غَيَاهِبْ .

غَيَاهِبْ 23

كُلُ شَيءٍ بَاتَ يُصيبنِي بالإِرتِجَاف والتَوتر ، فوجٌ هَائِل مِن الإِختنَاق .. صوتِي مُختنّق كَما عَبَرَاتِي .. رِيحًا عَاتِيّة إقتَلعتْ أغَصَانِي ولَم أُذرِف دَمعًا ..

الحَيَاة مُخيّفَة ..

لاَ أعلّم كَم مَضى عَلى نومِي بِجانِب جِيمين ، إِلا أنّي إِستيقظّت مَفزوعًا فَلا زَالَ عَقلِي لَم ينسَى مَا حَدث ، أو بالأَحرَى لَم يستوعِب فوجَ ذِكريَات المَاضِي مَع الحَاضِر ، وكَم أرغَب بِحذفِ كُلَ مَا عِشتُه مِن أرشِيف عَقلِي المُتضرر ،

مَضى وقَت عَلى جُلوسِي خَارِج عَتبّة البَاب ، تَارة أنظُر لَه وتَارة أُخرى أجِدنِي غَارِق فِي عمق تساؤلاتِي وأفكارِي التَائهَة .. كَمنْ أضَاعَ خَرِيطَة الوُصولْ إِلى وجهَتِه ،

لاَ أدرِي حتى كَم مَرّ مِن الوَقت عَلى جُلوسِي .. المنزِل هادِئ وأنواه مَطفِيَة ، الكُل نَائِم عَدايّ أنَا وذَاكَ الذّي يعزِف تَرانِيّمَ بُكائِه عَلى السَطح ..

مَا جعلنِي أجلِس فِي هذِه البُقعَة تحديدًا هو صوتُ عَزفِه .. أُريده أنْ يَفهَم بأنّي هُنَا .. دائمًا هُنَا لِسماعِ تِلكَ التَرانِيم الحَزِينَة .. ربمَا أنَا لستُ محببًا لَك ، لكِن أنتَ أخِي يَا يُونغِي .. إِن أتَيتُك سَترفُض قُدومِي وإِن رَحَلتْ سَتحِب رَحِيلِي ،

لاَ تعلَم كَم هُو مؤلِم .. كُلُ شَيءٍ هُنَا مؤلِم ، آيسرِي يؤلم .. وبِشدّة ، مَتى سَيحّل الخَلاص علينَا يَا أُمَاه .. يَامَن أبحَث عَنّه ولا أجِده .. أُمَاه رَحِيلُك زَادَنِي لَوعَة عَن بَاقِي لَوعَاتِي .. رُغّم أنّي أفتَقِر لِحنَانك الذّي لَم تَغمرينَا بِه يومًا ، أو لِأخذِي فِي عناق حيثُ تحُيطنِي فِيه أذرعك .. لَمسَة دافِئَة بآنامِلك لِتزُولَ البُرودَة ..

هَل تَماديتُ فِي أُمنيَاتِي أُمَاه ؟

رّبمَا عليّ أن أتجَاوز كُلَ ذَلك و أستَمِر .. سأتجَاوز رَغبتِي فِي اللوم ، العِتَاب عَلى كُلِ شَيء ، سأتجَاهل رَغبتِي فِي الصُراخ .. سأدّعِي العَمى ولا أنظُر لمِدى الرُضوض التِي تملؤنِي ،

- بالتَجاهُل والتَجاوز ، هَكذَا يَستمر البَشَر بالإِستمرار .

التَجاهَل أحيانًا كَثِيرَة أمرٌ سَيء ، يُعيدَك مَجهولَ الهُويّة .. لَكِن مِن نَاحِيَة أُخرى فَهو جَيد ، سيعطِب عَمل عقلِك وتركِيزه .. سيُخدر شُعورك بِكُل المُوجودَات .. لا تَعرِف مَا تَرغَب ومَالا تَرغَب ، فقطْ تَعيِش فِي هُدوء ..

لاَ مَزيد مِن التركِيز فِي أبهَى التَفاصِيل .. فَقط السُكون .

****