لستَ صديق

15 2 0
                                    

=حفل مبييييت !
صمّ صراخ " ميوس" الآذان ، مبدياً رأيه .. أو فارضاً إياه علينا ، ما كان مني إلا أن غطيتُ أُذناي بكلتا يداي طمعاً في الحفاظ على آذاني التي أنهكها كثرة الصراخ في الأيام المنصرمة، و بالرغم من ذلك لم أكن الوحيدة التي فعلت !
تعالى صوت صراخ آخر غطى على الأول ، بالطبع هي ذاتُ الحنجرة الذهبية " يوري " ! فصوتها لا يعلى عليه ، آسفة أعني صراخها .
توالت كلمات التوبيخ على " ميوس " الذي تجاهلنا جميعاً واضعاً هدفاً نُصبَ عينيه مما جعلني أنتفض مسرعة لأختطف " يوري " ، و بدون تفكير و لهول الموقف ما كان مني إلا أن وثبتُ فوق الكراسي لأحُطَّ خلفها مواجهةً السلم ، لم أكد أنتهزُ الفرصة حتى وجدتُ " ميوس " أمامي بنفس طريقة الوثبِ خاصتي و عيناه تلمعان كما الثعالب في مكرها مع ابتسامةٍ مشاعبةٍ على محياه، فما كان مني إلا الصراخ :
_ " ميوس " تعقّل !
تراجعتُ كفريسةٍ محاصرة و تقدم من كان أعزّ أصدقائي قبل أن ينقلب ثعلباً ماكراً ، بدا و كأنه سيهجم بجدية لوهلة فتعالت صرخاتي رغماً عني قبل أن يقف " يوكي كون " بيني و بينه في وضعية الدفاع ، بعينين حادتين تبادل النظرات مع ميوس الذي مالبث أن حاول المراوغة التي أفشلتها سرعة " يوكي كون " و انقلب السحر على الساحر فصار " ميوس " الطريدة!
_وااه !
انتفضت بفزع عندما حطت " أسونا " من اللامكان فوق رأس " ميوس " !!!
واضعةً يديها بخصرها و مع نظرة تعالٍ و ضحكة الأشرار وقفت " أسونا " قائلةً:
= نياهاهاهاها ، ألم أحذرك منذ عشر سنوات ! يبدوا أنكَ نسيت أو تناسيت تحذيراتي ! أعلنت عليكَ الجحيم الأبدي " ميووس" .
_ يا إلهي !
دمدمتُ بها بخفوت قبل أن ينهض ميوس و رأسه مخضّبٌ بالدماء و في عينيه دموع و رجاء :
= يوناااا ، صديقتكِ تتنمر عليّ ! ألم تقولي أنني أعزُّ أصدقااااا..!
انتفض " ألن " ممسكاً بكتفي و كأنني درعهُ الآمنُ حين هوت قبضة أسونا على رأس ميوس المسكين مجدداً، فانتفض صارخاً:
= لا تطلقي كلابكِ على الضعفااء !!!
صرخت أسونا :
= من تقصدُ بالكلاب !! ميوس ، سأريك الموت !!
_ أسونااااااااا !
صمت الجميع و صرخت " يوري " صراخاً هستيرياً فزعتُ منه بشدة ، فسارعتُ بهزها بين ذراعيّ في توترٍ شديد ، و امتلأت عيناي بالدموع في ثوانٍ معدودة ، و سكنت حركتي خلال اللحظات التي سارع بها " يوكي كون " بأخذ " يوري " و تهدئتها في رزانة و هدوء ... شعرتُ بالراحة و الإحراج و الحزن بالوقت ذاته ، و انتابني إحساس بأنني غير مؤهلة لرعايتهم لم يغطي عليه سوى ابتسامة حنونة منه ، ما شعرتُ بعدها إلا بالراحة !
_ .. شكراً لك .
- .... ، يستحسنُ بكِ تضميدُ رأس ميوس .
لاحظتُ منذُ فترة هذا الأمر .. " يوكي كون " يشعر بالخجل عندما يتم شكره و لا يعلم كيف يجيب !
ضحكتُ بخفوت و أحضرتُ حقيبة الإسعافات الأولية ، ما إن اقتربتُ من " ميوس " حتى تمسّك بي من خصري و في يديهِ رجفةٌ أحسستُ بها جيداً و بخاصة عندما زمجرت أسونا !
