الفصل الأول : الإيرلندي الأسمر

7.1K 121 6
                                    

الظلام يلف غرفة الإستقبال التابعة لمنزل عائلة سميث، مدفأة الحطب مشتعلة و لهب نارها يتلوى، الإسطوانة تبث أغنية حب بصوت ناعم و عذب، بينما داليا سميث متكورة حول وسائد الأريكة، تدندن مع الأغنية و تبتسم و تتذكر ما حصل صباح هذا اليوم بين عمها هاري و زوجته سوزان، هذه الأخيرة كانت تصر على زوجها أن يصطحبها في المساء خارج المنزل، و كانت داليا تتذكر المشهد ثانية، و العمة سوزان تعلن بصوت مضطرب :
«أرفض أن أكون هنا عندما يأتي شيريدان لإصطحاب هيلين، إنه من بيئة مختلفة تماماً و لا أفهم لماذا تفسح له هيلين في المجال بوقاحة قابلة دعوته، لا يمكن للواحد منا أن يشعر بارتياح مع هذا الإنسان المتكبر» .

اعترض العم هاري على نظرة زوجته السلبية و قال :
«ما بالكِ يا سوزان، أعترف أنني لا أحبذ كلياً هذه الصداقة بين هيلين و بيتر شيريدان، لكن لا يجب أن نحكم عليه مسبقاً، في كل حال إن حكمكِ في غير محله» .

نظرت العمة سوزان إلى زوجها في مرآة المدخل و هي تعتمر قبعة صغيرة، و كانت مضطربة، غاضبة فأضافت :
«و ماذا تعني بالضبط ؟»

«ليس شيريدان كبقية الشبان الذين تعودنا رؤيتهم هنا في المنزل أليس كذلك ؟ إنه يقلقكِ لأنه ليس واحداً من هؤلاء الشبان المتحذلقين الذين لا يفكرون إلا بالرقص و السباحة و كرة السلة، إنه رجل أعمال كبير، قاس و عنيد و لا يمكنه تجنب الظهور بمظهر المدير، مثلما لا يمكنني تجنب الظهور بمظهر مدير شركة التأمين، ماذا بامكانه فعله إذا كانت الطبيعة وهبته بنية ممشوقة متناسقة، تجعله مختلفاً عن معظم الذين تعودنا رؤيتهم ؟»

أعجبت داليا بكلام عمها، لأن بيتر شيريدان يتمتع برجولة بارزة و أكيدة .

لكن العمة أصرت في عناد على القول :
«لا شك أنه رجل يتمتع بخبرة طويلة، إذ لا يمكن لواحد في السابعة و الثلاثين من عمره أن يبدو بهذه القساوة ما لم يكن عاش حياة مليئة بالتجارب على أنواعها، لذلك، لا أريد أن تعاشره إحدى بنات أخيك؛ لا شك أنه يتردد بصورة مستمرة على النوادي الليلية حيث يحصل كل ما هناك من أمور غير اعتيادية !»

ضحك هاري و قال :
«دعكِ من هذه الإحتمالات التافهة يا سوزان، في أي حال إن هيلين فتاة ناضجة، تجاوزت الحادية و العشرين و هي قادرة أن تسهر على نفسها كما يجب، بينما لو كانت داليا هي المدعوة، لكان من حقكِ أن تقلقي يا زوجتي العزيزة» .

و لما تذكرت داليا هذا الكلام، ضاعت البسمة عن وجهها الذي اكفهر فجأة، و تناولت قطعة شوكولا و وضعتها في فمها بعصبية كأي فتاة في التاسعة عشرة للأسف، إنها تبدو للغير و كأنها ما زالت تجهل كل شيء عن أسرار الوجود و الحياة !

في هذه اللحظة رن جرس الباب، نهضت داليا مسرعة إلى النافذة، و أزاحت الستائر، لكنها لم تر السيارة الضخمة أمام الباب، و لما فتحت الباب كان طوني غريغ، صديق شقيقتها، واقفاً على العتبة .

عاشت له // روايات عبيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن