الرَابـع

27 2 2
                                    

وقَد أتتني كؤوس الهَوى وأكواب الخَمر مُهراقًـا مُفجعًا بَعد أن اقلع قَلبي الحُب ولَم يَتُّب ابدًا عَن الوقوع صَوبه.

كَان الحَبيب قَريبًا دَانيًا مِني بِنانه تُعانق جَسدي، أنامله تَلمس وجنتاي يُهسهس بِكلمات الهَوى بَعد أن جَفى وهَجر، ولآن قَلبي أهوجَ قَد انطرحَ لِه مُستميلًا لعُذوبته أغنياته حَتى وإن كانت أكاذيبًا حُلوة.

«شَافهي رُوحي أخبرني أن حَبل الوَداد انقطع وأن الهَوى انجَلى عَن قلبك، أخبريني أأبتعد أم أمكث، نَاجيني حَبيبتي ألا تبتغيني؟» قَد تفوتَ بِمَا كُنت خائفة، قَد واجهتني بِضعفي والذي أنت.

«أخبريني ألا تُريديني؟» كَررّ السؤال وعَيناه مُتعلقةً بِمُقلتاي كَصغير أمه مُنتظرًا مِنها السَماح عَن لَهوٍ لا نهاية لَه فِي حديقة مَع أحد الأصدقاء.

أطلتُ النظر لعينا حَبيبي كَم كان مُسالمًا للحظاتٍ، كَم كان وديعًا، شَفتاكَ مُتفرقةً مُنتظرةً حديثًا تَعرفه وعيناكَ حبيبي تتركني، تُطادر مُقلتاي مَتى فَررتُ، قَد أقحمتُ روحي فِمَا لا تحمل.
فَمثلًا أنا لا أحبك ولا اكرهك ولَكن شيءٌ بينهم، قَد أهوى الحَديث عن عيناكَ لساعاتٍ والتغزل بِهم وأخشى لِقياهم كَي لا يسقط قَلبي مُحطمًا مِن أوج شَغفه يُلوح لَه طاووس كبريائك مُجددًا ومُجددًا.. للأبد.

«احتاجُك. » فَرت مِني كلماتي أتشبث بِثيابك، مازالت سوداء كَما هِي وإن مَر مِئة عَام يَظل كما الحَال معكَ أليفًا للفؤاد.

«أمر مَحبتي مَفروغٌ منه، وإن مَر عامان عَلى جفاك تظل حَاجة. » تحركت بِناني حَتى وجنتك أمسدهما، كَما لو لَم تَكن بذلكَ القُرب مِني مُنذ الأزل.
أولمَ يا فؤادي لا تَنفك عَن ضوضائك ألا تهدأ فقد ينزعج مَن بِنار حُبه نَنكوي وكأس عَذابه نَتجرع مسرورين حَتى وإن كان عَلقمَ.

«حاجتي إليكِ يا فاتنتي، كَمَا حاجتي لِهواء رَئتاي وطعامي وقوتي وأيضًا مياهي، كالسعى وراء لُقمة العيش كالراحة لِصدغي بَعد نهارٍ شاق وككأس نبيذٍ لمُشتاق وَاله حَطمه الحُب مِرارًا. » رفعت عيناي إليك، باطني بعيناي ظَهر، قَد أغروقت عيناي، ومَدامعي قد امتلأت مياه.

«أنـا أعتذر! » قُبلة أعلى جبهتي، وشفتاد مُثبتةً هُناك مَع غَمغماتك كَفيلة أن تُذيب قَلبي عقودًا لا للحظات.

«سامحتك مُنذ أخر لقاء مُنذ عامان. »أخبرتُ مُتمخضةً مُتشبثةً في الثياب.

«عامان وثلاثة أشهر وأحد عشر يومًـا. » هسهستَ لأغمض عيناي، قَبضتي تَقوى أعلى قميصك متألمةً لهمسها وكأنني أجهلها.. وكأنها أبد الدهر بَلاك.

