الفصل الخامس

29.4K 2.2K 111
                                    

الفصل الخامس...

لقد سُحب البساط من أسفلها وبقيت في الهواء بلا أمان، هوت كطير شل جناحيه فجأة، وفقد القدرة على التحليق، اصطدمت بواقع مرير لم تكن تتوقعه حتى في أحلامها، لم تتخيل قط أن هناك نفوس بهذا الشر والبغض، سرت رجفة قوية في جسدها فحاولت أن تتمسك بالحائط على أمل بأن تستمد القوة في مواجهة هذا الخناس الذي تجرد من كل معاني الرحمة.
دارت عيناها هنا وهناك بضياع أهلك عقلها في التفكير لقد كان كل شيء حقيقي ابتسامتها، نظراتها، ملامحها الصافية حتى خصلات شعرها بلونها الأسود، عدا ذلك الجسد العاري لم يكن لجسدها ولكن من سيصدق؟!
غلى شعور بالانتقام داخلها في تلك اللحظة وحثتها أفكارها المضطربة على قتله والتخلص منه قبل أن تظهر تلك الفضائح علنًا وتصبح علكة في أفواه الأخرين.
حولت "مليكة " بصرها نحوه والشر يتطاير من مقلتيها رغم الضعف المتوغل لروحها، إلا أنها استطاعت إظهار قوتها حتى لو كانت مصطنعة ستحاول أن تتشبث بها في سبيل الخلاص منه.
فتحت الباب على مصراعيه وانطلقت في لحظة نحوه تمسك بمقدمة قميصه بعنف، ورغم أنها كانت ليست سوى شراسة أنثوية ضعيفة إلا أنها أصابته بالتوتر وذلك بعد أن همست بصوت خافت:

-أنا هقتلك وأشرب من دمك يا ماجد، فاهم هقتلك.

ورغم زعزعة الثقة لديه أمام القسوة المتأصلة بحروفها، إلا أنه رد بكل ثبات ممزوج بالسخرية:

-وهتقتليني بالسكينة ولا بالمسدس، عشان أجهز نفسي بس للموت.

اشتدت قبضتيها فوق قميصه حتى  أنها كادت تقطعه من ضراوة مشاعرها، فبدأت في هزه بعنف وهي تردف بصوت مبحوح اثر صدمتها:

-أنت إيه مبتحسش، حسبي الله ونعم الوكيل فيك.

حاول إبعاد يدها عن ثيابه ولكنها أبت وتمسكت به في ظل انهيارها العصبي، فقرر رفض هجومها فارضًا طغيانه عليها وابتعد خطوة يهندم ثيابه والسخط ينزلق من كلماته:

-اهدي بس يا دكتورة، أصل الحكاية لو اتنشرت محدش هيخسر غيرك صدقيني، أنا مظبطها على مقاسك.

أغمضت جفونها وقد ظهر الضعف على ملامحها بعد تهديده المبطن، فاستغل ذلك وواصل ما يقوله بنبرة فاح منها الخبث والكره:

-أنتي فاكرة أن بحبك، لا خالص..

فتحت عيناها وظهر بها التيه من واقع كلماته الغريب، فما الفائدة من فعلته الوقحة طالما لم يكن الحب؟!

-أنتي مجرد جسم عاجبني، وشكل جديد عليا مجربتوش، واللي عاجبني فيكي  شراستك، زهقت من الصنف العادي، نجرب الجديد.

شملها بنظرات عابثة وركز ببصره فوق مناطق معينة، فشعرت وكأنه جردها من ثيابها، مدت يدها تلقائيًا تشد فوق ثيابها، والامتعاض يقسو فوق ملامحها وهي تقابل نظراته باشمئزاز من وقاحة خصاله، فاندفعت كلماتها بصوت متقطع:

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن