومة من طرف مجهولي الهوية حتى أني لا أعلم كم من الزمن لبثت هناك فقد كنت تحت تأثير مذهبات العقل .
استفقت بالصباح فأجد أنه أطلق سراحي و أنني ببيتي ، خلت أنه حلم و قد ولىّ لكن ايقنت بعدها أنه كان بداية جحيمي ، اقتحم الحرس الوطني خلوتي منتهكين مساحتي الخاصة و مقيدينني لغياهب السجن ، حينها عرفت التهمة الملفقة لي و أن الكل يراني طماعا من أجل تولي خلافة الرئيس الراحل لي تايهي"تعالت الشوشرة بالقاعة أما أنا فوجهت حدقتيّ صوبه ، عيناه ترويان الكثير مما لم أفهمه، فقط تله عقلي لوهلة ،و ما عرفت الصواب من الخطأ برمته . استقام الكل متأهبين لسماع الحاكم بعد طول الشورى التي عقدها القضاة .
"إعتمادا على ما أدلاه الشهود و استنادا للملفات و التسجيلات المقدمة و التي تشير إلى وجود خط وصال بين المتهم زانغ ييشينغ و النظير اليابانيّ، يؤكد كونه متورط في الجوسسة علاوة على قضية الإغتيال و الإحتيال على المغدور به قولا و فعلا ، و كل ما تم ذكره ينافي ما صرح به لإثبات برائته ..
لذلك كان قرار المحكمة إعدام الجاني و ذلك باليوم العاشر من الشهر التاسع الجاري و جعله عبرة لمن سولت له نفسه بيع دم و تراب الوطن لأي كان...
رفعت الجلسة"
حطت كف دافئة على كتفي ، فرفعتُ وجهي ليقابل خاصته ، تغرت جراحي التي خفي سببها لأجد الواقف قبالتي يغمرني بحضن موقر منه . تكلمت بعدما بلّمني خذلان نفسي بنفسي .
"أتراني أملت عن الحق و خففت من كفة إنصافه؟ هل بإمكاني النظر مجددا لأمره علني أرتاح من عذاب الضمير؟ "
"هوني عليك ! مددتيه بفرص للجهر بالحقيقة لكنه ما انفك عن ترديد الأكاذيب ، الكل مُحيط بما أقدمت يداه من إثم "
قال علّه يطمئن كربي لكني ما اقتنعت و لو قليلا ."شين باي ، أظنني اقترفتُ الحرام حتى أثقلني الوِزر ، أيعقل أن أستعد لإنشاء حياة معك و أمضي قدما كأنني لم أهدم حياة إنسي قد يكون بريئا ؟ "
أثوى بالأريكة أمامي مادا أنامله على شعري عسى أن يترفع بي من الحزن . ثم استرسل حديثه .
" رحابة صدرك و إقبالك على الخير أغرقانك في الأوهام حتى أبادك التفكير ، جين أنتِ فرقت بين الحق و الباطل و قد كان الباطل زهوقا ، فليتفرغ عقلك للتفكير بي رجاء "
حاوطني بساعديه السميكين لكني أبعدتهما بنعومة الفتاة التي فقدت فؤادها .
ثم شققت دربي صوب معذّبي لعلني ألتمس الغفران و الظفر بالخلاص من ضيق القفص الذي أنا به.
أنت تقرأ
أَصْفَاد بكين
Fanfictionو ما كان بين يديْها إلاَّ سَقيم النُّهى ، يَبتسِل لها طوعًا و تُسايره كُرهًا . أظَلمْتُكَ كثيرًا؟" "لا ، على العَكس ! تَأسَّلْتِ بالفاروق " ■ زانغ ييشينغ. ■ لي واي جين . ذات فصول قصيرة . كل الحقوق تعود لي ككاتبة أصلية للقصة.