مرت دقيقة تلو الأخرى بل عدة دقائق قاربت علي النصف ساعة، و ما زالت جالسة في انتظاره حتي نفذ صبرها، نهضت و كادت تخرج اصطدمت به علي باب الغرفة، تراجعت خطوة و عينيها المُزينة بالكحل و الأهداب الصناعية الكثيفة بينهما تتلألأ عدسات لاصقة رمادية، تنضح بالغضب العارم، و لأنه أراد عدم الخوض في مناقشة حادة أخبرها بـ برود يُحسد عليه:
-عم عربي كان بيعتذر و بيبارك لنا و عم چابر كلمني بعده بيعتذر إنه ما چاش لأچل الخالة هنادي تعبت و جاعد وياها و بيبارك لنا.صاحت بنبرة شديدة السخرية:
-الله يبارك فيهم يا أخويا،و نعم الذوق قاعدين طول اليوم و مستنين دلوقت عشان يتكلمو و يعتذرو و الله فيهم الخير.كانت تلوح بيديها ثم عقدت ساعديها أمام صدرها سرعان ما قامت بتركهما و تراجعت بتوجس بضع خطوات إلي الخلف بعد تلك النظرة المُخيفة التي يرمُقها بها للتو، يقترب منها و يتحدث بنبرة تبدو هادئة في ظاهرها بينما تحمل في باطنها تحذيراً بالغاً:
-أسمعيني زين يابت الناس،أول حاچة و حطيها حلجة في ودانك صوتك ما يعلاش عليا و هاتكون أول و أخر مرة، تاني حاچة الناس اللي عتممسخري عليهم يبجو أهلي و ناسي و إياكِ تكرري اللي سوتيه دلوق مرة تانية، مفهوم؟ظلت متسمرة في مكانها، صاح بحدة أجفلتها:
-ما سامعش.أومأت إليه و رددت:
-حاضر.أبتعد ليأخذ ثيابه المطوية بعناية أعلي السرير و قال دون أن يعيرها نظرة واحدة:
-خدي راحتك أهنه أني هاغير خلچاتي في الأوضة التانية، لو محتاچة حاچة أبجي نادمي عليا.و ما أن تحرك خطوة مدت يدها و أمسكت بساعده تنظر إليه بأعين متوسلة بأن لا يتركها بمفردها قائلة:
-أنت مش هاتتعشي معايا؟نظر إلي يدها الممسكة به أولاً و تنهد ثم أخبرها:
-أتعشي أنتِ، أني مش چعان.حدقت إليه ببراءة و دلال قطة تلعب علي أوتار مشاعر صاحبها:
-بس أنا جعانة، و ما بعرفش أكل لوحدي.لم يجد مفر سوي مشاركتها فأخبرها:
-ماشي،لما تغيري خلچاتك حضري الواكل و أني هستناكي في أوضة الضيوف.تراقص قلبها طربا أول محاولة ظفرت بها مما جعلها تتجرأ إلي مطلب أخر و ترتسم علي ملامح وجهها إمارات الخجل:
-هاغير هدومي إزاي، و فستاني زي ما أنت شايف مش عارفة أتحرك منه.أنتبه إلي ثوبها الأبيض ليري لديها حق، لم تستطع خلعه و هذا بسبب السحاب الخلفي، صعب أن تقوم بإنزاله و كذلك أيضاً الوشاح و الحجاب المتدلي أعلاه كل منهما متشابك بإبر رفيعة لم تتمكن من خلعها بمفردها، أخذ يساعدها بفك كل تلك الإبر و ألقاها أعلي طاولة الزينة، و بسحب أخر إبرة قامت هي بجذب الوشاح، فكشفت عن خصلاتها الحريرية ذات اللون الأشقر الصناعي، انسدلت خصلاتها مما زاد مظهرها الجذاب جمالا لم يستطع أي رجل أن يراها بتلك الهيئة و الزينة و ألا يكف النظر إليها بل و تأسر قلبه، لكن صاحب العينين الرماديتين كان له رأي آخر، نظرته إليها يغلفها جبال من جليد نهضت و ولت ظهرها إليه و قالت بدلال:
-ممكن تفتح لي السوستة عشان مش هاعرف.
![](https://img.wattpad.com/cover/252258550-288-k397815.jpg)
أنت تقرأ
فارس بلا مأوي «مكتملة»
Romansaعاد إلي وطنه ليتزوجها لكن قابله القدر بغير ذلك، كُتب عليه الهروب بعيداً، تحمله عاصفة من الأحداث من مكان إلي آخر حتي أصبح فارس بلا مأوي. بينما هي تحت رحمة شقيقها الذي لا يعرف معني للأخلاق فالمال غايته والحقد يملأ قلبه سواداً حالكاً، ألقي بها أسيرة...