مقدمة

1.8K 79 0
                                    


كانت تقف على حافة الجبل الذي شَهِدَ أول وآخر لقاء بينهما.... ملامحها شاحبة.... عيناها منتفختان من كثرة بكاءها عليه....

ملابسها سوداء كحياتها التي انطفأت بدونه رغم أنَّه لم يكن ذلك النور الأبيض في حياتها بل كان أشد من الظلام ليغرقها به لكنها كانت تعده بمثابة السلسة التي سحبتها من قوقعة الوحدة والحزن والألم التي كانت تخفيها تحت قناع البرود والقسوة وأنها بألف خير وأفضل حال.


نظرت إلى يديها بقهر وهي تضغط على أسنانها بقوة.... فقط كيفَ تركته يرحل هكذا؟؟ لماذا لم تمسك به أو بالأصح أن تحاول فقط؟؟... قبضت على يديها بقوة شديدة وأغمضت عيناها اللتانِ عادتا لذرف الدموع ثانيةً.....

لقد كانت أنانية جداً لتدعه يرحل ويتركها.... هو أحبها وهي أحبته فما مشكلتها؟!!! لماذا ترددت؟؟! ما فائدة حياتها الآن بدونه؟؟!


سمعت صوت خطوات خلفها لترى شخصاً ما يركض نحوها برعب لتبتسم بسخرية بعد أن مسحت دموعها بقسوة... فهي لن تسمح لأحد أن يراها وهي تبكي حتى لو كان أخاها!!


أجل الذي أتى يركض ناحيتها أخاها وهو يعلم على ماذا ستقدم ولم يتأخر بالمجيء بعدما أخبره حراسه بهروبها من الفيلا..... ما إن أصبح على بعد مسافة قريبة منها تراجعت هي أخرى للوراء حيثُ لم يفصل بينها وبين الحافة سوى خطوة واحدة.


دانييل بقلق وغضب: انسيه وعيشي حياتك... لماذا تعذبين نفسك بتذكره؟!... الذنب لم يكن ذنبك لذا عودي إلى رشدك وتعالي معي إلى البيت.


الفتاة بصوت مبحوح: وكيف أنساه وهو روحي؟؟ إنه متواجد معي في كل مكان!!!


دانييل: أختي أنتي آخر ما تبقى لي من والديّ لذا لا داعي للتهور وإنهاء حياتك بهذه البساطة (صمت قليلاً وهو يتذكر صديقه وابتسامته ليكمل بنبرة مهزوزة): هيا عزيزتي هو سيحزن منك إن عَلِمَ ما ستفعلينه.... ألم يقل بأن تعيشي حياتك بطبيعية وإن أحببتي فلا تحبي أحداً أكثر منه ؟؟ وإلَّا هو سيغار تعلمين!!، أنهى كلامه ببعض الضحك يريد تغيير الجو البائس الذي رزعه بينهم وفاته منذ شهرين.


ضحكت هي الأخرى معه وهي تذكر أنه لدرجة غيرته تشاجر مع فتى بالثامنة من عمره لأنه مدحها بأنها جميلة....

أوقفت ضحكتها الخفيفة عندما انتبهت إلى أخاها الذي بدأ يقترب منها بشكل بطيء لتتكلَّم بنبرة حاولت جعلها مرحة كآخر كلام لها معه: تعلم أخي؟؟ أنتَ لديك كل شيء... زوجة وأصدقاء شركات عديدة وعبقري بالإضافة إلى أنك ناجح في كل شيء بينما أنا لا يمكن أن أقارن بدرجة منك ومن صفاتك العديدة.


توقف دانييل عن الاقتراب منها بعدما فَهِمَ أنها لاحظت أمره ليتكلَّم مجارياً إياها ربما قد يصل لحل وسط.... بالنهاية هي أخته جزء منه!!! لن يستطيع العيش بدونها إن حصل لها شيء: وماذا أيضاً؟؟!

المنبوذة ذات رقعة العينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن