المقدمة

977 21 1
                                    

عدو في المرآة
المقدمة :
الصرخات الجزعة تصم الآذان ..
ووهج النيران يضيء عتمة الليل ..
وهو يركض ويركض يتوسل ربه أن يحفظ أمه حتى يستطيع إخراجها هي الأخرى ..
لم يلتفت إلى ألسنة اللهب التي تلتهم كل شيء حوله بلا رحمة ..
لا يرى ذكريات طفولته وشبابه التي تتلاشى
لا يرى غرفة أخته التي تفحمت ..
كل ما يراه ..
كل ما يدركه ..
الموت والنيران يتربصون بأمه !
ركل باب غرفتها فسقط بدوىٍ عنيف ليجد أمه منكمشة بجسدها الممتلئ في أحد الأركان بعد أن حجزتها النيران في تلك الزاوية بينما تنظر برعب ما بعده رعب لما يجري فهرول تجاهها غير مباليًا بصرختها الجزعة عليه ولفها بتلك البطانية التي فلتت بأعجوبة من الحريق !
نزل بها الدرج بحرص شديد يكاد يخفيها داخل ضلوعه وعقله يكرر له دون توقف أنه سبب كل المصائب .. !
كل ما يحدث له يد فيه ، كل ما يجري هو مسؤول بشكل ما عنه ..
أخرج أمه إلى الحديقة فتركض أخته الذاهلة من كل يجري وتعانق أمه بخوف يكلل أحداقهن  ..
تنفس الصعداء لبرهة قبل أن يقطب وهو يلتقط عدم وجودها !
ألم يخرجها قبل الجميع ؟!!
ألم تكن بصحبته ؟!!
تلفت حوله كالمجنون بعينين متسعتين يصرخ باسمها لتهتف أخته دون أن يغادر الذهول نبرتها و كأنها تذكرتها للتو هي الأخرى :
" المجنونة الغبية .. لقد عادت إلى الداخل لتنقذ قطتها "
" ماذاااااااااااااا ؟!!!!!!! "
صرخ بها وقلبه يرتج برعب لم يجربه قبلاً .. !
مستحيل أن يخسرها ..
إن اختارها الموت فليختاره معها ..
هرول كالمجنون ناحية المنزل الذي أوشك على الانهيار ..
قلبه يصرخ جزعًا والأفكار البشعة تهاجمه وهو يقفز داخل النيران غير عابئًا بصرخات أمه وأخته وندائهن المستمر
( ستتركني .. ستعاقبني بأسوء الطرق .. فضلت الموت على الحياة معي )
طرفت عيناه بدموع الخوف لأول مرة في عمره ..
المنزل ينهار ..
كل شيء ينهار ..
وهو نفسه ينهار .. !
يجلد نفسه دون توقف وكل ثانية تسبب لها فيها بالحزن تمر من أمام عينيه ببطء حارق وكأنها لذة سادية تحتل عروقه ..
الدخان الكثيف يهاجم رئتيه فيسعل وعقله متوقف عن التفكير بشيء إلى أن وصل لغرفتهما فاقتحمها كالمجنون لتقع عيناه أخيرًا على جسدها المسجى أرضًا  بلا حراك و كأنها اختارت الرحيل عن حياته البائسة بصمت بينما قطتها تحوم حولها تموء دون توقف فهرول تجاهها وهو يشعر بقرب نهايتهما معا .. !
" رغدددددددددددددددة "
شقت صرخته سكون الليل حين لم يمهله قدره فرصة أخيرة وتهاوى الباب المشتعل على جسدها الصغير أمام عينيه .

نهاية المقدمة

عدو في المرآة  .. الجزء الثاني من سلسلة قلوب تحت المجهر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن