مقدمة

699 22 33
                                    













أنا ذلك الطفل مسلوب البرائة … أنا من غدرت بي الحياة … انتظرتني حتى أطبقت جفناي  … فكشرت عن أنيابها … كنت طفلا في الخامسة من عمري … بريئا … لطيفا … حركيا ومشاغبا … محبوبا طيب القلب … لم أعرف يوما معنى الكره والظلم … الأنانية والحقد … القسوة والعنف … تلك المشاعر السلبية لم يكن لها مكان في قلبي البريء …


كانت ليلة هادئة … نائما بسلام أحلم بمستقبل مشرق … أنتظر زقزقة العصافير ليبدأ يومي … لألعب مع أصدقائي … ولكن بدلا من ذلك … استيقظت مفزوعا على صوت طلق الرصاص … انفجار القنابل … ارتطام الصواريخ بالأرض … تحطم المنازل … حركة الجنود …بكاء وعويل من كل الأعمار تتخلله ضحكات شيطانية … ركض من كل الاتجاهات …

" أمي … أبي " … صرخت بها بخوف وذعر … سمعت صرخة أبي المتألمة … مع صوت إختراق الرصاص لجسده

أهــــرب …

أنجوا بحياتك بني





بدلا من ذلك … توجهت لمكان صوته …تجمدت مكاني … أبي ممدد على الأرض ورصاصات ملئت جسده … غارق في بحر دمائه … لفظ آخر أنفاسه بإبتسامة تعلوا وجهه …

خرست من الصدمة … تجمدت مكاني لم أقوى على الحراك … لاحظني أولئك الرجال …  من هؤلاء أعداء لقريتنا ? … قريتنا مسالمة كيف يكون لها أعداء ?


لم أشعر بنفسي إلا وأنا أطير في الهواء إثر ركلت أحدهم … وجه آخر مسدسه نحوي … أغمضت عيني منتظرا نهايتي …

ثانيــــة …

اثنتان … ثلاث

لاشــــــــيء … حرفيا لاشيء

فتحت عيني ببطئ … لتتسع بذعر وصدمة … " أ أمي !" … بذلت جهدا جبارا لنطق هذه الكلمة البسيطة …

كيف لا وأمي استقبلت الرصاصة بدلا مني ? … والأسوء لم ملابسها ممزقة هكذا?… عيناها حمراوتان … من اللعين الذي تسبب ببكاءها ? …


التفت إلي بابتسامتها المعتادة … وقالت بحزم … بنظرة يملئها الحزن : حبيبي أهرب أهرب بعيدا …عش حياتك يا صغيري

لم أتحرك وقبل أن اعترض صرخت:  أهرببب هياااااا

ركضت وركضت … وصلت للباب … اوه عفوا … نسيت لم يبقى لنا باب أساسا المنزل محطم … قفزت خارجا من منزلي … لتزداد صدمتي … مشاهد قاتلة للبراءة … محطمة للنفوس … لن يتحملها الكبار حتى فكيف بطفل بالخامسة !?  … أطفال تقتل  … نساء تغتصب … رجال تمزق  …شيوخ تسحق. … بحرنا وأنهارنا باتت دماءا … سمائنا أمطرت صواريخ وقذائف … أرضنا باتت حفرا وجثثا … رياحنا الممزوجة برائحة الأزهار باتت رائحتها بارود ودم … منازلنا احرقت … قريتنا أصبحت خرابا … زقزقة العصافير استبدلت بالآهات والعويل بالضحكات الخبيثة …


أسير الإنتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن