.
لا تَسْتَنبط الأَفكار وتَسْتحلِي الزُّورِ، رُبما ستَرى الوُجود كما أَراه يومًا، ولِنرى هل أنا مُدعي حزن كما تجزم، أَطْلي كل لونٍ بالسَّواد، أم أن مُقلتاي قد غُلفتا به عند وِلادتي، هل للألوان وُجود حقًا؟ أم أنها كِذبة غَلفناها بِحُلو الكلام؟
هلوساتٍ بأوقاتٍ قابلة للعيش، كذبة تمنعنا من قطع آخر أنفاسنا، ليل ينتهي وليل يأتي، بأنتظار حبورٍ لم نلمحه ولو سهوةً، أحضر مدادًا وحبرًا لننثبت ذكرى أناسٍ لم يُعرفوا يوما ، ربما الهَلوسات هي الواقع المَنسي، أو لَفحات هواءٍ من نعيمٍ مهجور، لم يبقَ من أطلاله سوى البَتلات، ما اندثر لا يُرمم فثبت قدميك في الواقع، أم تريد أن تحتجز في براثن أفكارك؟جلس نارسيس يحدق بالبحر، لا يعكر هدوءه سوى صوت تلاطم الأمواج، يحدق ببريق المياة بلا حياة بعينيه، لا دليل على استمراره في التنفس، لم يرمش منذ وقت حتى، أمسك رأسه بكلتا يديه وأخذ يغمض عينيه بشدة، لو كان اقتلاع ما في رأسه ممكنًا لفعلها منذ أمد.
التعايش مع الأصوات برأسه هو كل ما استطاع فعله، لكنه يفقد السيطرة في أغلب الأحيان، تكون سورينا معه وقتها لكنه سئم الإتكاء عليها.انفجر يضحك حتى دمعت عيناه،. إنها أحدى نوبات هلوساته الفجائية، ظل يضحك ويضحك لا يعلم كم مر من وقت، توقف في النهاية واستمر بالبكاء، أمثاله غير قابلين للاستيعاب، حتى أنفسهم لا يفهمونها، كان هذا رأيه الراسخ عن نفسه
ربما في مكان آخر، في حياة أخرى سيتحرر من نفسه......
سورينا~^
"متى عُدت؟"
"الآن"
"تبدو شاحبًا ما بك؟"
"أنا بخير"
"لكن"
"سورينا اصمتي قلت أني بخير"
دلف إلى غرفته وأغلق الباب بوجهي، لأكون صريحة شعرت ببعض الغضب لبضع ثوانٍ، لكنه أخذ في التلاشي، إنه أخي في النهاية أتمنى لو استطيع مساعدته، هو يخوض حربًا مع نفسه يحتاج أن يكون أحد بجواره تارة وأن يكون وحيدًا تارةً أخرى، لو كنت أقاسي من الانفصام لقتلت نفسي منذ أمد، أنا سعيدة بقدرة تحمله تلك، لنتمنى أن تستمر فقط.
ابعدت عن غرفته ،لكن سرعان ما توقفت إثر التردد
دفعت الباب بقدمها فأصيب نارسيس بالفزع ووقع من على سريره"ما ال.."
"مهلًا مهلًا دعني أحكي لك قصة"
"لا أريد اخرجي"
"أشعر بالضجر ودوينا ليست هنا هيا"
أنهت جملتها بنظرة متوسلة فتنهد نارسيس
"لا تطيلي فقط"
ابتسمت بانتصار وسحبت كرسيًا، وضمت قدميها مُسْنِدةً الكتاب.