الفصل التاسع عشر والاخير

286 7 0
                                    

~ نبضة أخيرة ~

وشخص واحد هو: الألف واللام والحاء والباء، والناس جميعاً نقطة صغيرة ملقاة تحت الباء ..

الرافعي

،،
إنها جبانة
تريد أن تكون نصف الأشياء ..
لا تريدني .. ولا تريد غيابي ..

غسان كنفاني

"كنت أفكّر بأنّنا يجب أن .." صمت لثانية، من دون أن تفارق عيونه عينيها وهما تستقرّان على يده المعطوبة ولا أن يحيد إهتمامه عن حركاتها المتألّمة لحاله .. إستطرد بخفوتٍ ..
"ننفصل .."

كاد أن يُغمى عليها .. كلمته قاتلة في صميم قلبها .. جعلتها تفقد القدرة على التنفّس .. إنتظرت كلمة غيرها .. كانت نبرته جديّة وهو يواصل توضيحا سخيفا .. "سأخبر عاكف بقرارنا .. أنا فعلا أسف لهذا .. لكنّني أشعر بأنّها رغبتكِ منذ مدّة .. ثمّ مع مرور الوقت غدت رغبتي .. جاهدة تفهمينني ..؟"

ماذا ستفهم ..؟
أنّها باتت عالة عليه ويريد رميها فيتخلّص من هموم أثقلت كاهله ..
هي تحتاجه .. لما لا يفهم حاجتها له .. فكيف ستواجه تذبذب مشاعرها .. وأحاسيسها تجاه 'زوج' أختها .. تريد سواد علّه يبعد أفكارها المقيتة .. علّها تصلها بضع نقاء سريرته فتشعر أنّها أنظف ممّا هي عليه .. ذاك السوء الذي يعشعش في داخلها، لن يفلح غير سواد في إبعاده .. فكيف يتخلّى عنها ..؟ ستموت هلعا، وغمّا إن إبتعد ..

همهمت بما قد يذيبه .. "لكنّني أحبّكَ، سواد .."

أ تدرين يا جاهدة إنتظرت طويلا هذه الكلمة .. كنت أجود بها عليكِ، صبيحة ومساءا .. ونشفت عروقي، وكنت أحتضر أمامكِ وأنتِ تدرين بما قد يحيي الروح فيّ .. لكنّكِ، كـ كلّ مرّة تصرّين على قتلي ..
و أ تدرين أخرى يا جاهدة، أنّ الذي يحبّ، يكون قادرا على سبر أغوار من يحبّها .. وأنا في كلّ لقائي بكِ، ألمح مكاني في قلبكِ .. فأراني ملقا بإهمالٍ في بقعة قصيّة من فؤادكِ الكبير .. لي ثانويّة بين حاجياتكِ يا من أعشقها .. وهذه الثانويّة، قصمت ظهر الوجع فيّ .. فبتّ أصرخ لاعنا نفسي التي مرّغتها بين طين لامبالاتكِ .. ونفسي ثارت على نفسي .. فما عدت أهتمّ أ فعلا قد تحبّينني اليوم ..
أ و تدرين ثالثة يا جاهدة، لو ما نطقتِ هذه الحروف السامية، كنت قد أتراجع عن قراري الذي هو وليد لحظة عصيانٍ .. لو برّرت بأنّكِ تحتاجينني، كنت بقيت لـ جواركِ .. كنت لبّيت حاجتكِ لي .. لكن أن تكذبي في الحبّ .. أن تجودي عليّ بمشاعر كاذبة، هنا لي كرامة ولي كبرياء ولي حبّ لكِ .. يمنعونني من أن أظلّ ظلّا لكِ ..

همس بقلبٍ مجروحٍ .. "أنتِ لا تحبّينني .. أنتِ لا تعرفين الحبّ .. ربّما لم تلتقي بمن ينبض قلبكِ له .. الحبّ ليس كلمة تُقال .. جاهدة ستعرفين الحبّ مع غيري وستجدين نفسكِ تعطين بسخاءٍ ورضا فـ سعادة .." تمعّنت في ملامحه، وقد جمدت أنفاسها .. ربّما ما يقوله صحيح، لكن الذي يجهله أنّها تعاني من تفاقم نبضات كاذبة، تفاقمت حتّى باتت حقيقة .. وللأسف غير قادرة على وأدها أو السيطرة عليها ..

افك نبض الجزء الثانى من سلسلة عجاف الهوى لكاتبة أمة اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن