الفصل التاسع : الحب أنقذها

3.3K 86 19
                                    

«أعتقد أنها تستعيد وعيها يا دكتور» .

انحنى الرجل في اللباس الأبيض فوق داليا بينما كانت تستعيد وعيها، و كانت أشعة الشمس تضيء رأس الممرضة المعتمرة قبعة بيضاء و الواقفة في الجهة الثانية من السرير .

ظلت صورة الطبيب فترة مشوشة، غير واضحة، و شيئاً فشيئاً توضحت التفاصيل و تعرفت داليا إلى الوجه الذي سبق و شاهدته في شكل متقطع خلال أيام و ليالي متواصلة .

قال الطبيب :
«إذن، يمكننا القول أنكِ نمتِ جيداً» .

«هل الوقت صباحاً ...؟»

«صباح جميل و مشمس، الرابع من آب / أغسطس» .

رددت وراءه :
«الرابع من آب / أغسطس» .

ثم أزاحت نظرها عنه و نظرت صوب نافذة الغرفة حيث كانت العصافير ترقزق وراءها، و أضافت تقول :
«ما أجمل زقزقة العصافير ...»

أعلمها الجراح قائلاً :
«تحت النافذة، شجرة صنوبر من أصل اسكتلندي، و فيها أعشاش عصافير كثيرة» .

«منذ طفولتي و أنا أحب العصافير، لقد حلمت حلماً غريباً، هذه الليلة، جاء صديق ليزورني، كان الثلج يتساقط ...»

سألها الدكتور وستبوري و هو يبتسم :
«هل هو الحبيب ؟»

«آه، لا، لم ... لم أكن تلك المرأة التي أحبها» .

و في الأيام التالية تحسنت صحة داليا و توطدت عرى الصداقة بينها و بين الدكتور وارد وستبوري، إنه اسكتلندي خجول، لكنه جراح ناجح، فقد أوكلها إلى الممرضة موران، المدلكة الطبية المشهورة، و هي أمريكة الجنسية، شابة، تقوم بتدريب خاص مدته سنتان في المستشفيات البريطانية، كانت مرحة و دائماً في مزاج طيب، نضرة، شقراء ذات صوت مبحوح، تحب المزاح و التسلية بشكل دائم .

و مهمة غيرسيدا موران أن تقوي عضلات ساقيّ داليا، تلك القوة التي فقدتها خلال العملية الجراحية الدقيقة التي أجريت لها في سلسلة الظهر، و قد شرح الدكتور وستبوري لداليا أن عليها أن تتحلى بالصبر الطويل لأنها في حاجة إلى تدليك و تمارين قبل أن تتمكن من المشي، و التمارين اليومية التي ستقوم بها بواسطة المدلكة الطبية يجب أن تستمر إلى ما بعد مغادرتها المستشفى .

و اقترب موعد الذهاب إلى المنزل ... و هذا ما كانت تتمناه داليا في شدة ... لكن هناك ظل وحيد لم يبتعد عن أفكار داليا ...

يوم الأربعاء، وضعتها الممرضة في كرس نقال و أخرجتها إلى الحديقة لتتحدث مع شقيقتها، تحت نور الشمس الساطعة، كانت الفترة بعد الظهر و كان الطقس رائعاً و دافئاً برغم أن أيلول / سبتمبر هو شهر بارد إجمالاً .

همست دالیا :
«لا يمكنني التصديق بأني أمضيت وقتاً طويلاً في المستشفى، كأن أشياء عديدة قد حدثت ...»

عاشت له // روايات عبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن