الفصل الثالث
في ظلام الخزانة، كانت دوديتا مالوري تتساءل حول فعالية قرارتها التي اتخذتها فقادتها لهذه اللحظة. لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء في حياتها. لوقت طويل، تركت خوف أمها يسمم أفكارها: لا تركضي بسرعة، لا تضعي أهدافاً كبيرة، لا تقتربي كثيراً من الهاوية.
اللعنة، إنها تريد الاقتراب من الهاوية.. تريد تجربة اختبار شيء مثير وغير مُتوقع.. تريد أن تشعر بالادرينالين يندفع في شرايينها.. تريد أن تقوم بأفعال دون أن تفكر بها أو تحللها.. تريد الخطر.. والمكافأة!
كان المكان من حولها صامتاً، فبدا صوت دقات قلبها كقرع الطبول من قِبل فرقة احتفالات عيد الاستقلال. مررت يديها على مقدمة ثوبها الأسود البسيط، بتنورة واسعة صُنِعَت من طبقات من قماش التّل، ليضيق عند الخصر ويتخذ شكل القلب عند الصدر. أما قناعها الأحمر فكان يعانق وجهها يمنحها الحماية.
لكن ما تريده أكثر من أي شيء آخر، هو صديقها المفضّل!
جاسون ألبروك: الرجل الذي رفضته بكل غباء قبل سنة ماضية.. الرجل الذي قبّلها بقوة وعنف، فحرّك بداخلها كل المخاوف التي لم تعترف بوجودها قبلاً.. ما أن أبعدته عنها، فرأت الألم والندم بداخل عينيه، حتى علمت أنها ارتكبت أكبر غلطة في حياتها.
إنها تريده.
لكن منذ أن رفضته، حتى ابتعد عنها، ولم يلمسها مطلقاً باستثناء حين يصطدم بها عرضياً فيلمس يدها، أو حين يقرصها من وجنتها كنوع من إلقاء التحية حين يلتقيان سوياً مع أصدقائهما. لقد بقيا كصديقين حميمين، لكن الآن هناك حاجز بينهما.
جاسون يحترمها، ويحترم كونها "لا تريد إفساد صداقتهما"، لذا بقي بعيداً عنها.
خلال الستة أشهر الماضية، لم تره مطلقاً، وهذا ترك فجوة في حياتها وجعلها تفتقد لشيء مهم جداً.
هي بحاجة له.
إنها بحاجة له في حياتها، وبين ذراعيها. إنه الرجل الوحيد الذي يفهمها، ولم يحاول تغييرها. لم يتذمر مطلقاً من كونها مملة كما فعل حبيبها السابق، كما لم ينعتها بكونها متزمتة كثيراً كما تفعل صديقاتها، ولم يحاول دفعها لتتخذ الطريق الآمن لأن الحياة خطيرة وكئيبة كما فعلت والدتها.
لقد تقبّلها مثلما هي.
لكن كيف يمكنها أن تعيد فتح موضوع "قبلتهما الفاشلة"؟ بلحظة ضعف تحت تأثير الحزن، ابتدعت هذه الفكرة المجنونة "الذكية". لقد أرسلت له الرسائل، وبعثت له القناع الأسود، ووضعت كل الآمال الموجودة في قلبها لتطلقها إلى العالم.
ببساطة، لقد خططت لإغواءه!
وفكرة "المعجبة السرية" خطيرة ذات حدين: فربما لن يظهر. وحتى إذا فعل، ماذا سيحدث؟ هل سترمي نفسها عليه، وتمارس معه الحب المجنون بداخل الخزانة، ثم تبعد قناع وجهها وتصرخ، "إنها أنا!". هل سيقودها هذا للنهاية السعيدة الأبدية التي تريدها بيأس؟ على الأغلب لا!
تلوّت معدتها، وتحول الحماس إلى خوف بينما كانت الثواني تمضي. بالتأكيد، تجاوزت الساعة العاشرة الآن، وشعرت كأنها بقيت في هذه الخزانة منذ الأبد. ماذا إن لم يحضر؟ وغرقت أفكارها في الضباب، ولم تعد تسمع شيئاً وكأن أحدهم ضغط صدفة بحرية على أذنها.
"ابقي هادئة"، همست لنفسها، "سيأتي لأجلكِ، سوف يكون هنا"
لكن الصمت زاد من توترها. إنها فكرة غبية! فكرة مريضة، تافهة، وبلا هدف.
جاسون لن يأتي. لقد قتلت ما بينهما في تلك اللحظة حين أبعدته عنها كأرنب خائف من ظلّه.. فقط لو تصرفت كأنثى وتركت نفسها للجنون حينها..
لكن حينها سمعت شيئاً.. صوتاً ضعيفاً مثل الخطوات خارج الباب.. توقفت أنفاسها.. سمعت صوت قرقعة بسيط، ثم دخل بصيص من النور عبر الباب الذي فُتِحَ. وظل النور يتعاظم حتى رأت ظلّ رجل غير واضح الملامح أمامها.. كتفين عريضين.. طول شاهق.. ببذلة توكسيدو باهظة الثمن..
"مرحباً؟"، قال مخاطباً الظلام، ثم سمعت صوت زر قابس الضوء، لكن لم يحدث أي شيء.
منذ قليل، تسلقت دوديتا السلم الذي وجدته في خزانة المعاطف وأسندته على الحائط، لتزيل لمبة السقف كنوع من الحذر، لكي تبقي هويتها سراً، وكي لا يعثر عليها أحدهم فيكشف أمرها إذا دخلوا الخزانة فرأوهما سوياً.
"مرحباً"، ردت بهمس.
هذا هو الجزء الأصعب من خطتها: تغيير صوتها. جاسون سوف يميزها فوراً إذا تكلمت بطريقة عادية، لذا اضطرت لإخفاض صوتها حتى بات همساً. وهذا يبعد الشكوك عنها، ويمنحها هالة من الاثارة، أو يتيح لها الفرصة للتظاهر بأنها مرتاحة بوضعها كونها تغوي رجلاً ليقابلها في خزانة للمعاطف. بالإضافة إلى تغيير صوتها، سوف تحتاج لاستعمال جسدها للتواصل عوضاً عن الكلمات.
"أغلق الباب، جاسون"
تردد لثانية، ثم تضاءل بصيص النور خلفه، وأخيراً سمعت صوت إغلاف الباب، ثم غرقا في الظلام سوياً. بدأ قلب دوديتا ينبض بعنف مثل فراشة تتحرّق لمغادرة قفصها. هذه هي! اللحظة التي كانت تحلم بها لفترة طويلة جداً.
"من أنتِ؟"، سأل.
عيناها قد اعتادت الظلام، وهناك ضوء بسيط يتسرب من أسفل الباب، فكانت صورته ضبابية أمامها، لكنها استطاعت رؤية أين يقف.
تقدمت للأمام ببطء، بينما تمدّ يدها، وحذاءها ذو الكعب العالي يصدر صوتاً ضئيلاً "كليك" حين تخطو. حين لمست أصابعها القماش القطني، واستشعرت العضلات القاسية أسفل ذلك القماش، توقفت. فانحنت للأمام، واستندت على أطراف أصابعها، ثم جذبت أطراف سترته حول العنق.
"أنتَ تعرف من أنا"، همست له، "أنا معجبتكَ السرية"
*****
نهايةالفصل الثالث
أنت تقرأ
اغواء متنكر..... ترجمة ديلو.....
Lãng mạnالملخص ترجمة: ديلو حين يتلقى جاسون آلبروك رسالة الكترونية من "معجبة سرّية"، يسخر من الأمر برمّته. لكن، يتلقى بعدها حقيبة تحتوي على قناع تنّكر، ورسالة تطلب حضوره للقاء في قاعة احتفالات كارمينا. كونه قد كرّس نفسه بالكامل لإدارة أعمال عائلته، فإن جاس...