P3-مرآة

81 3 6
                                    

المدينة صاخبة كالعادة ، الشارع كان مكتظا بالناس وتحديدا أمام إحدى البنايات ،قبل أن أرمق من يجتمعون حوله، شاب وسيم في ريعان شبابه وضع حدًّا لحياته مستخدما وشاحه الذي لطالما كان يدفئه. هنا في اليابان لا نستغرب من عمليات الانتحار التي قد تحدث في زقاق واحد يوميا ، لدينا نظرة مختلفة عن الموت، فهو بمثابة راحةٍ من كل تلك الضغوط التي تُثقل كاهلك من كل حدبٍ وصَوب.
أتساءل لما لم أكن مكانه،مالذي يفكر به القدر لأجلي يا ترى .
وصلت للصيدلي، وسردت عليه ما خالجني من أحداثٍ في شقتي. مالذي تتوقعون أنه فعل؟ ومالذي قد يفعلونه سوى بيعك بعض الأدوية؟ ذلك عملهم .

وأنا عائد وجدت أن الناس لا زالو يتجمعون هناك ، ألم تأتي الشرطة بعد؟ لقد مرت ساعة كاملة بالفعل ، لم أستطع الرؤية بوضوحٍ أرجاءَ المكان لِغفيرِ المتواجدين به.
ربَّتتُ على كتف أحد الواقفين.. - عذرا! مالذي يحدث هنا ؟
شحُب لونُ وجهِه وكأن الدم قد سحب منه، صارخا بعد أن أبعد يدي عنه ، "إنه هو!!" .
لم أفهم شيء وكانت تعابير البلاهة تعتلي وجهي .
- عن ماذا تتحدث يا رجل؟ تفاجئتِ الكثيرُ من جموع الناس مردِّدين عبارات من قَبيل مستحيل وكيف يعقل هذا.
قبل أن تسقط عيناي على الشاب المعلق في مكانه وكان المنظر كالصاعقة بالنسبة لي.
كيف لم ألحظ هذا؟ ذلك أنا!!
حضَرت الشرطة أخيرا بعدما اتضح أن تأخرهم سببه حادثٌ مروري اعترض طريقهم.
- المعذرة هل يمكنني القدوم معكم؟ طلبتُ من الشرطي.
- لماذا هل أنت من أفراد عائلته؟
-لا أعرفه لكن ربما تربطني قرابة به فنحن نبدو كالتوأم. نظر لبعض الوقت في وجهي ثم قطع الخطوط الصفراء وفتح الكيس البلاستيكي يتمعن في وجه من كانت المشنقَة نصيبه. ياله من برود ، هكذا يصبح الشخص عندما يموت، مجرد كتلة من اللحم،وهو يعامله على هذا الأساس ، لذلك رفضت الالتحاق بالشرطة رغم كل الترحيبات التي لقيتها ، تضرب بجميع قيمك عرض الحائط،هل هي قيم فعلا أم نحن من نضفي عليها ذلك.
-همم هذا مثير للاهتمام،تبدوان توأمين فعلا ، يمكنك المجيء لتقديم إفادتك على أية حال.
-شكرا.
كان الفضول يقرِضُ داخلي من أجل معرفة هُوية من كان مرآةً عاكسة لي.

- يونا يبلغ من العمر 24 عاما ويعيش وحيدا وقد طُرد من عمله مؤخرا .
- نعم أنا هنا.
أطبقت الشرطية فمها وانتقلت أنظار جميع من في المخفر إلي. ثم أكملت قائلة:
- و..ربما هذا هو سبب انهائه لحياته.
ماذا الأن؟ تمازحينني،هل تخبرونني أن ذلك الشخص يَحمل نفس اسمي وسماتي؟
اقتربت الشرطية مني وأضافت :
- بالحديث عن الأمر ، ماذا تقربك الضحية؟
-أنا لا أعلم وقد جئت هنا من أجل الإجابة عن هذا. ما هو اسمُه الثاني ؟
- للاسف لا نعرف سوى اسمَه الأول ، يبدو أنه قام بتزوير اسمِه الثاني لأننا بحثنا عن العائلة وقيل لنا أنه لا وجود لأي فرد منهم يحمل هذا الاسم، وتحققت من السجل العائلي بنفسي.
تنهدت قليلا وشعرت بنوع من الإطمئنان لأن هنالك اختلافا أخيرا . كان من الغباء اصلا التفكير في أنني هو، لأنني هنا وأنا أنا ، تبا هذا سيدفعني للجنون.
أدليت بأقوالي وكل ما فعلتُه ذلك الصباح للشرطة ومشيت قاصدا المنزل ، كانت شمس الظهيرة في أوجها ، لقد نسيت أنني أشعر بالجوع حتى ، قصَدت أحد المطاعم فقد كنت أحمل الكثير من المال معي، يبدو أنني خِلت الصيدلي سيقوم بجراحة لدماغي.
دخلت وكما تعلمون فأنا يونا، صاحب الحظ الجيد، كل الأماكن كانت محجوزة، عدا كرسيٍّ واحد كانت تقابله فتاة ما.
- المعذرة هل يمكنني مشاركتك الطاولة؟
- بالتأكيد
كانت فتاة فاتنة ، لم أمنع نفسي من التفكير فيها شريكة لفراشي لليلة، يالبذاءتي .

من أنتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن