- بدايةُ الفصلِ الخامس -
و إن حُجِبت الرؤيا بأكفانٍ من الدجى...
تأتي هي كشمسٍ تضنيها...۞۞۞
-عِطري...
نبست بصوتٍ خفيض يكادُ لا يسمع في تعجّبٍ منها، فلم يكن عطرها بالفواحِ الشديدِ القوة، لذا رمشت عيونها البنية ذاتُ الرموشِ الطويلة بتفاجؤ قبل أن تبتسم شفتاها النعكة، ذاتِ حمرةٍ شديدة طبيعية و لمعةِ مرطّبِ شفاهٍ لامع...
نقرت أنامل يمناه بعض النوتات اليتيمة في خفة، حيثُ قال في خضم افتعالاته : اختلاسُ النظراتِ و السمع عادةٌ سيئة آنسة آنيا...
ابتسمت في ارتباكٍ منها تشيحُ نظراتها عنه ترتفعُ ببدنها واضعةً قلمها على كراسها الذي فوق فخذيها، فأراحت مرفقيها على ركبتيها في انحنائة و على وجهها ابتسامةٌ بسيطة...
-الفنّ يستحقّ التقدير، و الصمتُ في حضرتِ نغماتك أقلّ ما أستطيعُ تقديمه... غيرَ أنكَ كشفتني بطريقتك سيد كيم...
ضحك منها بخفة فبانت أسنانه الطبيعية التنظيم ببعضٍ من التباين الذي يضفي عليها جمالية ساحرة، واضعاً يده على علوّ البيانو، في الأصل كشف نصف السرّ و الذي كان وجودها على مقربةٍ منه بسبب عطرها، أما عن رسمتها اللطيفة فقد قررت أن تبقيها سراً خفيفا لنفسها...
اعتادت حبّ رسم اسكيتشاتٍ لطيفة سريعة لكل ما جذب انتباهها و بدى لها يستحقّ أخذ مساحةٍ للذكرى، كان كراسها مليئا بالكثيرِ من الرسوم عند زوايا الصفحات سواءً لأشخاصٍ جسدو مواقف من حياتها، أو لمناظر طبيعية حملت ذكرياتٍ جميلة...
و الآن، وضعت لتوها تاريخَ أولِ يومٍ تعرفت فيهِ على تايهيونغ، الثامنِ من سيبتمبر، كانت الصورة ببساطتها و خطوطِها الرقيقة التي تظهر تفاصيله الجانبية مقربةَ البيانو، و انحنائةَ ظهرهِ البسيطة، رِقة أناملهِ على البيانو بين مفاتيحه البيضاء المخللة بالسوداء الصغيرة... كأنّ مجردَ نظرةٍ لها كفيلةٌ لتصدرُ في عقلكَ نغمةً ناعمة...
تحمحم قليلاً، حالما سألته : ماذا كانت المعزوفة؟ لقد بدت حزينة...
ارتفعت يده، و حينما عدل بظاهرِ أنامله على خصلات شعره التي تمردت على عيونه في إزعاج، أجابها و صوتهُ في نبرةٍ هادئة، رغم أنه كان شجياً بطبعه.
أنت تقرأ
BLIND | أعمى
Romanceانتهت الحياةُ في لحظةٍ واحدة، و مع كل نفس و يوم ينطوي، رغم خفوت عينيه كانت رؤيةُ الماضي الأليم الذي لا يفارقه واضحةً في خياله، و رغم معاناته طوى الألم مع كل دقيقة و ثانية و جعل منهُ قوةً و نوراً لبصيرته لا بصره. استحقّ الحياة و أرغمها على استحقاقه،...