أخذت السهام واحداً تلو الآخر تتساقط على الشجرة وأصيب جلجامش بثلاثة سهام في ظهره وواحد في خاصرته إلى أن اقتربت السهام كثيرا جداً فعكس جلجامش قطب المغناطيس بسرعة وتنافرت السهام مبتعدة للاعلى أما الشجرة فأخذت تسقط بسرعة لكنها كانت قد اقتربت من الصخور وسقطت الشجرة أخيراً
كان السقوط شديداً جداً لكن لحسن الحظ قفز جلجامش من الشجرة بسرعة واستطاع السيطرة على توازنه وتثبيت قدماه على صخرتين متقاربتين ثم قفز للضفة حاملاً عشتار واختفا بين الأشجار
فكت عشتار رباطها بسرعة قائلةً: دعني أرى جراحك اخلع ردائك
خلع جلجامش رداءه وقامت عشتار بنزع الأسهم واحداً تلو الآخر
كانت الأسهم الثلاثة التي أصابت ظهره لم تنغرس عميقاً نظراً لسماكة فرو الذئب لكن السهم الذي أصاب خاصرته هو الذي قد غرز عميقاً لدرجة أن عشتار حاولت نزعه مراراً لكنها لم تستطع فانتزعه جلجامش بقوة وشق رداءه وقامت عشتار بلفه حول خاصرتهنظرت عشتار إليه بقلق والدمع في عينيها قائلة: هل يؤلمك
ضحك جلجامش وقال: لاعليك أصبت بجروحٍ أعظم من هذا سيلتأم قريباً دعينا نذهب لطقسوس
عشتار باستغراب: من طقسوس!
جلجامش: شجرة المطاط هيڤيا تدعى بطقسوس أيضاً حين نجدها خاطبيها بالسدرة هيڤيا
عشتار: ولما سدرة وليس شجرة
جلجامش: يطلق مصطلح سدرة عادةً على الشجرة الطيبة ومع أن هيڤيا شجرة خبيثة لكن تسميتها بسدرة هو نوع من الاحترام وعلو الشأن عند الأشجار
عشتار: وهل تهتم الأشجار بالمسميات أيضاً ياللعجب
جلجامش: لكل شيء عالمه الخاص
عشتار: ألا تستطيع قطعها وقتلها واستخراج المطاط منها بسهولة
جلجامش: لا فيجب أن يكون المطاط حيوياً وخالٍ من السم فإن قتلتها يفقد حيويته وينتشر به سمها علاوة على ذلك هي شجرةٌ قوية جداً
مشى جلجامش وعشتار كثيراً في هذه الغابة الممتدة على طول الشاطئ بحثا عن شجرة المطاط هيڤيا
إلى أن وصلوا أخيراً لشجرة عظيمةٍ جدا ضخمة ويابسة
أرجع جلجامش عشتار وراءه وتقدم أمام الشجرة
جلجامش: أيتها السدرة هيڤيا جئناك بسلام نطلب قليلاً من مطاطك النقي
بدأت أغصان الشجرة بالاهتزاز والتحرك ببطء حتى أحاطت بهم من كل جانب
هيڤيا: ما أنتم
جلجامش: أنا أمير جنٍ مظلوم بغا علي ملك جائر واحتل قلعتي وقد قطعت وعداً على نفسي أن أدفع ظلمه وهذه زوجتي الإنسية
تعالت ضحكات من الشجرة هيڤيا بصدىً مرعب وقالت: جنيٌ متزوج بإنسية ها
لقد سمعت عنك اقتربي أيتها الإنسية دعيني أرى مالذي جعل هذا الجني البائس يعشقك