الساعة التي تلت كانت ممتعة لداليا، كان غاري جالساً في ارتياح ممدداً قدميه، يتأمل داليا و هي تأكل البسكويت و الحلوى، احتسى بيتر عدة فناجين شاي و دخن أكثر من العادة، و راح يتحدث عن اليابان و عن البلدان الذي زارها و هو يقوم بأعماله و عن الغسق الذي يطل وراء النافذة، و تمنت داليا ألا تنتهي هذه الساعة أبداً .
ألقى بيتر نظرة سريعة إلى ساعته و أطفأ سيجارته و قال :
«حان الوقت لأعد نفسي و أرتدي ثياب السهرة» .و بينما كان ينهض من مقعده المريح و راح يتأمل داليا الممددة في ارتياح على مقعد مماثل، و قال لها :
«لن أستعجلكِ إذا كنتِ تريدين البقاء مع غاري مدة أطول، أعرف أنكما لم تریا بعضكما في الأسبوع الماضي» .قال غاري في استغراب قبل أن يتسنى لداليا الرد :
«أنت رجل متفهم يا بيتر، نعم، أرجوك، دع داليا هنا» .«سأقول لعمتكِ أنكِ مع غاري و أنه سيوصلكِ إلى المنزل فيما بعد» .
ذهب بيتر و أغلق الباب وراءه، و فجأة بدت الغرفة باردة بالنسبة إلى داليا، فانتفضت عندما أمسك غاري يديها، كان يبتسم و قامت بجهد لترد بابتسامة فاترة، إن دخان سجائر بيتر ما زال يعبق في قاعة الإستقبال، و هو يشكل حجاباً بين غاري و بينها، إن اليدين اللتين تمسكان يديها كانتا ناعمتين و نحيلتين، و لا تنسجمان أبداً مع أيدي عمال المناجم القاسية .
قال غاري :
«كان بيتر يدخن كثيراً، هل تعتقدين أنه يعاني من خوف كما هي العادة عند الأشخاص الذين يستعدون لخوض معركة الزواج ؟»«ربما، إن الرجال الأقوياء ليسوا دائماً محصنين ضد هذه التجربة المصيرية، تجربة الزواج» .
«لن يكون زواجنا مصحوباً باحتفال ضخم و أنتِ لا تريدين الحرير و الساتان و المصورين أليس كذلك يا داليا ؟»
شعرت داليا باختناق داخل حنجرتها، لكنها لم تحاول إخفاء هلعها، إذ أن غاري طمر رأسه بين يديّ داليا و قال متوسلاً :
«قولي أنكِ ستتزوجينني، ليس في امكاني التفكير بشيء آخر غير أن أكون معكِ، في ديكور رومنطيقي، و في اصبعكِ خاتم الخطبة، حتى الحفلة الموسيقية فقدت كل معناها، فوجهكِ يظهر أمامي في كل لحظة و صوتكِ يهمس في أذني ... لا أحد غيرك ... غيرك ... أنت !»و في تأوه و حسرة، رفع يديّ داليا على شفتيه الساخنتين و مد فمه إلى معصم يدها حيث يخفق نبضها في غير انتظام، فسألها :
«هل الحب يخيفكِ ؟»الحب يعذبها و يؤلمها !
صرح غاري و هو يرفع عينيه نحوها :
«بالنسبة إليّ، فالحب يخيفني، إنه شيء مرعب أن تصبح الحبيبة العالم كله بالنسبة إلى الحبيب، أن تضيئه بابتسامة، و أن توقعه في الظلمات في تقطبية حاجب ...»سألت داليا في لهجة خفيفة متأثرة :
«هل تقصد إنني أقطب حاجبيّ غالباً ؟»إن رغبته الجارفة و عنف حبه هي أمور حتمية كما يبدو، فأجابها :
«أنتِ لا تقطبين حاجبيكِ يا حبيبتي، لكن من وقت إلى آخر تبدين بعيدة مني، تبتعدين في أفكاركِ و أنا أشعر بالضياع، أحاول أن أبحث عنكِ، من دون جدوى، أريد أن ألمسكِ ... أن أصل إليكِ ...»
أنت تقرأ
عاشت له // روايات عبير
Dragosteالملخص : ربما كان معظم عذاب المحبين، هو أنهم لا ينالون ما يتمنونه .. و هذا ببساطة ما حدث لداليا الفتاة الرقيقة البريئة التي وقعت في حب الرجل الذي أنقذ حياتها، و الذي خطب أختها فيما بعد .. إنه حقاً شخص مختلف و غريب .. ترك كل شيء وراءه و غادر إلى أفري...