[ لَا أجْمعُ عَلى عَبدِي خَوفينِ وَلَا أمنَينِ ]

9 2 0
                                    

الأحَاديثُ القُدسيّة [٥]

•••

عَن أبِي هُرَيرَة -رَضيّ اللهُ عنهُ- عَن النَبي ﷺ فِيما يَروِيهِ عَن رَبّه -جلَّ وعَلا- أنهُ قَال:
«وَعزّتِي، لَا أجْمعُ عَلى عَبدِي خَوفينِ وَلا أجمَعُ لهُ أمنَينِ، إذَا أمننِي فِي الدُّنيا أخَفتُه يومَ القيَامة، وإذَا خافنِي فِي الدُّنيا أمنتهُ يَوم القيَامةِ»

- أخرجه ابن حبان في صحيحه، والبزار في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن المبارك في كتاب الزهد، وأبو نعيم في حلية الأولياء، وصححه الحافظ ابن حجر في مختصر زوائد البزار، والشيخ الألباني في السلسلة.

~~~~

فضيلة الخوف:

أمر الله عباده بالخوف منه، وجعله شرطًا للإيمان به سبحانه فقال: ﴿ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ الشَّيْطٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران : ١٧٥ ]
ومدح أهله في كتابه وأثنى عليهم بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ۝ وَالَّذِينَ هُم بِـَٔايٰتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ۝ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ۝ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلٰى رَبِّهِمْ رٰجِعُونَ ۝ أُولٰٓئِكَ يُسٰرِعُونَ فِى الْخَيْرٰتِ وَهُمْ لَهَا سٰبِقُونَ ۝ ﴾
[ سورة المؤمنون : ٥٧ الى ٦١ ]

وبيّن سبحانه ما أعده الله للخائفين في الآخرة فقال: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ ﴾
[ سورة الرحمن : ٤٦ ]
وهذا الحديث العظيم يبين منزلة الخوف من الله وأهميتها، وأنها من أجل المنازل وأنفعها للعبد، ومن أعظم أسباب الأمن يوم الفزع الأكبر.

~~~~

من خاف أدلج:

والخوف هو السوط الذي يسوق النفس إلى الله والدار الآخرة، وبدونه تركن النفس إلى الدعة والأمن وترك العمل إتكالًا على عفو الله ورحمته، فإن الآمن لا يعمل، ولا يمكن أن يجتهد في العمل إلا من أقلقه الخوف وأزعجه، ولهذا قال من قال من السلف: الخوف سوط الله يقوم به الشاردين عن بابه، وما فارق الخوف قلبًا إلا خرب وقال آخرون: الناس على الطريق ما لم يزل الخوف عنهم، فإذا زال الخوف ضلوا الطريق.

~~~~

لابد من الثلاثة معًا:

ينبغي للعبد أن يجمع بين ثلاثة أمور: وهي المحبة والخوف والرجاء، فإن القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فقد أصبح عرضة لكل صائد وكاسر.

وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُولُوا الْأَلْبَابِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن