كيف تقول لا

92 15 7
                                    

نظرت صفية لحفيدتها بصدمة و تعجب ، و بادلتها جويرية النظرات ، ضيقت جويرية ما بين حاجبيها و سألت جدتها بصوت مبحوح :
- هل كان صوتى عاليا ؟ .
اومأت جدتها بصمت ، بينما هى كانت تشتعل خجلا ، سألت جويرية اسماء بتوتر :
- هل وصل الى مسامعكم ؟ .
اومأت اسماء و غيث الذى كان يكتم ضحكته بصعوبة ، تقدمت جويرية و وضعت العصير امامهم و هى تكاد تبكى من هذا الموقف المحرج الذى وضعت نفسها فيه .
زفرت صفية بقلة حيلة ثم قالت و هى تحاول تلافى ما حدث :
- ان اخاك رجل جيد يا اسماء ، كما انه طيب القلب و لديه من الاحترام ما يجعلنى مطمئنة على جويرية بجواره ، لكن الرأى الاول و الاخير للعروس .
قال غيث باندفاع :
- و بما اننا عرفنا رأى العروس بالفعل ، هل نقرأ الفاتحة ؟ .
نظرت اسماء لاخيها بتعجب ، فمن يصدق ان غيث كان سيعشق يوما ما ؟ .
نظرت اسماء لصفية منتظرة اجابتها ، فأومأت صفية بابتسامة ودودة و هى تقول :
- على بركة الله ، لنقرأ الفاتحة .
و فور انتهاء صفية من كلماتها حتى انطلقت زغرودة عالية ، نظر الجميع لمصدرها فوجدوها ايناس التى اخذت تبارك لاختها .
نظرت اسماء بقلق لغيث و قالت بابتسامة متوترة :
- لا اعتقد انهم عائلة طبيعية ابدا .
اطلق غيث ضحكة خافتة و همس لاخته :
- الست متأكدة من هذا ؟ .
جلست جويرية على كرسى قريب من غيث بخجل واضح ، ابتسم غيث باتساع و هو يقول لها :
- مبارك .
اومأت جويرية و هى تقول بصوت خفيض :
- مبارك لك ايضا .
نظرت اسماء للجميع و قالت :
- لنقرأ الفاتحة .
و بالفعل بدأ الجميع فى تنفيذ ما قالته .
كانت ايناس متفائلة من الرجل الذى تقدم لخطبة اختها ، فقد رأت لهفته عليها و نظراته السعيدة لها ، تشعر ان اختها و اخيرا وجدت من يحبها و تحبه ، اخيرا وجدت الحب الحقيقى الذى كانت تتمناه ، دعت ايناس لهما بالسعادة .
بعد قليل استأذنت اسماء من صفية ان يتركوا غيث و جويرية وحدهم قليلا ، فجلسوا فى مقاعد بعيدة جدا عنهم ، يرونهم و لكن لا يسمعونهم .
بينما فركت جويرية يديها بتوتر ، حاول غيث ان يقلل توترها فبادر هو بسؤالها :
- هل لديك اى اسئلة تخصنى ؟ .
اومأت جويرية بالايجاب و هى تقول :
- بالطبع لدى الكثير ، انا لا اعرفك سوى منذ فترة ليست بالطويلة .
- تفضلى ، يمكنك السؤال عن اى شئ .
- اريدك ان تعرف نفسك اولا ، فأنا لا اعلم سوى اسمك .
- اسمى هو غيث كما تعلمين ، فى الواحد و الثلاثون من عمرى ، لم ارتبط رسميا من قبل و ....
قاطعته جويرية و هى تتساءل :
- ماذا يعنى لم ارتبط رسميا من قبل ؟ .
تنهد غيث و هو يشرح لها :
- اى اننى لم اذهب لخطبة فتاة ما من قبل ، كلها كانت علاقات عابرة فحسب .
- متى كانت اخر علاقة عابرة ؟ .
- منذ خمس سنوات تقريبا ، لقد اوقفت هذه العادة بعد ان علمت انها محرمة .
تنهدت جويرية بارتياح ، ثم حثته على الاكمال قائلة :
- حسنا ، اكمل .
- كما قلت لم ارتبط رسميا من قبل ، اعيش مع اختى و ابنتها كما تعلمين ، حالتى المادية جيدة .
ابتسمت جويرية و هى تقول معرفة بنفسها :
- حسنا ، حان دورى الان ، انا جويرية مصطفى ، فى السابع و العشرون من عمرى ، لم ارتبط من قبل ابدا و لم اقم اى علاقة عابرة ، اعيش مع اختى ايناس و جدتى صفية و ابن اخى زيد .
أومأ غيث يحثها على الاكمال فقالت :
- اعمل فى التفتيش ، اى اننى مفتشة عامة .
صدم غيث من حديثها و خفق قلبه بسرعة و قال بصوت متوتر و عال نسبيا :
- ماذا قلت ؟ .
تفاجأت جويرية من نبرته و قالت :
- قلت اننى مفتشة عامة .
ثم صمتت قليلا و قالت بحدة :
- و لن اترك عملى ان كان هذا ما تقصده .
حاول غيث تهدئة نفسه لكنه لم يفلح ، فقال بصوت لم يستطع اخراجه هادئا :
- انظرى ، ليس هذا ما اقصد انا فقط ...
نظرت له جويرية تنتظر ان يكمل ، فقال هو بنبرة غامضة :
- لا شئ ، انا لا اعترض على عملك ، لقد تفاجأت فقط .
ابتسمت جويرية فبادلها الابتسامة ، قالت جويرية بمرح :
- اذا .. لأذهب و امنع جدتى قبل ان تعد لك القهوة بالملح .
ضحك غيث بخفوت على هذه العادة القائمة هنا ، حقا ماذا يستفيدون عندما يجبرون الرجل على شرب قهوة مالحة ؟! .
فجأة علا رنين هاتف غيث ، نظر غيث لهوية المتصل ليرى انه رقم غير مسجل ، رد غيث على المكالمة ليستمع لصوت الجانب الاخر يقول بحدة و نبرة يظهر فيها الخبث الواضح :
- اعتقد اننا امهلناك الكثير من الوقت لكى توقف العبث معنا ، لكنك لم تستمع الينا و هربت شحنة جديدة اليوم ، هذا يعنى انك تستمر فى هذا العمل ، لذا ... لا تبكى لاحقا على ما سيحدث .
................................................
فى الصباح استيقظت كلا من ايناس و جويرية باكرا ، ذهبت جويرية للمطبخ كما هى العادة لتحضير الفطور ، و عندما وجدت انها انتهت تقريبا ذهبت و احضرت بعض المكونات من الخزانة لصنع كعكة ، فمازال الوقت باكرا على العمل .
نظرت ايناس بخبث لابتسامة اختها التى تشق وجهها و غمزت لها قائلة :
- مع هذه الابتسامة و نشاطك الرهيب الذى دفعك لصنع كعكة ، اعتقد انك و غيث تحدثتما فى الكثير من الاشياء الجميلة البارحة .
نظرت لها جويرية بخجل فقالت لها ايناس :
- هيا .. ارجوك احكِ لى ... بماذا تكلمتم .
زفرت جويرية بضيق و هى تقول :
- الا تستطيعين كبح فضولك قليلا ؟! .
اجابت ايناس باستفزاز :
- لا .
قلبت جويرية عينيها بملل و بدأت تسرد على مسامعها الحوار القصير الذى دار بينها هى و غيث .
انتفضت ايناس من مقعدها فجأة و شهقت بصدمة و هى تصرخ بجويرية :
- ماذا قلت ؟! ، هل حدث شئ ما لعقلك ؟! .
نظرت لها جويرية بصدمة لحديثها و قالت :
- ماذا حدث ؟ .
نظرت ايناس لجويرية بحدة و هى تقول مقلدة اياها :
- انا جويرية مصطفى ، فى السابع و العشرون من عمرى ، لم ارتبط من قبل ابدا و لم اقم اى علاقة عابرة ، اعيش مع اختى ايناس و جدتى صفية و ابن اخى زيد .
نظرت لها جويرية بعدم فهم لتكمل ايناس بنفاذ صبر :
- هل انت فى المدرسة يا ابنتى ؟ ، هذا يبدو كأنك تعرفين نفسك لمعلمة الصف .
قالت جويرية بتذمر :
- ماذا كان على ان افعل ؟ .. هذه هى الطريقة الوحيدة التى اعرفها .
قالت ايناس لها و هى تحاول ان تكتم ضحكتها :
- حسنا ، لا بأس ، يبدو انه هو ايضا لا يعلم فى هذه الامور ، يبدو انه ليس رومانسيا .
قالت جويرية بغضب :
- ماذا يعنى هذا ؟ ، اعتقد انه ليس من الضرورى ان يعلم كل هذه الاشياء المعقدة ، انه جيد هكذا .
قالت ايناس و قد بدأ انفها يلتقط رائحة ما :
- جويرية ..
قاطعتها جويرية قائلة :
- يكفى بالنسبة لى انه سيعاملنى جيدا ، يكفى ان يتقى الله و يعاملنى باللين و المودة .
قالت ايناس و قد بدأت الرائحة تزداد شيئا فشيئا :
- جويرية ، اسمعينى ارجوك ...
و للمرة الثانية تقاطعها جويرية قائلة :
- انا لا احتاج الى الرومانسية ، بل احتاج للاحترام و الاهتمام .
هنا لم تحتمل ايناس و صرخت بها :
- اصمتي ارجوك ، لماذا تهولين الموقف ...
ثم صمتت قليلا و هى تلمح سحابة دخان تخرج من المطبخ فصرخت و هى تركض و تقول :
- البيت يحترق .. البيت يحترق .
تذكرت جويرية الكعكة التى وضعتها فى الفرن منذ قليل فركضت هى الاخرى و هى تصرخ :
- كعكتى .
جرت الفتاتان الى المطبخ سريعا فقالت جويرية لايناس :
- اين جدتى ؟؟؟؟ ، اذهبى و احضرى جدتى لتتصرف .
صرخت بها ايناس :
- جدتى ليست هنا ، لقد اخذت زيد و ذهبوا لشراء ملابس لهم .
وقع نظر ايناس على دلو ، اخذته و ركضت لتملأه من الحمام ، ثم خرجت و سكبته و لم تنتبه لتلك التى تبللت ملابسها و شعرها بالكامل .
بعد ان اخمدت ايناس النيران وقع نظرها على جويرية التى تبكى بخفوت و هى تفتح الفرن بأسى و تهمس بوجع كأن احد احبابها قد حدث له شئ :
- كعكتى ... لقد احترقت الكعكة .
رمقتها ايناس بعدم تصديق و هى تكتم ضحكتها بصعوبة :
- ماذا ؟! ، هل كل ما يهمك الان هو الكعكة ؟؟!! .
قالت جويرية بقهر :
- لقد كانت بالبرتقال .
صمتت قليلا ثم قالت بتذمر طفولى :
- انت تعلمين اننى احب الكعك بالبرتقال ! .
لم تستطع ايناس كتم ضحكاتها اكثر ، نظرت جويرية لنفسها و قالت ببسمة غامضة :
- هل انت من فعل هذا ؟ .
رمقتها ايناس بعدم فهم لتكمل جويرية بغموض اكثر :
- هل انت من سكبت الماء على ؟ .
قالت ايناس بضحكة متوترة :
- اكاد اجزم انك اكتسبت بعض صفات غيث رغم قصر مدة تعرفكما ببعض .
نظرت لها جويرية بشر فانفجرت ايناس بالضحك ، اخذت ملامح جويرية تلين شيئا فشيئا حتى احتضنت اختها و علت ضحكاتهم بمرح .
................................................
مرت شمس على منزل جويرية و اخذتها ليذهبوا الى العمل معا ، قالت جويرية فور رؤية شمس :
- من الجيد انك اتيت الان ، لو كنت جئت قبل قليل لكنت وجدتنى فى حالة لا احسد عليها .
ضحكت شمس بخفوت ثم ركبت هى و جويرية الحافلة ، تساءلت شمس و هى ترى ملامح جويرية المنزعجة :
- ماذا هناك ؟ .
اجابت جويرية بتذمر :
- لقد سكبت ايناس الماء على .
قالت شمس بسخرية :
- حقا ؟؟؟ ، هل عدتم للروضة يا ابنتى ؟ .
- لا ، لقد احترقت كعكة البرتقال التى كنت اصنعها و احترقت الصينية التى وضعتها فيها ايضا ، و عندما سكبت ايناس الماء لم تخمد النيران فقط ، بل جعلتنى انتعش بالمياه الباردة فى الشتاء .
امسكت شمس يد جويرية و قالت بجدية مضحكة :
- من الجيد انك لم تأكلى الكعكة .
رمقتها جويرية بعدم فهم حتى استوعبت مقصدها فقلبت عينيها بملل و هى تقول :
- هل مازلت تتابعين هذا المسلسل حقا ؟ .
- انه رائع حقا ، كيف لا اتابعه ؟ .
- دعينى افكر ..
ادعت جويرية التفكير ثم قالت بغيظ :
- ربما لأنه يجعل الانسان معقدا من البرتقال ! ، لا افهم حقا ما يحدث ، كل من يأكل او يشرب البرتقال فى هذا المسلسل يموت ! ، هل يوجد لدى الكاتب عقدة نفسية من هذه الفاكهة تحديدا ؟ ، هل كانت امه تجبره على اكل البرتقال مثلا ؟! ، لا اعلم حقا .
نظرت لها شمس باتهام كأنها قد سبت أحدا للتو ثم اخذت تردد على مسامعها بعض الشعارات و الجمل التى اقتبستها من المسلسل .
وصلت الحافلة الى وجهتها اخيرا فهبطت الفتاتان منها و اتجهوا لمقر عملهم ، ثم اتجهوا الى الغرفة المشتركة للمفتشين ، و اخذوا ينتظرون صدور الاوامر .
................................................
دلفت ايناس الى المشفى باستمتاع و هى تلقى تحية الصباح بمرح على الجميع ، فجأة وجدت (اكين) ، ذلك الممرض يركض ناحيتها ثم قال و هو يلهث :
- انسة ايناس ... عليك الدخول للعمليات حالا ، جميع الاطباء ليسوا متفرغين و الحالة عاجلة جدا ، لقد كنا بانتظارك ، هيا ارجوك الى غرفة العمليات سريعا .
ثم ركض سريعا مثلما اتى ، ما ان استوعبت ايناس كلماته حتى ركضت خلفه و تجهزت ، و خلال لحظات كانت ايناس تمسك المشرط فى غرفة العمليات برفقة مساعديها و اكين و ممرضة اخرى ، بدأت ايناس بفتح المريض برفق و لاحضت الكثير من النزيف الداخلى ، بدأت توقف النزيف و تصحح الاضرار بهدوء تحسد عليه ، كما كانت تدندن باغنية ما بلامبالاة ، نظر لها الجميع بصدمة من افعالها ، فهى هكذا دائما ، مرحة و نشيطة و فى العمليات تكون هادئة بشدة ، لم يرها احد و هى تبكى من قبل ... حسنا فى الحقيقة واحد منهم فقط هو من فعل .
انهت ايناس العملية و خرجت تطمئن اهل المريض ، ذهبت الى غرفتها و اغلقت الباب ، ثم توضأت و صلت صلاة الظهر التى لم تصليها حتى الان بسبب وجودها فى العمليات .
................................................
كان يزن يختبئ خوفا من ان تراه ، لقد قرر اخيرا ما يريد فعله ، و بدون اى مقدمات اقتحم مكان عمل جويرية و شمس ، ثم سأل عن مكانهم و دخل اليهم ، ثم و بدون مقدمات مرة اخرى ركع على ركبته امام شمس و هو يخرج العلبة المزينة من جيبه و فتحها و هو يقول :
- شمس ... هل تتزوجيننى ؟! .
ابتسمت جويرية بشدة على هذا المجنون الذى يريد الزواج من صديقتها و كذلك فعل كل من بالغرفة ، لكن كل شئ تحطم عندما اجابت شمس ببرود :
- لا .
................................................
طبعا اسفة عالتأخير ، اولا كدة شكرا جدا ان الرواية وصلت 1k ، حقيقى انا داخلة على امتحانات و مكنتش حنزل اصلا بس من فرحتى كملت اللى فاضل فيه و نزلته 💜
بعتذر منكم ان الرواية حتتأخر شهر تقريبا عشان امتحاناتى 😢
الى اللقاء القريب 💙📝

قلب للمحاكمة ..... بقلم منة الله عمرو أبو زيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن