~ نبضة ثانية بعد العشرة ~
"إذا الحب أومأ إليكم فاتبعوه حتى وإن كانت مسالكه وعرة وكثيرة المزالق ..
وإذا الحب لفكم بجناحيه فاطمئنوا إليه، حتى وإن جرحتكم النصال المخبوءة تحت قوادمه..
وإذا الحب خاطبكم فصدقوه، حتى وإن عبث صوته بأحلامكم كما تعبث ريح الشمال بأزهار الحديقة..
و مثلما يتسلق الحب أعاليكم فيدغدغ أغصانكم اللدنة المرتعشة في الشمس ، هكذا ينحدر إلى أعماقكم فيهز جذوركم في الأرض هزاً عنيفاً .."الرائع جبران
،،
"لقد سَقَطتُ في الحب مرات عديدة و كنت دائما أحبك أَنت .."
خطواتها التي تسير بها نحو الـ "كوشة" لم تكن هي صاحبتها .. فلو كان الأمر بيدها ما تقدّمت خطوة بسبب هذا الخوف القاتل الذي يعتريها .. تقسم أنّها تكاد تقع من الدوار .. تشعر بالغثيان وخاصة مع سيل القبلات الذي ينزل عليها بين فترة وأخرى معيقا تقدّمها نحو ذاك الـ كرسيّ وإن كان تحته العذاب فإنّ راحة مؤقّتة ربّما تحظى بها جالسة عليه ..
شخّصت أنظارها نحو قامة تنتظرها أمام وجهتها تماما ..
ألا تريد هذه الـ جهينة أن تتركها سالمة ..؟
فها هو مرآها يعيد تفاصيل حديثها الأخير الذي سبّب تشويشا عقيما لعقلها وجعل تفكيرها يروح ويجيء في نقطة معيّنة تدور حول أفق وفراس .. كانت ستبكي أمام صلابة الأخرى وإبتسامتها المتّسعة لكنّ ضغطة غزى التي تسيّرها يمنيا، وقد تكفّلت والدتها بجهة اليسار، دفعت فيها ثقة للحظة لا غير ..لحظة كانت كفيلة لتصل فيها حيث عليها الجلوس لساعات ..
يا إلهي ستسقط مغشيّا عليها .. أنفاسها .. تبدو غائبة تماما .. تجاويفها القصبيّة تحتاج لهواء عاجل وإسعفات أوليّة ربّما .. ربما تنقذ حياتها التي تتهاوى على مشارف الهاوية .. مرّة أخرى ضغطة غزى على ذراعها، أرغمتها على الخروج من دوّامتها لتقع بين مقاصل الواقع الحادّة .. إنتبهت أنّها تطالبها الجلوس لتفعل طائعة .. وما كادت تستقرّ في مكانها، حتّى تراءت لها وجوه كثيرة، منها المعروفة لها ومنها من تجهل أصحابها .. لكن الجميع يدقّق فيها وهذا مخيف .. تشعر بكفّيها تتعرّقان وشعرها المسترسل يؤلمها حيث مسكته الأيادي العاملة لترفعه قليلا .. كلّ شيء يؤلمها وأهمّها ألم تلك العضلة ذات الحجم الصغير والمتواجدة جهة يسار صدرها والمدعوّة "قلبها" ..
"اِبتسمي .. يا قلبي لا تفزعي .."
أكان على والدتها أن تكون حنونة اليوم كما تمنتها دوما ..؟ ستزيد من رغبتها في الإرتماء في حضنها والبكاء ..
ما بها غدت حسّاسة ..؟
أيعود سببه لنفسيتها المتعبة ..؟ أم خوفها من نهاية هذه الليلة ..؟
فلتهدأ ..
أفق رجل وأكثر، لن يُرغمها على شيء لا تريده ..
وما هو ذاك الشيء ..؟
لا تريد أن تتجّه بأفكارها هناك .. فحتّى في عقلها لا ترغب أن يكونا وحيدين دون رفقة .. همست لوالدتها .. "أريد ماءا .." لتقفز غزى متوجّهة لطاولة قريبة، حُجزت لهم ولمحت عليها والدتها جالسة بعلوّ، خطفت كأسا ممتلأً حتّى النصف بالمياه المعدنيّة وعادت به نحو تيماء ..
أنت تقرأ
افك نبض الجزء الثانى من سلسلة عجاف الهوى لكاتبة أمة الله
Romanceتمهيد ~ يقولون أنّ العطاء يختلف .. فهناك عطاء بلا حدود .. وهناك عطاء بلا مقابل .. وهناك عطاء يملؤُه الأخذ .. ذاك النوع من العطاء مؤذٍ .. ولا أحد ينتبه لأذيته .. نطالب به كحقّ مشروع .. فحينما تطالب الأمّ بـ سنينها التي مضت لتأخذ أضعافها .. يكون عطاءا...