الفصل الرابع.
استندت شمس على وسادتها تتطلع لمنظر الفراش الفوضوي، وشعرها الأشعث تحاول ترتيبه للخلف، حاولت منع ابتسامتها الحمقاء ولكنها فشلت، حركت بصرها لنقطة ما وسمحت لنفسها بالغوص في عناقهما الدافئ، حيث مازال تاركًا أثاره في نفسها، وأثناء تأملها خرجت تنهيدات عميقة تعبر عن مدى حالميتها وافتتنانها بفارسها ومعذب قلبها " سليم الشعراوي".
همهمه خرجت منها وهي تستسلم لتيار ذكرياتهما معًا، منذ بداية انتفاض قلبها الغض له، مرورًا بأيام مراهقتها التي تركت العنان لمشاعرها البريئة تندثر في كنف الحب،.. ابن الجيران... الفظ الغليظ الذي كانت تراقب تصرفاته عن كثب، تظهر أمامه بتخطيط منها كي تخطف نظرة منه تحتفظ بها داخل قلبها الأرعن.
عبست بوجهها حينما تذكرت كلماته الجافة كلما حانت الفرصة لهما بالتحدث، بحكم جيرتهما وصداقة عائلتهما معًا.
وفي ظل صخب ذكرياتها، تلألأت ذكرى جميلة تحتفظ بها في أعماق قلبها، ترفض التخلي عنها، تتذكر دقات قلبها العنيفة حينها، كيف كانت تتطرق تأهبًا لحديثه الصادم والمزلزل لكيانها..
**
وقفت شمس بجانب والدها تطالع سليم ذاك الشاب الذي يرهق قلبها بحبه، فقد قاومت وسامته التي جذبت أنظارها وأنظار فتيات الحي جميعًا، فتى أحلامهن الذي تتوفر به كل الصفات بداية من ملامحه الرجولية الخشنة، وطوله الفارع وتناسق جسده .. ناهيك عن سيارته الفارهه وامتلاكه لمحلات الذهب والمجوهرات..فكانت أحلامهن تافه بقدر عمرهمن الصغير..ولكن هي كانت في عالم آخر، عالم تذوقت به حلاوة الحب لأول مرة.لم تنكر مراقبتها لحركاته بجنون، أو مثلاً نبرة صوته التي تحفظها عن ظهر قلب، فواقع رنينها يمثل سعادتها كسعادة راقصة بالية تتعلم أولى خطواتها على نغمات هادئة، ترسم بخيالها مشاهدهما الرومانسية اللطيفة والتي كانت تنسجها من عقلها الباطن.
كانت أحيانًا تقاوم وأخرى تستلم، وقعت في حيرة الحب، لاعتقادها أن مشاعر الاعجاب من ناحيتها فقط، بسبب اصطدامها الدائم بمعاملته الجافه معها خصيصًا، وعقب كل لقاء تنخرط في بكاء حار عما أوقعت نفسها به، كانت شبه ضائعة شاردة، تجاهد التحكم بنبضات فؤادها أمامه.
ضغطت شمس فوق يد والدها وهي تجاهد مشاعرها الثائرة بفعل نظراته التي كانت تشملها في هدوء اثار ريبتها، لأول مرة تتجرأ نظراته وتتجول فوق ملامحها بهذا الشكل المخجل، فدائمًا كانت تنتظر منه التجاهل وكأنها لوحه فقدت رونقها.
ارتعشت شفتاها بخجل، وندمت على موافقتها للمجئ إليه كي تقتني هدية لها من إحدى محلاته لأعجابها بذوقه الفريد.
حركت رأسها برفض، وكأنها ترفض الانصياع خلف مشاعرها، فاهتمام والدها بها في تلك اللحظة يستحق التقدير، يكفي سعادته بتفوقها في الثانوية، وتحقيق حلمها بالتحاقها " بفنون جميلة"، حيث كانت تتطلع لتنيمة موهبة الرسم والتي رزقت بها، وجاهدت توسيع مداركها بها حتى في دراستها.

أنت تقرأ
ندبات الفؤاد
Romanceستظل ندبات الفؤاد دفينة الجزء المظلم بداخلنا...لا دواء ولا فرار منها، حتى تغمرنا بضلالٍ يمزق أرواحنا الشاردة في فلك ماضينا الضائع!. ندبات الفؤاد الجزء الاول من سلسلة مابين نبضات القلب وندباته