الفصل الاول ♥

5.3K 173 44
                                    

      _ ليتنا نمتلك قدرة العودة بالزمن
لنصحح اخطاء فعلنا و نبتعد عن عذاب الندم_

                ****************
استيقظت رحمة على يد تقبض فوق خصلات شعرها البنية بقوة شديدة مسببة لها الم جم مما جعلها تتأوه و تصرخ بين يديه، بالطبع تعلم أنه هو مصطفي زوجها مِن أسوأ الاشياء التي فعلتها في حياتها هي أنها تزوجته، أردف متحدثًا بقسوة، و غضب يتطاير من عينيه، و هو مازال يقبض فوق خصلات شعرها كاد أن يقتلعهم من جذورهم
:- أنتِ لسة نايمة يا زفتة، هو أنا مش قايل إني اصحي الاقي الفطار جاهز و كل حاجتي جاهزة، و لا متجوز زي كأني مش متجوز أنا.

أغمضت كلتا عينيها بوهن، و ضعف و ضغطت عليهما بقوة في محاولة منها لاكتساب بعض الطاقة؛ كي تقاوم، قبل ان تعيد فتحهما مرة أخري، و هي مازالت تحاول اكتساب بعض الشجاعة؛ لترد عليه، لكنها شعرت أن صوتها قد حُجِب داخل جوفها،و امتنع  عن الصعود، لكنها نجحت أخيرًا،  بعد عدة محاولات أن تتتحدث بصوت خافت، خرج من جوفها مهزوز
:- ع.. على فكرة يا مصطفي في تحت خدامين تقدر تقولهم يعملولك اللي أنتَ عاوزه حرام عليك اللي بتعمله فيا دة.

اشتد من قبضته فوق شعرها اكثر حتى أصبح الألم لم تستطع أن تتحمله؛ لذلك فلتت منها صرخة مصحوبة بألم، و هي مازالت تتآوه بين يديه، لكنه لم يبالي بصرختها المتألمة، و تمتم هو بحدة و صرامة و هو يضغط فوق أسنانه
:- اللي اقوله يتنفذ، و متنسيش أنتِ متجوزاني ليه لأن أنا عارفك إنسانة طماعة مفيش حاجة بتهمك غير الفلوس، دي حقيقتك متنسيهاش.

زفرت  بحنق و ضيق، و هي تمتم ترد عليه بصوت متحشرج، قد فاض بها الأمر
:- كنت متخلفة، و هبلة مش فاهمة حاجة، فاكرة إن الفلوس كل حاجة، و أهه ربنا بيعاقبني على تفكيري بجو...
لم تشعر سوى بتلك الصفعة التي هوت فوق إحدى وجنتيها فارتدت الى الخلف بسبب قوة الصفعة، تحدث بعدها بغضب، و قسوة تتناثر من عيناه الغاضبتين
:- إياكي ترفعي صوتك، و متنسيش مقامك كويس في البيت دة و العيلة كلها، أنتِ زيك زي أي خدامة تقعدي تحت رجلي، قومي و في خلال خمس دقايق لو ملقتش الفطار هخلي ليلتك سودا اتقي شرى انهاردة بالذات.

وضعت يدها فوق وجنتها بضعف، و أومأت له برأسها الى الأمام بخفوت، و بالفعل نهضت متجهة الى اسفل بخطوات ضعيفة مُجهدة، تفعل ما أمرها به، لكنها سرعان ما ابتسمت عندما رأت جهاد والدته، و هي تربت فوق كتفها بحنان، قائلة لها بنبرة هادئة، و هي تطالعها بشفقة
:- معلش يا حبيبتي هو تلاقيه متعصب عشان قاسم ابن عمه راجع من السفر بكرة او بعده، فحاولي تتجاهليه.

لم تشعر بشئ اخر سوي بتلك الإبتسامة التي زحفت ترتسم فوق شفتيها عندما ذُكر اسم قاسم أمامها، بدأت ذكريات متعددة دفنتها داخل عقلها، و قلبها تهاجمها في أنٍ واحد، بدأت تلعن ذاتها بغضب، تلعن ما فعلته في ماضيها، هي من ضيعته من بين يديها، هي من ضيَّعت حب حقيقي في حياتها، بدأت تتذكر حديثها له عندما أخبرته أنها بالطبع لن توافق من الزواج بشخص فقير مثله،هي تريد شخص يساعدها للأبتعاد عن الفقر الذي كانت تعيش فيه، ظلت تبكي بقهر،و ضعف، و هي تقارن لحظاتها السعيدة معه على الرغم من بساطتها، و لحظاتها التي تعيشها الآن، تمتمت بخفوت لذاتها كأنها تتحدث مع شخص آخر يقف أمامها
:- اهدي يا رحمة أكيد مش هو أنتِ، بتقولي إيه يخربيت التخلف بتاع عقلي، ايش جاب دة لدة بتقولك ابن عم الزفت مصطفي، لكن قاسم حبيبك كان شخص بسيط شغال زيك في محل على قد حاله اهدي بقا احسن حد يحس و لا نلاقي سي زفت دة فوق دماغي مجرجرني من شعري على فوق.
كانت تتحدث، و هي تضع يدها فوق موضع قلبها بضعف، و دموعها تسيل فوق وجنتيها بغزارة، فهي مَن ضيعته مِن بين يديها، هي من ضيعت ذلك الحب بسبب تفكيرها، و ها هي الان تُعاقب بسبب ذلك التفكير، مهما مر من الزمن لن تنسى أبدًا نظرته لها بعدما رفضت حُبه، و أخبرته انها لن تريده، تشعر بالأشتياق الآن يأكل في قلبها،  نيران متأهبة تشتعل بداخل قلبها...
      _ لا يوجد شئ أصعب من جلد الذات
ذلك يعني أنك وصلت لأعلى درجات الندم_
       
استفاقت من شرودها،  بركة افكارها الوخيمة التي كانت ساقطة بها، ثم بدأت تعد الفطار له بمساعدة بعض الخدم كما طلب منها و هي تطالع حياتها بنظرة حزينة تنبع من ثناياها تكاد ترهق روحها التي كانت زاهية، لكن الان وجهها شاحب كشحوب الأموات، كل شئ بها قد شَحب،و كأن تلك الحياة القاسية قد خلقت منها شخصية جديدة حزينة، و باهتة محت الحياة أي أثر لشخصيتها القديمة، فهي حقًا است كما كانت في السابقِ، فرت من عينيها دمعة حزينة، تدمع بقهر عندما تتذكر ابتسامتها الجذابة، الصادقة التي كانت لم تفارق شفتيها، و كان قاسم حبيبها يقع في عشقها، يخبرها انه يعشق ابتسامتها و سيبذل كل كا في جهده؛ كي يجعلها تظل مبتسمة، لكنها قامت بفقدانه بإرادتها و فقدت ابتسامتها هي الأخرى، تنهدت تنهيدة حارة، حارقة تحاول باذلة قصاري جهدها؛ لتعيد ذاتها للواقع تاركة بحور ذكرياتها السعيدة بالنسبة لعقلها الذي يتذكرها ليهرب من حُزن الواقع، بينما لقلبها هي اصبحت ذكريات مؤلمة مصحوبة بنيران الاشتياق الذي تحرقه، بعد ان انتهت من إعداد الفطور، خرجت من المطبخ وجدته قد نزل هو الآخر، و جلس فوق مائدة الطعام، و بدأ يتناول فطوره الذي قامت هي بإحضاره، تمنت لوهلة لو أن يكن لديها الشجاعة و تقوم بوضع السم في ذلك الطعام الذي تحضره بدون رضا، لكن و للأسف هي تعلم أنها أجبن من فعل ذلك على الرغم من الكره الشديد الذي يكنه قلبها له، قطعت افكارها و شرودها عندما استمعت جهاد والدته و هي تتحدث بهدوء و تعقل، تخبر إياه
:- قاسم راجع بكرة يا مصطفي، ياريت تروح تستقبله و تجيبه من المطار، دة ابن عمك برضو.

مغفرة قلب (هدير دودو)  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن