الفصل الحادي والثلاثون

1.5K 76 26
                                    

وبعد أَنْ ذهَبَتْ كلُّ الوُعودِ سُدَى ..
وعادَ صَوْتُكِ مِن بعدِ الغيابِ صَدَى

ها أنتِ تأتينني رُوحًا بلا جسَدٍ
هذا لأنّي أحبُّ الرُّوحَ لا الجسدا

ها أنتِ تأتينَ في صَحوي وفي حُلُمي
وتظْفَرينَ بقلبي أينما وُجِدا

ها أنتِ تأتينَ أُنثى ظِلُّها وطَنٌ
أرى الفُراتَ بعينيها أرى بردى

أرى حدائقَ بغدادٍ معلّقةً
بصَدرِها وأرى في حُزْنِها البلدا

أرى مآذنَ صنعا في أناملِها؛
في وَجْهِها وهَجَ التّاريخِ مُتّقِدا

أُنثى مِن الضَّوْءِ ما مرّتْ بذاكرتي
إلا تساقطتُ أقمارًا وذُبْتُ ندى

ولا تذَكّرتُ عينيها وضحكتَها
إلا تجَلّيتُ إيمانًا وزِدتُ هُدى

أنثى تمرُّ ببالي الآنَ أغنيةً
قديمةً لحنُها في داخلي احتشدا

قصيدةً لم يقلها شاعرٌ، وسَما
ءً لم تجد طائرًا في أُفْقِها غَرِدا

أحبُّها امرأةً ما مثلها امرأةٌ
ولستُ أشركُها في حبِّها أحدا

يا أنتِ يا حقلَ وردٍ في مخيّلتي
مددتُ قلبي لهُ، مدّي إليَّ يدا

لا تقتليني هباءً يا معذّبتي
ولتمنحيني وسامَ النّصرِ كالشُّهَدا

إنّي أحبّكِ جدّا دونما سبَبٍ
فلا تسومي فؤادي البُعدَ والكَبَدا

أريدُكِ الآنَ أن تأتي بلا عتَبٍ
أو فامنحيني فراقًا عادلًا أبدا

إنّي أعيذُكَ يا قلبي مِن امراةٍ
يزيدُني حبُّها نارًا إذا برَدا

عنيدةٌ هيَ جدّاً في الهوى فإذا
صارحتُها ادّعَتِ النّسيانَ والجَلدا

أقولُ : يا ليتَها يا ربِّ ما وُلِدَتْ
تقولُ : بل ليتَهُ يا ربِّ ما وُلِدا

أقولُ: يا ليتَ هذي الحربَ ما وُجِدَتْ
تقولُ: بل ليتَ هذا الحبَّ ما وُجِدا

عينايَ ما بكتا دمعًا على طلَلٍ
وقد تقطّعتِ الأشواقُ بي قِدَدا

فلستُ أدري أَدَمْعي فيهما جَمدا
أم أنّهُ من بكائي منهما نَفِدا؟!

الحبُّ معركةُ العُشّاقِ ما انتصروا
فيهِ، ولا اقتربوا منهُ، ولا ابتعدا

"لقائلها"

أدار سيارته مرةً أخرى بعدما استعاد ثباته لحظات حتى وصل للمنزل، ترجل من السيارة وكاد يفتح الباب الداخلي للمنزل حتى وجده يفتح وتطل هي من وراءه ليعم الصمت المكان وتتقابل الأعين بعد غياب داما طويلًا لتتسع ابتسامته شيئًا فشيء حتى أصبحت إبتسامة كبيرة، تحركت شفتيه قائلة ببطء شديد:

_فريال..!

مازال ينطق اسمها بتلك البحة الرجولية المليئة بالعاطفة الخاصة به وحده، حروف اسمها تخرج من جوفه لتصل لقلبها مباشرةً لتعلن عليه التمرد وتجعله ينبض بعنف مرةً أخرى، فها هي أمام معذب فؤادها وحبيبها الوحيد، ترقرت الدموع في مقلتيها لكنها حافظت على ثباتها قائلة بنبرة جامدة:

عذاب حبـك  "الجزء التاني من جبروت قسوته"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن