الفصل العاشر و الأخير : لا تتركني بعد اليوم

4.2K 121 16
                                    

احتفلت هيلين و زوجها بعودة داليا من المستشفى في حفلة عشاء منزل العروسين .

و أعجبت داليا بشقة أختها الصغيرة و اللطيفة، الصالون العصري يليق بشخصية هيلين، بمقاعده المنخفضة و سجادته الليمونية و ستائره المزركشة .

و بعد العشاء، أجلسها صهرها الطبيب بين الأرائك على مقعد بشكل نصف قمر و ابتسمت هيلين فرحاً و هي تقدم القهوة و قالت لداليا :
«يعجبني شعركِ الطويل المرفوع، يجب أن تحافظي على هذه التسريحة» .

«سأحتفظ بها حتى أعود إلى العمل، الشعر الطويل يزعجني عندما أمضي معظم وقتي أمام الآلة الكاتبة، صالونكِ أعجبني يا هيلين، إنه عصري و دافيء في الوقت نفسه» .

«ما رأيكِ باللوحات المرسومة ؟ اشتريناها خلال رحلة شهر العسل بسعر رخيص، و وضع طوني إطاراً مصنوعاً من خشب الأثاث نفسه» .

التفتت هيلين إلى زوجها في اعجاب، كأنها لا تصدق السعادة التي اكتشفتها في حياتها مع هذا الرجل الهاديء الذي لن يعكر صفو حياتها، مثل والده، و لا يريد إلا مساعدة مرضاه في هذه المدينة الصغيرة الرائعة .

و رأت داليا بعض الهدايا التي أرسلت للعروسين بمناسبة زواجهما، و بينها مجموعة من الخزف أرسلها بيتر، فهمست داليا تقول :
«هذا لطف منه، إني ... إني آسفة لأنه لم يأتي إلى المستشفى ليودعني» .

شيء ما في صوتها جعل هيلين ترفع رأسها فجأة و راحت تتفحص وجه داليا و شعرها الكستنائي الذهبي، فانتفض قلب داليا ... كادت تفضح نفسها ! فأضافت جاهدة في لهجة عادية قدر الإمكان :
«كنا دائماً متفقين في الآراء، كنت أتمنى لو تمكنت من وداعه قبل رحيله» .

«ذهب فجأة من دون أن يكلم أحداً، كنت آمل أن تحضري غاري معكِ، الليلة، أنتِ و هو ... هل ما زلتما منسجمين ؟»

«طبعاً، لكنه لم يحضر لإنشغاله في بعض التسجيلات» .

«غاري مناسب لكِ يا داليا» .

«نعم، أعرف ذلك جيداً» .

«تحبينه، أليس كذلك ؟»

«هيلين ...»

«داليا، لقد تعذبت كثيراً و لا أريد أن ...»

رفعت دالیا يدها فجأة و أمسكت يد شقيقتها، تتوسل إليها ألا تكمل كلامها، فصرخت تقول :
«آه، أنظري، هذا البرنامج أحبه، دعيني أراه من فضلكِ» .

التفتت العمة سوزان نحوها و نبهتها قائلة :
«إن مدته نصف ساعة و بعدها إلى الفراش يا صغيرتي» .

و عندما حان وقت الذهاب، ضغطت هيلين في شدة على ذراعيّ داليا كأنها تتوسل إليها في صمت و تقول : انسي بيتر ! الجميع يعرفون إني أنا من يحب .

و خلال الأيام التالية كانت غيرسيدا تأتي كل صباح إلى منزل سميث لتقوم بتدليك ساقيّ داليا، و غالباً ما كانت تلتقي بغاري الذي لم يفارق داليا لحظة، و في أحد الأيام دعا الفتاتين إلى قضاء يوم الأحد في فيللا بلفدير، فالطقس جميل مما يسمح باستعمال حوض السباحة، و أعلنت غيرسيدا أن السباحة أفضل رياضة لعضلات داليا .

عاشت له // روايات عبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن