و في مساء اليوم التالي، توجه الجميع إلى برايتون في سيارة بيتر الليموزين، التي كان دونوفان يقودها مرتدياً بذلة السائق .
كانوا يأملون في الوصول إلى الحفلة الموسيقية قبل أن يبدأ العزف ليتسنى التحدث قليلاً مع غاري، ولكن بسبب حركة السير المزدحمة لم يصلوا إلى الصالة إلا قبل عشر دقائق، و هو الوقت الكافي لشراء البرنامج و الجلوس في الأمكنة المخصصة لهم .
قالت هيلين بعدما ألقت نظرة على الصالة و هي تعي النظرات الموجهة إليها و إلى رفاقها :
«الحضور كثيرون، هذا ذكاء منك يا بيتر، أن تنظم حفلة غاري في تاريخ قريب لموعد زواجنا، أنت رجل اعلاني كبير يا حبيبي» .«کم تدربت طويلاً لأصبح هكذا ... آه، ها هو !»
دخل غاري إلى المسرح، نحيفاً و رائعاً، و في لباس أنيق، رفع نظره إلى مكان بيتر و الآخرين، ابتسمت له داليا وقالت في صوت خفيض : حظ سعيد، هز رأسه من دون أن يلاحظ أحد ذلك، ثم اقترب من البيانو الكبير، الذي تلمع لمساته تحت الإضاءة القوية، بعض الذين وصلوا متأخرين أخذوا أمكنتهم وسط الزحمة، بعض الرجال سعلوا و أخيراً ران الصمت في الصالة و بدأ غاري العزف .
و خلال القسم الأول من البرنامج، ظل الجمهور غير متحمس، و الجو البارد ينذر بالفشل، إن غاري كونواي ليس سوى رجل يتيم و ولي أمره هو من أكبر الأقطاب المعروفين و ملياردير كبير، و هذه المشكلة إضافية أمام غاري ليظهر موهبته الموسيقية الرفيعة .
و قبل أن يبدأ غاري يعرف مقطوعة روبنشتاين الصعبة و الرائعة، انحنی بیتر نحو داليا و همس قائلاً :
«استرخي يا ابنتي الصغيرة، غاري يحافظ على هدوئه كله و هو يعرف تماماً أنه في نهاية السهرة، سيتهافت عليه كل هؤلاء الأشخاص الباردين و يطلبون منه إعادة عزف بعض المقطوعات» .و الثقة التي يتحلى بها بيتر تجاه غاري تم تأكيدها بصورة أكيدة ... إذ أنه بعد انتهاء عزف مقطوعة حورية الغاب ران صمت عام و تلته عاصفة من التصفيق و الهتافات، و ظل الجمهور يصفق مطالباً بإعادة العزف مرة أخرى وذلك لمدة ربع ساعة، کما تنبأ بذلك بيتر قبل قليل .
و في نهاية الحفل الموسيقي، أحيط غاري بمجموعة متحمسة من الناس الذين راحوا يهنئونه على نجاحه الباهر، أحد مديري شركة الإسطوانات دعا غاري إلى تناول الغداء معه في اليوم التالي ليتناقشا في امكان توقيع عقود عمل مهمة، إذ أنه أعجب كثيراً بمقطوعة حورية الغاب و يهتم بتسجيلها على اسطوانات .
و بعد نصف ساعة من التهليل تمكن غاري و فرقته من التخلص من الجمهور المتحمس و لقاء بيتر و المجموعة خارج الصالة، صعد الجميع في السيارات المخصصة لهم و أعلن بيتر أن سكرتيره حجز للجميع طاولة كبيرة عند دومينيكو أحد أكثر المطاعم أناقة في برايتون، لكنه أراد معرفة ما إذا كان بإمكان داليا البقاء للعشاء للإحتفال بانتصار العازف الشاب .
أنت تقرأ
عاشت له // روايات عبير
Romanceالملخص : ربما كان معظم عذاب المحبين، هو أنهم لا ينالون ما يتمنونه .. و هذا ببساطة ما حدث لداليا الفتاة الرقيقة البريئة التي وقعت في حب الرجل الذي أنقذ حياتها، و الذي خطب أختها فيما بعد .. إنه حقاً شخص مختلف و غريب .. ترك كل شيء وراءه و غادر إلى أفري...