الفصل السادس : نار تحت الرماد

1.6K 79 20
                                    

عادت الحرارة إلى الجو الصيفي، لتحدث جواً خانقاً صباح يوم السبت، و أحست ويلما بالحرارة أكثر في المطبخ، و تمنت لو أنها لم تعد بتقديم قالب حلوى لحفلة الشواء بعد ظهر اليوم .

كان أمام مارتن اجراء بعض المكالمات، فاختفى بعد الإفطار مباشرة، و كالعادة أحست بالراحة من توترها الداخلي لحظة تركها، فيما تركها الولدان و خرجا إلى الحديقة، بدأت تحضر عجينة قالب الحلوى، و كانت على وشك صبها في القالب لوضعها في الفرن عندما دخل روس، و قال متذمراً :
ـــ الطقس حار للعب، هل نحن حقاً مضطران للذهاب عند عمتي لورين ؟ أفضل البقاء هنا .

وضعت ويلما الوعاء من يدها، و أخذت تدرس رأسه المحني، كانت تعرف بالمشاكل التي حدثت بينه و بين ابن عمته، و يمكنها أن تفهم جيداً سبب كرهه للعودة إلى مسرح «جريمته» حتى أنها تتعاطف مع أسبابه إلى حد ما، و لكن هذه إحدى المناسبات التي يجب أن تكون فيها صارمة، و لصالحه :
ـــ إذا بقيت في البيت ستكون هذه فظاظة منك، و خاصة أن زوج عمتك سيكون هناك، و هو لم يشاهدك منذ زمن طويل، أليس كذلك ؟ أعلم أن الطقس حار، ما رأيك في أن نذهب في سيارتي ؟ سنكشف الغطاء و نستمتع بالهواء البارد .

و لاحظت أن الإغراء جذبه، و سرّها أنها لم تقع في فخ الإصرار على ذهابه معهم، و سألها مغيراً الموضوع :
ـــ ماذا تفعلين ؟

ـــ قالب حلوى بالفريز، هل تريد تذوقه ؟

أخذت ملعقة نظيفة ملأتها بالمزيج و أعطته إياها، و ظهرت على وجهه السعادة العظيمة و هو يلحس الملعقة حتى نظفها، مما جعلها تضحك، و كانت لا تزال تضحك عندما دخل مارتن المطبخ :
ـــ يا إلهي كم الجو حار هنا، لا بد أن هناك عاصفة قادمة، كم بقي من الوقت للذهاب إلى منزل لورين ؟

ـــ سنذهب في الثانية عشرة .

ـــ أبي ... تذوق هذه إنها رائعة .

و نظر مارتن إليها متسائلاً فأجابت :
ـــ إنها عجينة قالب حلوى بالفريز، طلبت مني لورين صنعه .

ـــ أعطي والدي قليلاً ليتذوقه .

و تقدم مارتن ليقف قربها و هي تمسح أطراف الوعاء بملعقة، و كالعادة أحست بالتوتر، و بدأت ترتجف قليلاً، و كادت تناوله الملعقة و لكن بطريقة ما تعلقت أصابعه بأصابعها و أقفلت عليها، مما جعلها ترتجف حتى أن أكثر من نصف محتويات الملعقة أصبحت على أصابعها، و لم تستطع سحب يدها، و لكنها أشاحت بوجهها عن منظر لسانه و هو يلعق الملعقة ببطء، و أحست كأنه سیغمی عليها عندما أزاح الملعقة و بدأ يلعق ما علق بأصابعها من عجينة الحلوى .

و أخذ شعور لم تكن أبداً قد أحست به من قبل طوال حياتها يزحف إليها، جسدها أصابه الشلل و هي تقف هكذا مصدومة مذهولة، غير قادرة على الإبتعاد، أحست كأن جسدها كله تحول إلى سائل، و كأنها ستذوب تماماً .

أرحل وحدي // روايات أحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن