الفصل الرابع

34.5K 1.9K 113
                                    

الفصل الرابع...

جف حلق "زيدان " مفكرًا في سبب اتصال "ميرڤت" المفاجئ وراح عقله ينير له سوء نيتها، والإشارة في ذلك هو صوت والدته الحانق:

-خير إيه يا حبيبتي اللي متصلة عليا فيه، هو أنتي هيجي منك خير أصلاً.

أغمض جفونه في قلق وتخيل رد فعل عائلته على خطبته السرية، حتمًا ستصيبهم صاعقة من فرط حماقته.

-صوتك عمره كان خير يا ميرڤت.

قالتها "منال" في عصبية، بينما تحفز جسد يزن وهو يتابع والدته الغاضبة من عمته، التي بالتأكيد لم تصمت حتى الآن وما زالت تبث سمومها لوالدته، فأشار إليها بإغلاق الهاتف ولكنها أبت واستكملت الاتصال وهي تتوهج بشرارة الغضب والكرة:

-لا متتصليش ولا تسألي اللي كان رابطنا بيكي مات خلاص.

نهض "زيدان" حينها وجذب الهاتف من يدها القابضة عليه، وأغلق الاتصال فصاحت والدته بضيق عارم:

-كنت سيبني أربي الحربا.ية دي.

وضع الهاتف وهو يتمتم بضيق مماثل:

-مالوش لزمة يا ماما خلاص، احنا قطعنا معاها من زمان.

أكد "يزن" على حديثه بجدية:

-صح، وبعدين تلاقيها هتموت من اللي عملوا فيها سليم بس.

عادت البسمة تحلق فوق شفتيها وردت في فخر وانتصار:

-والله ما حد ريحني إلا هو، زمانها محروقة منه، هو طول عمره سليم ابني مجننها.

انسحب "زيدان" من محادثتهما ودخل غرفته ينفث عن غضبه الشديد من ضغط "ميرڤت" عليه  في مساعدته لحل قضية زوجها وابنها وهذا بالطبع لن يحدث أبدًا، ولن يخون مهنته حتى لو كان أخر نفس لديه، فليذهبا إلى الجحيم وعلى رأسهم رأس الأفعى المدمر لحياته عمته، أما نهى فلا ذنب لها في كل ذلك، سوى أن العاطفة لغت عقلها.
دفع نفسه نحو فراشه، يتوسط الوسائد المرصوصة، يدفن وجهه بها متنهدًا بقلة حيلة بعدما فشل في الافلات من عقبة نهى وأصبح متورطًا بشكل أثر على حياته بطريقة سلبية.
حاول نفض الافكار السلبية بعيدًا عنه، والعودة حيث الصباح حين التقى بحب حياته بعد غياب لسنوات أرهقت بها عقله من كثرة التفكير بها وأشعلت نيران الاشتياق بقلبه الطالب بعودتها.
قضى الليل بأكمله في التفكير بها وتذكر لحظة لقائهما، وبالطبع لن ينسى صورهما معًا التي احتفظ بها في حاسوبه في سرية تامة، كلما شعر بالاشتياق يعود إليها كالشريد.
                                                ***
صباحًا بشقة "خالد"
فرق" خالد" جفنيه بصعوبة باحثًا عن أي ذرة نشاط للقيام بمهامه قبل الذهاب لعمله، ولكن لا زالت أثار النوم متعلقة بعينيه، وجسده يقاوم الاستيقاظ متشبثًا بفراشه لأخذ قسط أخر لعله يفيده لو بقليل.
أخيرًا نفض الكسل عنه ونهض بوجوم يتحرك بصعوبة نحو المرحاض لأخذ حمامًا باردًا ينعش به جسده قبل انطلاق معركة التنظيف اليومية.
وبالفعل بعد مرور عدة دقائق خرج من المرحاض متوجهًا نحو المطبخ يلملم قطع الثياب الملقاة أرضًا ويضعها في آلة التنظيف، ومن بعدها اتجه نحو إبريق الشاي يصنع له كوب شاي ساخن يهدأ به نفسه الثائرة والطالبة بقتل خاله وابنه على قلة نظافتهما.

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن