الفصل الرابع عشر

247 4 0
                                    

~ نبضة رابعة بعد العشرة ~


لِماذا تهابوُن تَصديق القلوُب .. ؟
كُلّ الدلائِل تقوُل أنّك تحبّ بحقّ حينَ لا تنسَى..
وحينَ تمكُث الليلَ مُتيّقظاً عَلى ذِكرى ..
وحينَ تبتسِم فجأة.. إن لمعَت في مَخيلتَك صُورة مَن تُحِبّ،
تقوُم .. وتنبُش كُلّ الأحداث التي مضَت.. والوَقت
رَغم فَوات الشهُور الطويلَة.. ورُبّما السنين، وتحلُم بالوَصل مِن جديد؟
فلِماذا تمنعوُن تَصديق القلوُب .. ؟
كُلّ الدلائِل تقوُل أنّك لم تستطِع أن تفتَح قلبَك لُأخرى..
وأنّكِ خِفتِ أن تظلِمي رجُلاً آخَر وأنتِ لازِلتِ حافِظة الذِكرى،
وأنّكم ظللتُم تستقصُون كُلّ هذِه المُدّة أخبارَكُم.. عَلى حدٍ سَواء ..
وتسألوُن عَنكُم في الخَفاء..
رُغماً عنكُم .. كِبرياءكُم؟ قوُلوُا لي أنّه سَيُفيدَكم حينَ ينتهي الأوان
وحينَ تخطَف إحدى يَديكُم يداً أُخرى... يأساً أو فَراغاً
قوُلوُا لي أنّ عواطِفكُم أقوى مِن كبرياءٍ عابر..لا يَطيق نِسياناً
وإنّ كثيراً مِن الأشياء تعوُد لمَجراها.. حينَ ننُادى سعياها
لِماذا تهاب أن تُصدِّق قلبَـك .. '
،،

أنا ألـف أحبك.. فاِبتعدي
عني.. عن نـاري ودخاني
فأنا لا أمـلك في الدنيـا
إلا عينيـك... وأحـزاني..

نزار قباني


ركنت سيّارتها بعد أن تأكّدت من أنّها شغلت مكانها المعتاد، فلن تكون غزى بدر شاكر إن أعادت فعلة لم تفعلها بوعي .. ليست مستعدّة لحجز آخر سيطول ثقتها وعزّتها بنفسها هذه المرّة ..

ألا يكفي ما تعرّضت له من إهانة تشكّلت في كلمات لاذعة على لسان ذاك المحامي الأخرق قيس اللّودي .. قبل أن تتعرّفه كانت تجهل أنّه أشهر المحامين بين أروقة محاكم بلادها .. من أين لها أن تعرف وهي غرّة جديدة في هذا المجتمع ..

وماذا لو كان أشهر محامٍ، لا يحقّ له إبداء عبارات من مثيلات "أنتِ محامية والمحامي عليه دوما تطبيق القانون بحذافيره .. فإن لم تفعلي ستفقدين ثقة موكّليكِ .. فرضا لو وصل خبر إعتقالكِ وسائل الإعلام سيقضي هذا على مستقبلكِ .."

لا تنكر أنّ جزعا جثم على صدرها أتى يتمختر بعد ذاك التنبيه .. كان أكثر ما تخشاه أن تخسر معركتها مع الحياة وإثبات الذات .. ولكن لحسن حظّها لم تسمع وسائل الإعلام بما جرى لها .. ثمّ هي ليست سوى إحدى أعمدة مجتمع يراها ثانويّة لتحظى بسطور في جريدة تروي بضع تفاصيل حياتها ..

هزّت كتفيها لا مبالية .. لتنفخ متذمّرة .. فها قد عادت للإستنقاص من نفسها وهذا ما عليها تجنّبه ..

المحبط في تلك المعمعة الفارغة، خلوُّها من عاصم عزمي ..

"غزى توقّفي عن هذيانكِ .."

زجرت نفسها دون النبس بحرفٍ، مخاطبة بصمتٍ ضاجٍّ روحا باتت تتعبها .. كانت لازالت على حالها، تهدهد الهمّ في مهده المنقوش بين صدرها تفكّر فيما آلت إليه أيّامها ..

افك نبض الجزء الثانى من سلسلة عجاف الهوى لكاتبة أمة اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن