أَلَسْتُ بشَرِيد ؟"

15 2 6
                                    

.

سقطت الشمس تتابعًا مع إنهاء نارسيس لجملته
لا شئ يبدو موجودًا الآن، أو بالأحرى كانت حياة دوينا سرابًا منذ البداية
الهدوء يهيم على الأجواء، فقط النسيم من يعزف مقطوعةً منسية يحرك شعرها كالأفعى الآثمة.
نظرت دوينا لأخويها،. علامات الرعب و الصدمة على تقاسيم وجهيهما، كيف انتهى الحال بها هنا؟
البقعة المفترض وقوف ليون بها منذ قليل فارغة
كما هو الحال بداخل عقلها، لُجمت الحروف بلسانها، وكأنها أدركت وجود الأغلال في هذه اللحظة.
تربط عقلها، روحها ووجودها

اقترب نارسيس بضع خطواتٍ، ابتلع ريقه وأردف
"لنعد للمنزل دوينا"

سورينا بجانبه على بعد بضع خطواتٍ،. لم تنبس ببنت شفةٍ منذ أتت، حاجبيها معقودين بشدة ويوجد عرقٌ منتفخ بجبهتها.
نظرت دوينا بطرف عينها لأسفل الجبل ، ثم بدأت الاقتراب.
خطواتٌ ثقيلة كروح صاحبها بلا اتجاه أو مرساة
تنظر على الأرض أمامها

لم يستطع نارسيس إدراك ما يحدث أو توقعه
قامت دوينا برش الغبار بعينيه و ضربه بحجرٍ كان تحت قدميها
و بسرعةٍ كالأفعى قامت بدفع سورينا بعيدًا عن الصغيرة لينار، ثم أطلقت ضحكة كفحيح الأفعى
دفعت الصغيرة بقدميها، إنش واحد يحول دون وقوعها
جرتها سورينا من شعرها
فدفعتها دوينا ناحية الفتاة و سقطت كلتيهما

                              ...

||قبل شهرٍ من الوقت الحاضر ||

"يكفي توقفي عن هذا"

"لِمَ أستمع إليك أيها الكهل  الغبي"

"فقط توقفي، توقفيي عن رشي بالماء آرين!"

قهقهت المعنية بصخب حتى غمر شعرها الرمال، المياة تداعب قدميها أثناء المد
نارسيس ينظر إليها من الأعلى عاقدًا حاجبيه بغضبٍ مفتعل ، لن  يستطيع استكماله بأي حال،  نظرت له آرين من فوق الرمال، تسند ذقنها على يديها ومرفقيها على الأرض
ابتل شعرها بالماء المالح نازلًا إلى جبهتها،
احمرار بسيط قد تكون عند تلك المنطقة

"ساعدني في النهوض"

نبست آرين بعد بعض الوقت، لا يعلم كليهما كم بالتحديد، توقفا عن إدراك الزمن أو الاهتمام به بأي حال.
هنا على شاطئ الجزيرة الهادئ سوى من صوت الأمواج،. قرص الشمس يستقر بالأعلى يراقبهما، ربما قد تزوره الشمس يومًا لمراقبة ذلك الثنائي.
نسمةٌ عبثت بشعر نارسيس مبعثرةً إياه، ثم دخلت لغابة شعر آرين الأسطورية، تلمع خصلاتها بأشعة الضوء و تتحرك كالموج أمامهما.

بدآ السير بمحاذاة الشاطئ
لا يهم لأين أو متى، ما يهم وجودهما في هذه اللحظة.
بعد فترة قررا العودة، ربما الذهاب للشلال في وسط الجزيرة، أو الهيام بالحقول والمروج،. لكن هل تهم الوجهة؟

وجدا نفسيهما عند الشلال بالنهاية
أصابعهما متشابكة
قد يقوم نارسيس باقتطاف بعض الزهور لها أحيانًا أثناء المسير.

توقفت آرين عن السير فجأة

"أليست تلك دوينا؟"

استقرت نظرات نارسيس على المعنية

كانت دوينا جالسة على أحد جذوع الشجر المقطوعة،. أمام الشلال، قدمٌ تتدلى لأسفل والأخرى قريبة من حضنها.
يستقر أرنب في يديها اليمنى
نظرت دوينا لآرين، وابتسمت

لكن، لماذا لا يتحرك الأرنب؟

||بعد بضعة أيامٍ ||

" دوينا فقط توقفي، لماذا تفعلين ذلك بي!"

نطقت آرين بصراخٍ مبحوح، الدموع تترقرق من مقلتيها،. يداها ترتعشان قليلًا.

نظرت آرين حولها ، الكوخ مبعثر تمامًا، الدماء على الحوائط، و رءوس الأرانب بكل ركن
لقد تكرر هذا المشهد بضع مراتٍ، منذ رؤية آرين لدوينا منذ بضع أيامٍ، وإدراكها لكون الأرنب بيد دوينا ميتًا، الجروح تغطي رقبته وكأنه تعرض للخنق، و دوينا تقتنص كل فرصة لجعل حياة آرين جحيمًا
كلما عادت للمنزل تجد الدماء بكل مكان، ذات مرة وجدت مقلتا أرنب منتزعة على الطاولة، تقيأت ليومين بعد ذلك

تنظر لها دوينا بكسل، ابتسامة خفيفة على شفتيها، لا تنطق بأي رد في كل المرات
فقط تكتفي بالنظر بهدوء.

"دوينا أرجوكِ تحدثي"

خرج صوت آرين كالهمس، صوت المطر تفجر في السماء، الجو ينذر بعاصفةٍ ، استمرت دوينا بالتحديق، لم تكتفِ بذلك هذه المرة
أخذت في الاقتراب ببطء،. شعرها يحجب عينها اليسرى، انفجر البرق بالخارج مضيئًا وجهها في الظلمة لوهلة، تقترب وتقترب، تترنح كالأفعى.

لم تستطع آرين إدراك ما يحدث حتى،
كانت دوينا تقترب منها في لحظةٍ ، والتالية كان هناك فقط، ظلام

استمرت دوينا بضرب رأس آرين بالجدار، مجددًا و مجددًا، كم مرة؟ هل يهم هذا؟
تشعر أنها في النعيم الآن
أدركت ذلك مؤخرًا فقط، اللذة
هذا ما نعت ليون ذاك الشعور
حين يتلاشى كل أثر للحركة في الجسد
ويعم اللون الأحمر الرؤية
حين ترتعش يداها  من النشوة بسبب خنق أرنبٍ أو عصفور
حين يتعالى الصفير، وتنفجر الضحكات من فم دوينا ، يملأ الهواء رئتيها، فتخرجه بزفرةٍ  كالنسيم.





ألقول الغَيْمِ أصُولٌ للارتواء ؟

رَجْفَة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن