|1| عناقٌ وتربيتةٌ على الكتف.

461 43 58
                                    


" كأسٌ آخر جو، من فضلك. " أشرتُ للنادل الذي يقف خلف البار يحرك يديه بسرعة خاطفة ويخلطُ النبيذ بعضها ببعض من طلبات الذين هم حوله، سواءً على المقاعد المرتفعة ذات الجلسة المدورة أو على الطاولات المتوزعة في الحانة.

" على الفور، آرثر. " رفع لي يده الفارغة بإشارة لايك، بينما الأخرى تحملُ مشروباً، التقط مكعبات الثلج ووضعها فيه، ثمّ قدمه لرجل في أواخر الأربعينيات كان يجلسُ على مقربةٍ مني، والذي بدوره أومأ لي بابتسامة لاردها له. وأجيل بصري في أنحاء الحانة الفارغة إلا من القليل من الأشخاص.

كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة والنصف مساءً، كل شيء يبدو كما اعتدته في هذه الحانة الغريبة، الأشخاص أنفسهم مع زيادات قليلة، فذاك الرجل ذو الخمس وستين عاماً الذي يأتي يومياً ويجلسُ على الطاولة ذاتها، يشربُ ثلاث كؤوس من النبيذ المعتق ببطئٍ شديد للغاية، يدفع ثمنها ثم يغادر بعد ثلاث ساعات من الجلوس.

وتلك المجموعة من الفتية الذين احتفلوا من فترة قصيرة بنجاحاتهم في الثانوية يأتون في مثل هذا اليوم من كل أسبوع، يرقصون، يغنون، يضحكون، ويغادرون ثملين بعد ساعات أحدهم يجرُّ الآخر.

وتلك الشابة الثلاثينية التي تأتي منتظرة حبيبها في الساعة الثامنة والنصف تماماً كل يوم، ويأتي هو بعدها بنصف ساعة متأخراً عنها ويعتذر مثل كل مرة، فتبتسمُ نحوه وتعانقه وتخبره أن لا بأس بذلك، ويعدها بألاّ يتأخر عليها أبداً في اليوم الذي يليه، لكنه يعود ويتأخر نصف ساعة كاملة، وتعود هي لانتظاره نصف ساعة كاملة بدون كلل.

وأخيراً، أنا، الأربعيني الذي بجانبي، وجو.

لكن اليوم كانت هناك مجموعة صاخبة، خمسة فتيات شابات، تجلسن في طاولة في أقصى الحانة، أصوات ضحكهن تملأ المكان بشكل أو بآخر. أثنتان كنّ لا يشاركهن الضحك لكن يبتسمن بجاذبية، إحداهن كانت ذات ملامح عادية وعينان واسعتان وابتسامة تظهرُ حُسناً جميلاً في الذقن. وأخرى صهباء مع الكثير من النمش على وجهها، أما عينيها الخضراوان فقصة أخرى من جمالها الخلاب.

" شكراً جو. " شكرتُ جو الذي أحضر لي نبيذي الأبيض مع الكثير من الثلج الذي يجعلُ أسناني تلتمع لشدة برودته. ومع ذلك لا أتوانى عن شربه كل مرة بنفس الطريقة.

كان لديّ الكثير من العمل اليوم، وغداً عطلة بموجب الأمطار التي تُحتّمُ علينا ذلك لأن أعمال البناء لا تكون تحت المطر.

"نبيذي الأحمر جو." صوتٌ أنثوي رقيق شعرتُ به جانبي، ويمكنُ الشعور بابتسامة قائلته اللطيفة. التفتُ نحو الصوت فوجدتها الفتاة الصهباء ذات النمش الكثير. وبدت عن قرب ككتلة من النمش الأحمر اللطيف المتحرك.

نسيان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن