الفصل التاسع عشر.
دخلت شمس بعيون شاردة بعدما غادر سليم منزلها، لم تفقه سبب جموده وهو يخيرها بأمرًا كمثل هذا، لم تشعر بحزنه وهو يطلب منها ترك شيئًا تحبه بل ثابرت من أجله، لقد ظنت أنها ستنهي معه الحديث بقرار يريح به صدرها المضطرب خوفًا من فقدانه..ولكنه كان يتحدث بثقة وكأنه متأكد من اختيار قلبها له.
جلست أمام والدها تنظر له برجاء كي يساعدها في اختيارها..اختيارًا أصبح كالمعضلة أمامها لا تجيد التفكير به بطريقة سليمة، بل أن اختيارات مصيرية كمثل هذه تصعب على فتاة مثلها عاشت في قوقعة من الاحلام البسيطة بالالتحاق بكلية تريدها وزواج برجل امتلك فؤادها.
وحينما شعر والدها بمدى اضطرابها، وتجمع الدموع بمقلتيها، فبادر بالتحدث بأسلوبه الهادئ والذي لم يخلو من الحنو ليربت فوق قلبها الضائع.
- مالك يا حبيبتي، سليم قالك حاجة ضايقتك.
هزت رأسها بإيجاب وبصوت مبحوح أخبرته:
- أيوا.
التزمت الصمت بعدها لدقائق تنظر لوالدها بتفكير، تُرى ما ردة فعله حينما يعلم بقرار سليم بحقها هل سيغضب؟!، سيثور ويمنعها عنه بعنفوان يكسر قلبها الحزين والذي يبدو أنه لم يكتب عليه السعادة الدائمة!، تخيلت فقدانها لسليم الذي ثابر قلبها من أجله، جاهد على نبضه كي تحظى به، بعد حرب خاضتها في الصمت تراقبه بشغف الهب صدرها بنيران الحب الصامت..
- في إيه يا شمس، اتكلمي!.
تنهدت بعمق بعدما ادركت أنه لا مجال آخر لديها، فلم يكن لديها الصديقة كي تلجأ لها أو الأم التي تساعدها على تخطي مصاعبها...بل كانت وحدها دائمًا عالمها يقتصر على والدها الحبيب وسليم مؤخرًا.
- سليم عايزني أسيب كليتي، ورافض اكمل فيها!.
توقعت كلمات نارية تصيب فؤادها المنساق خلف غرام قد يدمر أحلامها، توقظه من حالة الخمول التي أصابته في لحظة جلجلت حياتها الوردية، ولكن فاجأها والدها حينما قال بنبرة هادئة لا تناسب اتنفاضة عقلها:
- طيب مقالكيش أسبابه!.
- أسبابه!.
كررت خلفه باستنكار شديد، فقال والدها بتروي حذر:
- في إيه يا بنتي!.
- في إني مستغربة كلامك يابابا!..
قطعت حديثها لبرهة تستجمع تركيزها الذي تفاجئ مستنكرًا من حديث والدها، وراحت تقول في تعجب:
- انت زي مايكون كنت عارف الكلام ده يابابا.
وعندما سكت والدها، وذهب برأسه يطالع الشرفة بدلاً من النظر لعينيها المتسائلة في خذلان داعب جفنيها مهددًا بسقوط دموعها.
أنت تقرأ
ندبات الفؤاد
Romanceستظل ندبات الفؤاد دفينة الجزء المظلم بداخلنا...لا دواء ولا فرار منها، حتى تغمرنا بضلالٍ يمزق أرواحنا الشاردة في فلك ماضينا الضائع!. ندبات الفؤاد الجزء الاول من سلسلة مابين نبضات القلب وندباته