طالعتهُ في أسىً و ابتسامةٌ خفيفةٌ على وجهي بينما عينيه مثبتتان على عينيّ ، فهمتُ منها كُلَّ ما يخالجُ صدرهُ من مشاعر ، أنا و ميوس أكثر من مجردِ أصدقاء ، فقد لازمني منذ الصغر ، و قد كان دائماً بجانبي و أول من أبحثُ عنه إن لم أجده بجواري ، كان أصغرنا بنية و حتى طريقة كلامه كانت كالأطفال ، حتى أنه مرت فترةٌ كان يناديني فيها ب" أمي " !
ضحكتُ قليلاً فتعجبَ ميوس ثم مالبث أن فهم سبب ضحكي ، فراح يداعبُني قائلاً:
= أمي ، وحش مخيفٌ تنمرَ عليّ !
_ ... ههه لا تحزن يا صغيري فالوحوش مسكينةٌ تفتقرُ لقلب رقيق !
نعم ، يمكنني الشعور بهالة سوداء تخرجُ من أسونا ، آسفة أسونا ، لم أستطع تمالك نفسي !!
تمسك ميوس بي أكثر ، قائلاً :
= أمييي، هذا مؤلم !!
فوجئتُ برأس ميوس في يدِ " يوكي كون " و إحدى يديه قد قبضت عليها " ألن " بشكلٍ عنيف ، فهمس ميوس بأعين دامعة:
= أنقذينييي~!
لم أستطع إلا الضحك آن ذاك ، أعتقد لولا حمل " يوكي كون " ل" يوري " لكان ميوس الآن في وضع لا يحسد عليه البتّة !
قاطع ضجيجنا رنين هاتف المنزل ، فنهضتُ لأُجيب و لكن استوقفتني أسونا على استعجال مع حماس غريب في عينيها :
= مكانك ، سأذهب أنا ، عليكِ أن تضمدي جرح ميوس ، حسنا ! سأُجييب ~ ... لا تأتي يونا ، مفهوم ؟!
_ .. حسناً، فهمت !
عجيبٌ أمرها ! التفتُّ لميوس و هو على حاله بين يدي الأشرار ، لا أدري لماذا لكن اجتاحتني نوبة غضب ، فصرخت فيهما :
_ ما بالكما تمسكانه هكذا كما المجرمين؟! أليس صديقكما؟ يديكُما عنه ، الآن !
تركهُ " ألن " قائلاً :
= هذا الفتى يحظى بالكثير من اهتمامكِ ، عزيزتي يونا .. لكن تذكّري أنكِ فتاة !
و انصرف غاضباً بعد إدلائه بتلك الكلمات ، فعزمتُ في نفسي على الردِّ عليه لاحقاً قبل أن ألتفتَ إلى ... !
أدرتُ رأسي سريعاً للجهة اليمنى... ظننت أنّي لمحتُ ظلاً ؟! امم ، عجيب !
عاودتُ النظر ل"يوكي كون " الذي لم ينزع يده عن رأس ميوس ، و قد كان يجدحني نظراتٍ قوية ، و كأنه يقول هاتِ ما لديكِ !
شعرتُ أن الشجار معه سيء فدنوتُ من ميوس جالسة على الأرض ، و أبعدتُ يد الآخر بهدوء بحجة تضميد الجرح ، ثم مالبث أن لحقَ بأخيه الغاضب، أنهيتُ تضميد الجرح و اتكأتُ إلى الجدار بجانب " ميوس " ممسكةً بيده لتبادل حوارٍ لطيف :
_ أتعلم يا ميوس ، اشتقتُ إليكَ كثيراً بشكلٍ مفاجئ !
= هذا طبيعيٌ يونا تشان ، فنحن أكثر من مجرد أصدقاء !
_ .. ألا يفترضُ بك قول " و انا أيضاً اشتقتُ إليكِ " او ما شابه ؟ .. هههه
= نعم ! اشتقتُ لهذه الابتسامة !!
تحدثتُ من بين ضحكاتنا:
_ أنتَ فظيع !
= لن أتحدث عن مدى حُبكِ لهذه الكلمة بالرغم من أن مكانها في حديثنا هذا خاطئ ، دعكِ من هذا ، ألا تقسوا صديقتك عليّ كثيراً !
_ صغيري العاشق يحتاج مساعدة ؟
= و هل ستساعدين هذا العاشق المسكين ؟
_ الذي شجّت رأسه محبوبته؟ إن كان هو فنعم !
= لا تسخري رجاءاً !
_ حسناً حسناً !
ضحكتُ ثمَّ أخذتُ بيدهِ حتى وقفتُ أمام " ألن " و " يوكي كون " :
_ السادةُ الغُضّاب .
