لِكَي أرحَل

935 116 23
                                    

.
.
.
.
.
.
مرَّت الكثير مِن الأيام ، اقوم بالمَجيء للجلوس هُنا... ليس مكاني المُفضل و لكن يُمكنني تأملُه من هنا.

وسَط الأشجار و الزهور و السماء و كل ذَلِك أصبَح تركيزي عليه هو فقَط، لا أعلَم لما و لكن أشعُر أنه مميز.

صوت أريام لا زال موجوداً و أصبحت تتحدث بكل ما يُفكر به ذهني من أشياء سوداوية ...أصبح ذَلِك يؤلم حقاً ، و لكنها تختفي عندما انظُر إلَيه...لا أعلَم حقاً ما الذي أفعله.

تحرَّكَ هُوَ بَعيداً عائِداً إلى غُرفته فوجدتُ نفسي أتحرَّكُ وراءه ...أريد الحديث معه رُبما؟ أو فقَط رؤيته عَن قُرب؟ أو فقَط.... أُريد سماع صوتها الآن؟

امشي ببطئ خَلفه ثُم توقَّف فجأة.
" غُرفتك في الجهة المُقابلة"

قال ببرود بينما تجمدتُ أنا ، نظر إلَي مُتفحصاً ثُم توقفَت عيناه عِند عيناي.
شعرتُ بالدماء تتصاعد إلى وَجهي و لَم أقدِر على الحراك.

" لما تتبعيني؟"
حاولت الحديث و لكن ... ترددت ، لَم اتحدَّث لأحدٍ على أرض الواقع سوى الطبيب.

نظَر إلَي ببرود.
"أُريد إعلامَكِ فقَط أني لا أطمح لتكوين أي صداقة"

قال ثُم ابتعَد مُتجهاً إلى غُرفته ...و بقَيتُ أنا واقِفة حتى أيقظني ذاك الصوت ثانيةً.
" أنا لَستُ وقِحة مثله ألَيس كذلك؟"

"أنتِ فقَط في مُخيلتي ..أنا مَن يُمكنني جلعك وقحه و أنا مَن يُمكنني جعلُكِ لطيفة، و في كلا الحالتين لا يفرِقُ هذا كثيراً لانَّك فقط من وَحي خيالي"
قُلت بينما لَم أُناظِرها و التفتت إلى الجهة المُعاكسة ، خطوات عدة حتى سمعتُ صوت ضحكاتها.

" ڤيا يُعجبني كَونَكِ تريدين التخلص مني"

" لا أريد التخلص منك أريد أَن أتعافى"

" و ماذا عَني ڤيا ألَن تشتاقي إِلَي؟"

التفتت لأناظرها.
" لا أريد أن أشتاق إلى سراب ..لا أريد أن أكون مريضة ، توقفي أريام"


ابتسمت بجانبية.
"و هكذا لَن تكوني مريضة؟ تأخذين ادويتك بينما ظهرتُ أنا ...لَم تُشفكِ العقاقير ، و لَم تجعلُكِ تشعورين بما جعلتكِ أنا تشعرين بِه"

نظرتُ إلَيها ثُم استمررتُ بالمشي و لكن كانت تُلاحقني في كُل مكان ..
عَقلي يُحاصرني مِن كُل اتجاه.

"حتى ذاك الذي كُنت تُحاولي تشتيت عقلَكِ به... تجاهلَكِ"

"فقَط توقَّفي"

"بَل توقَّفي أنتِ عَن الهرَب و مُحاولاتِك البائسة تِلك"

لا زِلتُ أمشي بطريقة عشوائية ...تائهة مثلما أنا تائهة في عقلي الآن.
"أَنتِ لا تتذكريني حتى ڤيا"

توقَّفتُ لوَهلة ... أتذكرها؟

"نعَم لا تتذكريني ... أبي دائِماً ما كان معَكِ، عقلُكِ لَم يقُم سوى بتذكيرك بي ..أو بصورةٌ مني ڤيا"
كانَت تقتَرب ببطئ.

"تِلك الأيام التي كنا نلعبُ بها معاً ...أنا و أنتِ بالمدرسة ، و عندما ذهَبت كنتِ تُحادثيني كُل يَومٍ مُتمنية أَن أكون بخَير، تُحادثيني كأني على قَيد الحياة ...فقَط كالآن"

اتسعَت حدقتا عيناي ...نعَم لقَد تذكرتها.
"لقَد اشتقتِ لي ألَيس كذَلِك؟ لذلك أنا هُنا ...و الان تريديني أنا أذهب؟"

جلَستُ بجانب حائط الطرقة مستندة عليه....لقَد تذكرتها و تذكرتُ ذاك اليوم الذي أتت به المُعلمة لتُخبرنا أنها رَحلَت للأبَد ..

بكيتُ و لَيس رحيلها الذي يُبكيني الآن... بَل رحيل مَن هُوَ أغلى و أثمن فقَد رَحل مثلما رحلَت هِيَ.

لا تأتي الأحزان فرادى.

بكيتُ بشدة لتذكري لهم ..كانَت أحاديث عَقلي الدائمة و هلوساته دائِما ما تجعلني أتناسى ما يَحدُث مِن حَولي و ما حدَث بِالفِعل ...حتى نسيت و ها أنا أتذَكَّر.

بكيتُ حتى لَم أستطع التنفس ،عبرات كادت تخنقني ..تقتلني.

الجميع في أوقات الحزن ظَن اني بأحسن حال بتلك الإبتسامة على وجهي ...القناع المزيف ذاك كان مِن صُنع عَقلي..

عالَمٌ مِثالي في خيالي حيث أوجدتُ كُل شيء احتجته يَوماً هو ما كان يجعلني أبتسم ...أشعُر ..و أتناسى الحزن ...حتى تكاثرَت الأحزان فما عُدتُ أشعُر، و ها أنا هنا على إثر ذاك العالم المثالي بعقلي و الذي انقلَب ضدي ....أصبَح جحيمي و سجني الأبدي.

كُنت أراه كما هِيَ واقفه أمامي.
"مؤلِم و لكن عليكِ مواجهته ..لِكَي أرحَل "

قالَت بإبتسامة حزينة و أنا لَم يعُد بإمكاني سوى البكاء فقَط.

التقطت أذني خطوات أحدهم ،عيناي لا يُمكنهما الرؤية ..لَم ألتفت حتى.

توقَّفَت فجأة الخطى ثُم أسرعَت ناحيتي، و حالما أقترب ...لَم أفعَل شيء سوى الإستسلام..

لَم أُرِد سوى عِناق..
.
.
.
.
.



Exception|| JJK ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن