الفصل الثامن عشر.
زفر سليم بحنق وهو يتجه مع يزن وزيدان للشقة التي استأجرها يزن لعدة أيام، ورغم أنه كان غير راضيًا بالمرة للجلوس معهما وذلك لأن قلبه مازال يحمل حزنًا لِمَ فعلوه مع شمس من خلفه..بالاضافة إلى تراكمات الماضي التي تقف حاجزًا منيعًا في تخطي مشاعره القاسية وذوبان قشرة الغضب التي غلف بها قلبه.
خرج من المصعد خلفهما وفمه لم ينبس بكلمة واحدة، وكأنه فقد الحديث فجأة، وحقيقةً هو لا يدرك أنه يوجد بينهما مواضيع مشتركة كي يتحدثوا بها..رغم أن زيدان ويزن لم يفصلا حديثهما منذ مغادرتهم لبناية شمس.
فتح يزن باب الشقة وأشار إليهما بالدخول قائلاً بترحيب:
- الشقة نورت والله يا جدعان.
دخل زيدان اولاً متمتمًا بحنق وعيناه تتجول في أرجاء المكان:
- هي كانت شقتك..ده أنت مأجرها يومين.
اغتاظ يزن منه فقال:
- ده بدل ما تشكرني انك منمتش في الشارع.
جلس سليم فوق أول كرسي والصمت كاد أن يقتله، شاعرًا بفضولاً رهيب كي يتذوق حلاوة الحديث معهم، انتبه إلى سؤال زيدان المتعجب:
- هي الاوضة دي مبتفتحش ليه!.
صمت يزن ثوان وهو يجلس بجانب سليم قبل أن يعود قائلاً بحنق طفيف:
- فيها برص كبير دخل من الشباك فأنا قفلتها عليه!.
ردد سليم خلفه بنبرة ساخرة لم يستطع منعها:
- فيها إيه؟!، برص.
رمقه يزن بضيق شديد لعلمه أنه سيكون مجالاً للسخرية الآن منهما، لن يتفهما بالطبع أنه يعاني من فوبيا الخوف والاشمئزاز من رؤيتهم أمامه.
- طب هات المفتاح..ادخل اموته.
قالها زيدان بنفاذ صبر، فصاح يزن بعصبية:
- بقولك إيه المفتاح كمان نزلته للبواب تحت الصبح..قولت مش هستخدمها اخليه معاه أحسن.
- ايوا أنت جايبنا هنا نعمل إيه!.
سأله سليم بنبرة هادئة متعجبة، فأجاب يزن ببساطة:
- تناموا..يعني أنا غلطان.
تقدم منه زيدان بضيق:
- ننام فين..احنا التلاته على سرير واحد!.
- وفيها إيه دي ليلة وهتعدي.
فرك سليم وجهه بإجهاد قائلاً:
- طيب انزل هات المفتاح يا يزن..واحنا هنتصرف ونموت البرص.
زفر يزن ثم اتجه صوب الباب متمتمًا ببعض الكلمات، بينما اتجه زيدان للنافذة يفتحها، كي يدخل الهواء العليل للشقة.
أنت تقرأ
ندبات الفؤاد
Romansستظل ندبات الفؤاد دفينة الجزء المظلم بداخلنا...لا دواء ولا فرار منها، حتى تغمرنا بضلالٍ يمزق أرواحنا الشاردة في فلك ماضينا الضائع!. ندبات الفؤاد الجزء الاول من سلسلة مابين نبضات القلب وندباته