صاح" ألن" بتعجب و ضحك :
= غُضّاب ؟؟!!! ليست غاضبون و لكن غُضّاض؟!
_ غُضّاض ؟ من منا الأشنع الآن ؟!
= آسف ، غلبني الضحك فأخطأت ، و لكن لا يزال !!
_ يا إلهي ، يا فتى ! .. اووه على أي حال اسمعا .... توقف عن الضحك ميووس !
جدحتهُ بنظرة قوية و صرخت به فإذا ب" ألن " ينفجرُ ضاحكاً هو الآخر ، فالتفتُّ إليه بغيظ و ما استوقفني إلا صوت ميوس الضاحك، ما كان مني إلا الصراخ :
_ اصمتاااا !!!
حملقا بي قليلاً ثم ضحكا كالمجانين ... يا إلهي ، أنا .. بالكاد أمسك نفسي عن الضحك ... ما هي إلا بضع ثوانٍ و كنتُ قد شاركتهما في الضحك ، و تحدثت بين ضحكاتنا و تحديق " يوكي كون " بنا :
_ على أي حال ، ميوس هو أكثر من مجرد صديقٍ أو أخ ، إنه صغيري اللطيف ، لذا شيءٌ ك"فتاة" و " فتى " لا أضعهُ في الحسبان ، كذلك أنتَ يا " ألن " أنت أخي الغالي و مُتكأي في ضعفي ! أتذكر أول من هبّ لنجدتني حين فقدت وعيي أثناء الركض؟ ههه لقد كان موقفك بطولياً و أعجبت بك فتيات الفصل !
ضحك " ألن " في حرج فتابعت :
_ و من كان بجانبي يواسي وحدتي منذ جئت إلى هنا ، ميوس ؟! من استمع إلى شكواي و بثّ في صدري الاطمئنان و قال أنا بجانبك في كل آن ؟
أنتما بالنسبة لي كالعائلة أيها التافهان، شيءُ كالفتى و الفتاة لا أضعهُ بالحسبان !
طالعني كلٌ منهما بابتسامةٍ و نظرةٍ مُتأثرة ، فبادلتُهما قبل أن يفزعني صراخ أسونا بالهاتف .. ألا زالت تتحدث كل هذا هذا الوقت ؟! .. عاودتُ النظر أمامي فإذا ب"يوكي كون " يحدقُ بي !
_ امم " يوكي كون " ، ما الخطب ؟
- .... ميوس صغيرك و مفضلك ، و " ألن " أخوكِ العزيز ، أسونا صديقتكِ الأغلى ،" يون" أخوكِ الأصغر ، و التوأمان صارا جزءاً من روحك ، و ..
قاطعته في عجلة :
_ وااه ، رويدك ، لما كلُّ هذا ؟!
-.....
تحدث " ألن " من خلف ضحكته :
= ربما يُريدُ أن يعرف مكانته في قلبك ؟!
عاودتُ النظر ل" يوكي كون " فإذا به كطفلٍ صغيرٍ ينتظرُ الإجابة ... و لكن ماذا يكون بالنسبة لي ؟!
_ ... أنتَ .. صديقٌ مهمٌ يعتمدُ عليه ...
صحيح ، ابتسمتُ و في قرارة نفسي علمتُ الإجابة !
_ أنتِ صديقٌ عزيزٌ علينا ، أما بالنسبة لي فأنتَ شخصٌ غامضٌ ظاهرياً و أنت حقيقةً لست صعب الفهم ، بارد ظاهرياً لكن رقيقُ القلب ، شخصٌ محبٌ للأطفال و يعتمد عليه ، ... امم نعم ، أنتَ.. بمثابة والدٍ ل" يوري " و " آوي " !
طالعني أربعتهم بدهشةٍ و منهم أسونا التى لا أدري متى انضمت لهذه المحادثة !
أسونا :
= يونا ...
ميوس :
= أعتذر يونا تشان ، لكن ..
ألن :
=هذه ليست إجابة ، عزيزتي يونا !
_ ؟؟؟!
يوكي :
- .. هذهِ ليست مكانتي بالنسبة إليكِ ، بل أهميتي الوجودية ..
_ ... أنا .. لم أفهم الأمر تماماً يا رفاق و لكن ، امم .. حسناً أعتقدُ أنكَ صديق ..
- صديق ... تعتقدين ، هاه !
_ لا ليفي ،لست صديق .. بل رفيق !
- ؟!!!!!

قدرى فى العالم الاخر  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن