" الفصل الأول "

62.6K 929 60
                                    

#الفصل_الأول
#فارس_بلا_مأوي
#بقلمي_ولاء_رفعت

تُحلق الطيور في كبد السماء متجهة إلي أعشاشها الواهنة ، فالشمس أنذرتهم بالمغادرة وهي تلملم أشعاتها الذهبية، فتنعكس حُمرة الشفق علي عيون بللون الغيوم المُلبدة، تراقب السرب المُحلق من بين قضبان نافذة شاحنة الترحيلات، بداخلها الظالم والمظلوم ولكل منهم حكاية، ومن بينهم هذا الذي ما يزال يحدج في الخارج من النافذة، يستمع لإحدهم وهو يغني بكلمات قد زادت علي جرح فؤاده أكثر ليزداد النزيف ويذرف القلب دماء الحزن والشجن.

_ آه يابا... آه يابا
ليه سبتني يابا في وسط الدنيا الغابة
تفتكر الي من دمك حبايب ويطلعو ضباع وديابة
عاشق بس الزمن رماني بكل قسوته في النار
إكمن قلبي الطيب مديله الأمان ونسيت إنه غدار
آه يابا... آه يابا

يبدو إحدهم قد مل وتملك منه الإنزعاج المنبلج علي ملامحه الإجرامية، فصاح فيمن يُغني:
_ ما كفايه إكده يا أبو عمو، مش ناجصين ولوله وعويل عاد.

صمت الذي يغني وقال له بتهكم:
_ لو مش عايز تسمع يا بلدينا عندك صوابع يدك حطها في ودانك.

حدجه الآخر بشرٍ وبتهديد قال:
_ ما أنا بدل ما أحط صوابعي في وداني أرشجها في خشمك وأطلع حنچرتك في يدي! .

أندفع نحوه في وضع الهجوم لكن دفعه العسكري يصيح فيهما:
_ چري أي منك ليه؟ ، جسماً بالله لو ما أتلميتو لأفرغ رصاص البندجية ده فيكم چتكم البلا.

أجاب الشخص الأول:
_ دماغنا مصدعه والباشا مفِكر إننا في رحلة مش رايحين نتعرضو علي النيابة.

_ واه! ، ما خُلصنا يا جنيدي، وخليك في حالك.

عاد هذا الجنيدي بجوار المُكبل معه يتأفف من الضجر، فوقف بجواره وقال:
_ أنت يا أبو عمو، شايفك عتبحلج من الشُباك و واجف أكتر من ساعة، شكل حكايتك واعرة جوي.

ألتفت له و نظر إليه بصمت ثم عاد ببصره نحو النافذة بدون أن ينبس بحرف واحد، فأردف الآخر بضيق:
_ بس أني خابرك زين، شكلك واد ناس مش وش إچرام عاد.

تنهد وأستدار له قائلاً بسخرية:
_ وعتفرج أي، واد ناس ولا ولد غلابة، أني في نظر الجانون تاچر مخدرات، دليل وشهود وأديني مترحل علي النيابة.

تعجب الآخر وقال:
_ واه يا أبوي! ، تاچر مخدرات مرة واحدة! ، طب لافيني سوجارة وحياة أبوك، صاحبك خرمان و ولد الصرمة الي كان بيغني هناك ده چابلي صداع في نفوخي .

أرتفعت شفتيه بسأم وقال:
_ مليش في الدخان.

رمقه عاقداً حاجبيه بسخط فقال:
_ عچيبة، ملكش في الدخان وتاچر مخدرات ده حتي عيبة في حجك يا چدع، ولا كيف ما بيجول المثل باب النچار مخلع.

أجاب بأقتضاب وبدأ ينبلج علي ملامحه الملل:
_ مبحبش السچاير.

لم يكُف عن طرح أسألته المزعجة:
_ مجولتليش إسمك أي؟.

فارس بلا مأوي «مكتملة» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن