تأملت قطرات المطر المتساقطة ، أغمضتُ عيناي و أرهفتُ السمع لأستمتع بصوت المطر ، إنها تغني ، .. قطرات المطر هي بالتأكيد تغني ، و أنا أعشق أغنيتها ، جاء يون كون قاطعاً شرودي ، عيناهُ توحيان بوحدته ، أعتقدت هذا منذ فترة ، إنه مشتاقٌ لدلال والدته ، كلانا كذلك ، أنا أفهمهُ جيداً ، أجلستُ يون كون في حضني و ضممتهُ إلى صدري مربتةً على رأسه ، .. كم أتمنى أن يفعل أحدٌ لي ذلك ، أغمضتُ عيناي من جديد حين انتظمت أنفاس يون كون معلنةً عن نومه ، أسندتُ رأسي للنافذة ، عادت بي الذاكرةُ إلى اليومين الماضيين ، حين حاولت التواصل مع ريوكو العديد من المرات ، وجميعها بائت بالفشل ، أتسائل إن كان سيستجيب لي هذه المرة ، سرت رجفةٌ بجسدي، أشعرُ بالخوف ، أتسائل مما أخاف ؟ ، .. حركتُ شفتاي بثقل ، أرجوك أجبني هذه المرة :
_ ريوكو!
... لم أفلح ، هذهِ المرة أيضاً .. ريوكو لا يجيبني ، يكفي هذا ، أشعر بالنعاس ، ربما أرتاح من كثرة التفكير إن نمت .
.. أليس هذا المكان المرج الذي التقيتُ به ريوكو ! و لكن ، .. ألم يفشل الاستدعاء ؟!
= يونااا !
التفتُّ إليهِ بدهشة و سعادة :
_ ريوكو ! لقد أجبتني أخيراً !
= ماذا ؟ أحاولتي استدعائي قبلاً و لم أستجب؟
_ بلى ، كثيراً ، لكن لا بأس الآن .
= آسفٌ يونا ، حدثت الكثير من المشاكل مؤخراً ، الملك الأحمق تسبب بانقلاب حلف الوزراء عليه ، و الآن توجد الكثير من النزاعات السياسية و محاولات الاغتيال ، أصبح عليّ أن أكون يقظاً .
_ توقعتُ حدوث هذا عاجلاً أم آجلاً ، أتمنى حقاً أن يستطيعوا نزعهُ عن العرش دون إراقة الدماء .
= لا يبدوا أن الأمر سيمر على خير ، دعكِ من هذا كيف حالك ؟
_ .. بخير ، بأفضلِ حال .. أعتقد ذلك .
لا يمكنني إخباره .. لديه ما يكفي من المشاكل ، .. بالرغم من أني كنت أريد أن أشارك سر مرضي معه علّه يخفف عني الحمل .
= تعتقدين ؟
_ هيهي، ما أخبار أسونا ؟
= أسوناااا، تلك الفتاةُ الغريبة اختفت فجأة ، أتسائل حقاً إلى أين ذهبت ، بالرغم من أنها تعود بين الفينة و الأخرى.
_ ههههه ، لأنها معي ، كن شاكراً أنها تعود لأجلك !
= ماذا ماذا؟ أنا لا أفهم حقاً أمر العالم الآخر ، كيف تنتقلان إليه ؟ أريد أن آتي أيضاً !
_ لا أعلمُ حقاً ، لو كنتُ أعلم لربما ... لا لم أكن لأفعل .
= ماذا؟
_ ما كنت لأعود إلى عالمك ، لا يمكنني مواجهته ، لا يمكن لذاك العالم أن يحتويني، لقد أصبحت حملاً ثقيلاً !
= .. أنتِ تهربين فقط يونا .
_ لا أفعل ! أنا فقط أعثر على حياةٍ جديدة أستطيع التقدم بها !
= هذا أيضاً يعتبر هرباً !
_ .. !!!!
أكنتُ أهرب ؟ طوال هذا الوقت !
_ .. أنا عائدةٌ ريوكو .
= بهذهِ السرعة ؟ هل أغضبتك ؟
_ لا ، انت محق ، أحتاج فقط للتفكير بالأمر بشكل جيد ، أراك لاحقاً ريوكو .
= نعم ، اعتني بنفسك .
_ .. حسناً .
= أراكِ لاحقاً .
حين استيقظتُ كانت الساعةُ الواحدة صباحاً ، تباً ، كيف نمت بهذهِ الوضعية ، جسدي يؤلمني ، لا شك أن يون كون كذلك تعب من النوم بحضني ، حملتهُ و صعدتُ إلى غرفتي ، وضعته بالسرير و كذلك نمت بجانبه ، أشعر بالإرهاق ، كما أن خفقان قلبي بدأ يعلو ، إنه يجعل من الصعب النوم و لكن سأحاول النوم قبل أن يصبح أكثر إزعاجاً ، .. صحيح ! حين ذهبتُ إلى الطبيب قال أن حالتي سيئة ، و أنه يجدرُ بي التقليل من النشاطات المجهدة ، كما أنه عرض علي أخذ إجازةٍ من المدرسة ، ما فائدةُ الإجازة ، لن ينتج عنها سوى حبسي بالمنزل ، هذا مضجر، سأكون بخير في المدرسة لذا لا بأس ، بالإضافة إلى أنه في اليومين السابقين أكثر يوكي كون من البقاء بقربي ، في المدرسة ، الحصص ، الاستراحة ، كذلك يعود معي إلى المنزل، أتسائل لما أصبح قريباً مني فجأة .... غططت بالنوم بينما أفكر .. لم يوقظني سوى صوت الجرس المزعج ، نهضتُ بتثاقل و نظرتُ بالساعة الهاتف فإذا بها الخامسة و النصف صباحاً ، خرجتُ بهدوء لألا أوقظ يون كون ، هبطتُ الدرجات مسرعةً بعد أن ارتديتُ سترةً أدفءُ بها جسدي المرتجف من برد شهر نوفمبر ، فتحتُ الباب بحذر ، .. لا أحد ، فتحتهُ أكثر ناظرةً إلى ما أمام الباب ، فإذا به .... رضيعان !!!! يا إلهي أهذهِ مزحة!! تخطيتُ عربة الرضيعان بسرعة لأقف بمنتصف الشارع أبحث عن أي شخص ، لا أحد !! بالكاد أطلت الشمس بأشعتها البرتقالية ، أضفت على الشارع لون الشروق المنعش ، و الذي كان كالورطة بالنسبة لي في هذهِ اللحظة !!
عدتُ إلى الرضيعان و أدخلتهما إلى المنزل سريعاً ، نظرتُ إليهما بتعمق ، إنهما توأم ، فتىً و فتاة ، لطيفان جداً !! لديهما شعرٌ ذهبي ، إنهما نائمان لذا أتسائل ما لون عينيهما؟ لااا انتظري ، هذا ليس وقته ، يا إلهي ما الذي يجرُ بي فعله !!!! ..... حسناً أولاً .. لأستغل نومهما و أذهب إلى متجر الحي سريعاً !
كنت أرتدي فستاناً أزرق طويلاً منذ الأمس ، لم أبدله للبيجاما لشدة إرهاقي ، بالإضافةِ إلى السترة البيضاء التي ارتديتها منذ دقائق ، لم يشبني سوى شعري المشعث إثر النوم ، صعدتُ إلى غرفتي سريعاً آخذةً حقيبتي و بعض النقود ثم هبطتُ لأرتدي حذائي الرياضي و خرجتُ في عجلةٍ من أمري خشية أن يستيقظا بينما أنا بالخارج، وصلتُ إلى المتجر ركضاً ، و لحسن الحظ لم يؤثر هذا علي كثيراً ، توجهتُ إلى قسم مستلزمات الأطفال و أخذتُ الحفاضات و علب الحليب بالإضافةِ إلى أكواب الرضاعة ، بينما أنا قاصدةٌ موظفةَ الحسابات اصطدمتُ بشخصٍ ما ، اعتذرتُ سريعاً و حاسبتُ على مشترياتي ثم عدت بنفس العجلةِ التي ذهبتُ بها ، حين وصلتُ إلى المنزل كان هناك صراخ فظيع ، حيث كان يقف يون كون بصدمةٍ و توتر يحاول تهدئة الطفلة الباكية و التي تسببت ببكاء أخيها، توجهتُ إليها سريعاً و حملتها بينما أربتُ على أخيها ، هدأ الصغيرُ سريعاً ، بينما ظلت هي تبكي ، أخذتُ أتجول في المنزل بينما أحملها ، و حينما خف بكائها دندنتُ أغنية هادئة ، و لحسن الحظ جذب هذا انتباهها فتوقفت عن البكاء ، تنهدتُ بأريحية قبل أن يأتي يون كون بتوتر ، فهمتُ ما يريد قوله فأردفت:
_ حين استيقظت وجدتهما أمام الباب ، آسفة يون كون ، لم أدري ما الذي يفترض بي فعله .
= فهمت ... إذاً ما الذي سنفعله؟
_ ... لا أدري حقاً ... ربما ... لا .. لا لا لا .. لا يمكنني إخباره الشرطة ، إن لم يعثروا على والديهما فسيوضعان في ميتم ! لا يمكنني المخاطرة ، كما و أنه من المحتمل أن يكون من وضعهما أمام الباب أحد والديهما ، ... ما باليد حيلة ، سأعتني بهما .
= ك .. كيف ؟!
_ ... لا أدري يون كون ، لا أعلم ، لدي خبرة في الاعتناء بالأطفال و لكن ليس وحدي ، اعتنيت برضيع عمتي قبلاً لكن كانت عمتي برفقتي، الآن لا شخص أعتمد عليه بهذا .
= .. ا .. اعتمدِ علي !
نظرتُ إليهِ و ابتسمت :
_ إذاً أيمكنني أن أعتمد عليكَ بتحضير الحليب للأطفال ؟
= !!!!! ... اعتمدِ ع .. علي .... كيف أصنعه؟
ضحكتُ و أخبرتهُ طريقة إعداده ، عاد بعد دقائق حاملاً كأسا الحليب ، جعلتهُ يمسكُ كأس الحليب للطفل بينما أرضعتُ أنا الفتاة ، التفتُّ إلى يون كون فجأة متحدثة :
_ يون كون لنسميهم!
= بماذا نسميهم ، لا فكرة لدي !
_ اممم، ... ماذا عن يوري و آوي ، يوري للفتاة و آوي للفتى، ما رأيك ؟
= إذاً يوري تشان و آوي كون ، .. هل سأكون أخاهم ؟
_ بالتأكيد ، ستكون أخاً جيداً يون كون .
ظهرت علامات السعادة الشديدة على وجه يون كون ، ابتسمتُ لسعادته ، أنا أيضاً أشعرُ بالسعادة ، و بشيءٍ آخر ، شيءٍ غريب ، لا يمكنني سوى القول أنني مسؤولةٌ عنهما، بطريقةٍ ما أشعرُ أنهما كنزي !
لحظة لحظة ، دائماً ما كنت أحب شعور الأمومة و أعشق الأطفال ، و إحدى هواياتي قارئة المانجا و مشاهدة الدراما و الأنمي اللذان يتحدثان عن الأمومة ، لكن أليس من الغريب أن أشعر هكذا تجاه طفلين بالكاد رأيتهما؟! ..... بالرغم من ذلك ... أحبُ هذا الشعور !
أنت تقرأ
قدرى فى العالم الاخر
Romanceماااذااا؟؟! أميرة .. أنا ... لكن كيف حدث هذا ؟ لماذا الملك والملكة ... ما الذى يحدث ؟؟ لم أكن أعلم شيئا ... السر خلف شعرى الاحمر هذا .. الذى كان غريبا بالنسبة للجميع دائما ... وسعي البعض خلف شعرى .. الإثبات على انى أميرة!! انا لا احتاج مقدمات...