و ذات ليلة كانا بإحدى الحفلات، يجلس كالعادة في حالة سكون، شارد و ضائع تغزو ملامحه إمارات الوهن و الإرهاق، و إذا به ينهض و يخبرها مجرد المعرفة قائلاً:
-أنا رايح التويليت و راجع.
نظرت إليه قليلاً و حدسها يخبرها سبب ذهابه إلي المرحاض ليس لقضاء حاجته بل لشيء آخر عليها أن لا تمُر الأمر هكذا!-أتفضل و أنا مستنياك بس ياريت ما تتأخرش عشان عايزة نمشي.
لم يُعلق و ذهب، بينما هي جلست في انتظاره حتي آتتها إحداهن بصياح مفاجئ:- مورو.
رفعت وجهها لتري من تلك، ابتسمت إليها فأردفت الأخرى:
-أي ده أنتي و مستر علي هنا بتقضو الهني مون؟أجابت الأخرى باقتضاب و بشبه ابتسامة، تعلم خصال تلك الفتاة الثرثارة:
-اه، و أنتِ؟جذبت الفتاة الكرسي و جلست دون أن تسمح لها الأخري و أخبرتها:
-أنا جاية هنا في رحلة مع أصحابي يومين و كدة و بعدها هانرجع الشركة و وجع القلب، ألا قولي لي عرفتي توقعي مستر علي إزاي يا سوسه ده الراجل ملحقش يشم نفسه قومتي شقطيه علي طول كده خبط لزق و جواز كمان!أطبقت شفتيها بابتسامة صفراء و أجابت عليها بحنق لم تبديه بالكامل:
-ما إسمهاش شقطه يا حبيبتي، و بعدين هو كان عارفني من أيام الجامعة و كنا بنحب بعض و الظروف بعدتنا و سبحان الله الشغل جمعنا ببعض و هو طلع عايش علي ذكري حبنا و أنا كمان بحبه.عادت بظهرها إلي الوراء بعدما انتهت من كيد الأخرى، لا تعلم ما تخبأه لها أو تلقيه عليها كالآتي، اقتربت منها و كأنها ستخبرها سراً عظيماً:
-غريبة يعني طلعتو تعرفو بعض، أصل البت السكرتيرة بتاعته كانت قايلة قبل كدة إنها شافت مستر علي و ندي ربنا يستر علي ولايانا في وضع مش مظبوط و عمال يقولها كلام اللي فهمته إنه كانو علي علاقة مع بعض قبل ما تتجوز.كفي هُراءاً لقد تعدت كل الحدود و يجب وضع حداً ساحقاً لها، هبت واقفة و بلهجة شديدة التحذير صاحت بها:
-عارفة لولا إن إحنا في مكان عام كان هايبقي ليا تصرف تاني معاكِ، أولاً اللي بتتكلمي عنهم الأول يبقي جوزي و التانية تبقي صاحبتي و مفيش أي تخلف من اللي بتقوليه ده،و عارفة أن فضولك هايموتك لكن اللي زيك مالهمش أي لازمة أو أهمية أن أرد علي كلامهم، فياريت تخلي عندك كرامة و تغوري من هنا و أرجع للشركة ما شفش خلقتك خالص بدل ما أمشيكي منها بفضيحة عشان و لا تعرفي ترجعي و لا تلاقي شغل في حته تانية.ابتلعت الأفعى سُمها و لم تجد رداً أو ربما خشيت من تهديد الأخرى لها، هزت رأسها و قالت:
-متشكرة أوي أوي علي أسلوبك و كلامك، بس عايزة أقولك ده كلام الكل في الشركة و كان غرضي أوعيكي باللي بيتقال من ضهرك و عايزة مصلحتك، عن إذنك.يا لها من داهية تمتص غضبها خوفاً علي طردها من العمل و ذات الوقت تُضرم النيران بها لتجعلها تحترق، فما أكثر الأفاعي في حياة كل منا يتظاهرن بوجه الملاك و هم بالحقيقة كالوسواس الخناس يُخبئ لك شراً مُستطيراً.
ابتلعت غُصتها اللاذعة و ذهبت نحو المرحاض لتنتظر زوجها في الخارج، و في طريقها لاحظت وجوده في ركن بعيد و ينحني للأمام، اقتربت منه لتري ماذا يفعل و هنا صدق حدسها وجدته يستنشق هذا المسحوق الأبيض اللعين.
رفع رأسه عندما شعر بوقوف أحدهم أمامه، رمقها ببرود و لم يبرر لها موقفه، نظرت إليه و ألسنة النيران تندلع من عينيها، تريد الفتك به علي كل ما حدث، عودته إلي تعاطي المُخدرات بعدما أعطي لها وعداً وهمياً بأن يبتعد عنها، لكن كيف له أن ينسي أكبر همومه دون أي وسيلة كما أعتاد منذ سنوات!
- تصدق بالله أنت حلال فيك وجع قلبك اللي عمره ما هينتهي و هاتفضل عايش زي المذلول، و أنا من غبائي أو ربنا إبتلاني بُحبك و أديني بدفع معاك التمن،بحاول معاك علي قد ما بقدر و أنت بترجعنا لنقطة الصفر،أنا جبت أخري منك و كل اللي أقدر أقوله لك كتك القرف.
ألقت كلماتها و ركضت باكية،نهض و أسرع خطاه خلفها مُنادياً:-مروة أستني، مروة أسمعيني بس، مروة.
لم تقف و مضت في طريقها تبحث عن سيارة أجرة، كادت تعبر الطريق لكنه ألحق بها و أمسكها من يدها:
- حرام عليكِ، أسمعيني بقي.صرخت في وجهه و قد فاض بها الأمر من كل الجهات، كلمات الفتاة إليها منذ قليل و ما فعله هو أيضاً:
-حرام عليك أنت نفسك و اللي بتعمله فيا، أنا كل اللي طلبته منك تحافظ علي نفسك من القرف اللي بتشمه، لو مش خايف علي نفسك أنا خايفه عليك عشان بحبك، لكن أنت مش عايش حتي لنفسك، أنت عايش بس عشان الست ندي اللي هاتجيب أجلك و هاتموتني بقهرتي عليك.رمقها بتوسل و يمسك بيديها معاً:
-أنا و الله بحاول أنساها و يمكن الكوك بيساعدني علي كده أحسن ما أتجنن من كتر التفكير.
لم تتحمل و صاحت بغضب:
- و أنا هاموت من وجع قلبي.
- بعد الشر عليكِ، أنا دلوقتي مليش غيرك أنتِ و إبني اللي في بطنـ....
بتر جملته بصياح و ذعر:
-مروة!و ذلك عندما تحركت قليلاً و لم تنتبه إلي تلك السيارة التي اصطدمت بها للتو!
أسرع بحملها و أدخلها إلي سيارته و توجه نحو أقرب مشفي، و هناك قام الطبيب بالإجراءات و الإسعافات الأولية، الخوف يمتلك منه بقوة، يشعر بالذنب الشديد تجاهها، و بمجرد خروج الطبيب من الغرفة ركض نحوه ليسأله عن حالتها يُريد الاطمئنان عليها:
-هي عاملة أي يا دكتور؟أجاب الأخر و يكتب في دفتر ورقي:
-هي الحمدلله بخير، الخبطة كانت خفيفة بس واضح إن من الخضة نفسها أغمي عليها، و دلوقتي فاقت، هانعلق لها محلول و بإذن الله هاتبقي أحسن.تذكر أمر حملها و لا يعلم ما دفعه إلي سؤاله:
-طب و الجنين؟عقد الأخر ما بين حاجبيه باستفهام:
-جنين أي؟-أصلها حامل و داخله علي شهرين و أكتر.
أخبر الطبيب بهذا ما جعل الحيرة ترتسم علي وجهه و عقب علي ما قاله:
- أنا عملت لها فحص كامل، مفيش حمل!
ــــــــــــــــــــــــ
اقتباس من الفصل ٣٨ اللي هينزل بالليل بإذن الله،فصل مليئ بالاحداث و فيه مفاجآت من العيار التقيل😉، يلا تفاعلو و شجعوني أكتب و أنزل علي طول و الناس اللي بتقرأ في صمت ياريت تدوسو لايك حتي مش هتخسرو حاجه و كمان تقدير و دافع ليه أنزل بإستمرار مش هشترط عليكم رقم توصلو ليه للتفاعل و لا اهـ ددكم بس سيباكم أنتو و ذوقكم بقي عايزة اشوف بتحبوني قد اي🙈🥰 خلوني اخلص من فارس بلا مأوي عشان أفضي لرواية غابة الذئـ اب و اللي احداثها هاتبقي أجمد بكتير من الجزئين اللي قبلها، من الآخر هبهركم 🤩🤩💃🏻💃🏻💃🏻
أنت تقرأ
فارس بلا مأوي «مكتملة»
Romanceعاد إلي وطنه ليتزوجها لكن قابله القدر بغير ذلك، كُتب عليه الهروب بعيداً، تحمله عاصفة من الأحداث من مكان إلي آخر حتي أصبح فارس بلا مأوي. بينما هي تحت رحمة شقيقها الذي لا يعرف معني للأخلاق فالمال غايته والحقد يملأ قلبه سواداً حالكاً، ألقي بها أسيرة...