الفصل الحادي عشر.
يزن وجهه بإرهاق شديد نظرًا لهذه الفترة المليئة بالاجهاد والعمل..حيث قرر سليم الاختفاء لمدة ثلاث أسابيع كاملة، لا يعرفون له طريق، تاركًا إياهم في صخب أفكارهم القلقة، وحالة التوتر التي أصابتهم بعدما انفصل عن شمس في تلك الليلة المشؤومة، حاول الاتصال به مرارًا وتكرارًا، ولكن دائمًا هاتفه مغلق، وكأنه يقطع كل طرق الوصول إليه..حتى صديقه الوحيد سيف أقسم على عدم معرفته مكان اختفائه.
- "هو عيل يعني..براحته".
يذكر ذات مرة قالها لوالدته من شدة غضبه المكتوم، لن ينكر أن قلقه على أخيه الغائب تفاقم بشدة، بكاء والدته من ناحية، وصمت شمس الدائم وكأنها إنسانة أخرى يلعب فوق أوتار تماسكه أيضًا...ناهيك عن عزلة أبيه الدائمة منذ مغادرة سليم للمنزل..وأسئلة يزن عن أبيه التي لا تنتهي..تراكمت مشاعرهم المعقدة وهو لا يمتلك أي قدرة على حلها، يختار الصمت كطريق للهروب، حيث كان غير مدركًا ردة فعل أخيه..لقد ظن أنه سيثور ويغضب كعادته...وبعدها تزول عاصفته، ولكن يبدو أن سليم مازال يعيش في كنف الماضي، وأن ما فعلته شمس ليس سوى القشة التي قسمت ثباته..بل أنها كانت الدفعة القوية التي جعلته يتخلى عن كل شيء، وترتب على ذلك معرفتهم جميعًا لأهميته..بعدما ترك مسؤولية المنزل وإدارة المحلات فجأة لهم.
ارتمى يزن بجسده فوق فراشه بعد ليلة طويلة قضاها حتى الصباح يتابع الفواتير الخاصة بالمحلات..ومن فرط التراكمات بالمحل لم يستطع متابعة الباقي، وطلب المساعدة من زيدان الذي اعترض وثار وكعادته وضع اللوم كله في كافة سليم.
اندفع الباب بقوة، فرفع يزن رأسه يطالع زيدان الواقف أمامه بوجه غاضب، وصوت خشن يسأله:
- قولتلي عليا الدور في انهي محلات.
زفر يزن بحنق مجيبًا:
- هبتعهم في رسالة.
التفتت زيدان نحو الباب مغادرًا..ولكنه عاد واستكمل حديثه بضيق:
- يزن أنا بجد مبفهمش في الشغلانة دي، كمل أنت النهاردة.
انتفض يزن من مكانه، قائلاً باعتراض:
- لا..أنا منمتش من امبارح حرام عليك شغل المعرض والمحلات فوق راسي، شيل معايا شوية.
كور زيدان يده بغضب، وجز فوق أسنانه بعنف:
- نفسي اعرف سليم باشا اختفى فين، وسايبنا متبهدلين كده..أنا حاسس أنه بيعقابنا.
التوى فم يزن بتهكم واضح:
- حاسس مش متأكد..سليم فعلاً بيعلمنا الادب.
- يبقى مجنون..بيعلمنا الادب في الشغل والفلوس وفي اسم قعد سنين يبنى فيه.
أنهى زيدان حديثه بعصبية، غير مدركًا أن خيبة الأمل التي يمر بها أخيه تفوق المال والحفاظ عليه.
أنت تقرأ
ندبات الفؤاد
Любовные романыستظل ندبات الفؤاد دفينة الجزء المظلم بداخلنا...لا دواء ولا فرار منها، حتى تغمرنا بضلالٍ يمزق أرواحنا الشاردة في فلك ماضينا الضائع!. ندبات الفؤاد الجزء الاول من سلسلة مابين نبضات القلب وندباته