«ولِمَ حبيبي، لَم كانت الفُرقة؟ » قُبلاتً لِوجنتي وفَكي وصولًا لعنقي مُجيبًا :«أقسمتُ بقلبي الذِي أحبك حَتى المنتهى، لَم يكن أنـا، لَم تكن عَن رضاي ولَم يكن مِلك راحة يداي.»

«فَقط قَبلني ونادني مِلكك، فَروحي كَما جسدي يفتقدك. » لَم يستغرق الأمر ثوانٍ حَتى دَمجت شِفانـا مَعًا، بِنانك لا تَنفك عَن اشتباكها بِخصيلاتي.

دموعي حَبيسة عيناي أصبحت طَليقة، وأُنملك الناعم لَم يترك وجنتاي دون تمسيد، فَاصلًا شِفانـا ناظرًا لِعيناي مطمئنًا قلبي :«أيـا حبيبتي، يَا خليلتي وفَاتنتي، ألم يَكفيكِ شَجنَّا وبُكاءً؟ أوكيفَ وإن كان العَريس مَعك تنوحين؟ أوكيفَ يبقى بين ذراعيك وتَجد عبرات سبيلًا للخروج، مَتى زَاغ الحبيب عَنك وضَل طَريقه نوحي كَما شئتي ولَكن لِليلة أحبيه..أحبيني.»

«أتُرفعُ عَني؟ أتزوغ عن عيناي مُجددًا؟ إلي أين تهرب؟ أين مَلاذك سوى المنزل؟ » تَمسكتُ بِكفك المستوطن أعلى وجنتي وعيناي لا تَكف عَن سَكب مِياهها.

«أنـا موجود..لَكن لا أعدك بالبقاء!» لِوقع كلمات صَوت كالرعود لا فَرار مِنها المصير والقَدر المحتوم.

الوَحشة مِن نصيبي كَما الشّجن لِحُبك، لا سبيل لِلراحة بين يداكَ وإن كان عناقك وطني.
فَلا يكفيني فَقط وجودك عزيزي أنا احتاجك تحت جَلدي، فِي عروقي بين أوردتي.
إن كنت سُمًا لتجرعتك وإن كنتَ خمرًا لَسكرت ليالٍ لأجله لا واعية لحياتي ولا للدنيا، إن كنتُ فُرقة لقبلتك حَتى وإن كان اللقاء معك ثوانٍ لا تُشبع قلبي مَن كان طامعًا بحبك.

فَيا حَبيبي لَثم جسدي بِقُبلات أغمسني فِي الحب واغمرني بهيامك مَهما كَان مُحرمًـا فَلا شَيء معك دَنسًا.
انزع كسوتك كَما عَرّي جسدي، أظهرنـا مكشوفين أعيننا لا تترك بعضها تتهافت للقاء، تتفحص روحي كَما أمس بِأناملي لُبك.

لَبِكٌ حبيبي هُو هيامك، عَسير حُبك، أعلى مجضعي يجعلني أبكي وحيدة بينما مَعك يجعلني استمني..

شفتاك مَع شفتاي وجسدك مع جسدي اجعلنا واحدًا، اصرخ بِحُبي فور تأتي نَادي باسمي أعلى شفتاي وفِي أذني وفِي الصباح اتركني..
لذروة الحُب نصل سويًـا ولا نبتعد إنشًا، لا شعرك الملتصق بجبينك يكَف عن حجبك عَني لا ألم الواقع يَرحل كَما تفعل مع طلوع شَمس الصباح.

إله القمر وانتقامه لا يطولك لا يشفي حُزن قلبي سواكِ ولا مُسببًا له غيرك.
رَيثما أغلق عيناي فِي احلامي أجدك وحينما استيقظ استقبل أبشع كوابيسي وهي هَجرك.

صِفصاف مَدينـة الحُب.Where stories live. Discover now