زحلتُ عن المدينة بغية جمع جِزال القضية و توحيدها عسى أن آتي بما يصنع خيرا لكليهما ، أقسمت بشرفي أني لن أعود إلا و قد حملت بجعبتي ماقد يخلصها مما تخوض فيه ، تضرعت للخالق تلك الفترة ألا يفجعني فيها كوني تركتها بين أيدي عديم الذكورة ، عجّلت من أمري و أقدمت على حياكة منهج ذي نفع دون خِطْء . اعتمدت فكرة مرتدة عن العقل بيد أنها الوحيدة المعروضة دون إزهاق الأرواح.
رجعت لبكين مُهرولا عسى ألاّ أتأخر بإلقاء الفرج ، مدرك بصميمي أني سأخسر روحا تعلقت بها و وضعتها بنفس كفة روحي و أكثر من ذلك ، لكن القلب لا يأخذ بشورى العقل بالرغم من إحاطتي بخسارتي مسبقا إلا أنني أقدمت و انتهيت و ها أنا أرجع برتوة للوراء ممسدا خدي على راحة يدي .
عِشْرَة السنين المديدة التي قضيتها و إياها فتحت لي أبواب معرفتها من طرفة عين ، قد قَبِلتْ وهب ما تبقى من عمرها مع من رأته أهلا لتشييد مسكن موضوع على أسس متينة موقرة دون إعارة ما طُمس بجوفها إهتماما ، لست على وفاق مع فعلها هذا فهو خطوٌ متهور من إمرأة نبيلة ، حتى أنها لم تتريث في فهم ما ينسجه فكرها حول الرجلين .
بعد إدراكي للحقيقة ، عزمت على لمِّ شمل الأفئدة المتفرقة و لن أضع العقل سيد موقفي هذا فأنا رميت بالصواب بعيدا و فتحت ساعديّ للجنون المطلق.
"هل تُلِه عقلك لينغ؟ أنا على ذِمّة رجل "
قالت و هي تشيح بوجهها عني حتى لا يتسنى لي إبصار عكس ما تفوهت به ، أخذتُ بكلتى يديها و أنا أصوب حدقتيّ في خاصتها ثم تكلمت و أنا أحاول نقل صدقي لها عبرهما.
"أرجوك لي جين، أصدقي القول و انسِ أمر ذلك الخوَّان"
التمست الجواب مما اعتلى على وجهها ، قد يكذب الكلَمُ بيسر شديد لكن ما يُبدى بالعين لا يمحى بخِطء اللسان .
رضيتُ عن أمرها و ابتسمت كوني شارفت على الأخذ بيدها له ،ثم استرسلت الحديث مجددا .
"فلتنصتي جيدا لما سأقوله "
سردتُ عليها كل تفصيل علمته عن الوضيع شين باي ، لم أكتفِ بما رواه ييشينغ و إنما أضفت ما توصلت إليه بيوَميّ غيابي.
"لقد فلح بتركيب قصة صدفة لقائكما و تزوير عقد الزواج بعدها أيضا ، هدفه لم يكن ضمك تحت جناحه كما يدعي و إنما بنقل أموالك و إرث والدك له بصفة الزوجية دون علمك طبعا، حتى أنه شرع بذلك ناهبا منك ملكية مدرسة الشرطة بشانغاي ، بيد أنني أحب طمئنتك أني كشفت أوراق خبثه قبل فوات الأوان و قد حولت كل ممتلكاتك لحساب جديد باسم مزور حتى لا يتسنى له إقتفاء أثرك عبر حسابك الأصلي كما أن الأوراق الأصلية و كل السندات المتعلقة بك و بعائلتك وضعتها بأرشيف بيت عائلتي و هي بأمان "
ارمعّل الدمع على خدها و ما خفت لوهلة ، متأكد أنه ارتجّ الكلام عليها ناثرا عليها سحرا أبكمها ، فاجعة والدها قلبت حياتها رأسا على عقب في ظرف وجيز و كم تضيق بي الدنيا لتذكُّر ما آل إليه وضعها .
وددت إطباق شفتي ببعضهما لثوان مراد مواساتها على مأتم زفافها المبنيّ على آجورة الزيف لكن أن الوقت يداهمنا و لا مجال للرثاء و النحيب .
"ستنطلقين بالرحلة القادمة بعد ساعة من الآن، نحو ميونخ و من ثم ستستقلين القطار نحو سويسرا بالضبط نحو قرية لوتيربرونين ، سأرى بعدها إذا ما أحجز لك لرحلة أخرى ، على حسب الأوضاع "
قلتُ على وقع متسارع محاولا جعل نبرتي خالية من الخوف الذي اجتاحني لحظة رميها بخبر إبتعادها عني . تفرقت شفتيها للحديث و هي تنفي برأسها.
"لا، لن أقدر على ذلك، و ييشينغ ؟ لن أقدر.. لن أقدر"
عاودتُ مسك يديها قائلا بجدية أكثر.
"بل يتوجب عليك هذا، سأقوم بكشف حقيقة شين باي للعدالة ، و بعد أن تأخذ مجراها للتحقق في المسألة بنفسها ، ستُكشف حقيقة والدك و سيراودك الشعب للأخذ بثأر الصين ، كونك ابنة و زوجة مزعومة للخونة، لذلك ستحررين لغير بلد دون رجعة و .."
انفلتت من ثغرها صرخة كتمتها بوضع كفها ، جحظت عيناها و ارتعش جسدها خوفا ، تبين بنطقها رُتّة كأنها نست مخارج الحروف .
"ما الذي تتفوّه به ؟ أهذا ما لديك ؟ لن أقوَ على الفرار ثم أن شي.."
قاطعتها مسترسلا كلامي الذي أوقفتني عن إتمامه .
"ستكونين برفقته سيدتي ، سعيت لتهريبه و قد ضربت وعدا للرقيب أن أرفع من منزلته فأجعله رئيسا للسجن إذا قدر على طمس أثر فراره و تسوية الأمر يوم قطع الرأس، أعتذر لهذا لكنه الخيار الوحيد على الساحة"
أنت تقرأ
أَصْفَاد بكين
Fanfictionو ما كان بين يديْها إلاَّ سَقيم النُّهى ، يَبتسِل لها طوعًا و تُسايره كُرهًا . أظَلمْتُكَ كثيرًا؟" "لا ، على العَكس ! تَأسَّلْتِ بالفاروق " ■ زانغ ييشينغ. ■ لي واي جين . ذات فصول قصيرة . كل الحقوق تعود لي ككاتبة أصلية للقصة.