مدريد .. هي عاصمة اسبانيا ، معلومة قد تفيدكم يوما ما إن كنتم تحلون لعبة الكلمات المتقاطعة في جريدة الشروق أو الصباح ، أو في برنامج مسابقات سخيف يعدكم بالمال الطائل الذي لن تحصلوا عليه في أي يوم في حياتكم ، أو ربما قد يقع سؤال ما على أسماعكم من مذيع متحمس يستوقفكم على قارعة الطريق (هذا إن بقى للتلفاز مكانة كالتي هي الآن ) .. كيف أعرف هذا ؟ ربما لأنني الآن هناك ..؟
حسنا ليس هناك و لكن هناك .. الأمر معقد إن إقتضى التعبير .
أمشي في تلك الشوارع الضيقة التي لم تطئها قدمي يوما ، هذا هو القدر ما دمت لم تصبح من أصحاب المليارات (الملايين لن توصلك الى المتجر بآخر حارتك ان كنت طالبا جامعيا لا تزال تعيش مع شقيقك و زوجه ، و لا تزال تطمح بالتحليق عاليا )...
هل سأغفو بهاته المدينة يا ترى ؟ كلا طبعا.
الأمر يحتاج للخيال و التفكير ، الكثير منه ...
أراهن أن جسدي في العالم الآخر يشهد حالة صرع أخرى ، لعل الأمر بدأ بالتصلب المريع الذي يغمر كل عضلات الجسد يجبرها على التمدد . ثم ماذا ؟
اه أجل .. الإهتزازات اللعينة .
صراعات مؤلمة تأخذك الى الجانب الآخر من الكون أين تقبع الحقيقة . و رغم أنني لا أعلم عن الموت شيئا لكنني لا أهابه ، ربما قد أفعل ، لكنني لست مستعدا للموت الآن .. ليس الآن .
أنعود الى شوارع مدريد ؟
الشوارع الفارغة على غير العادة ( ليس و كأنني ذهبت كما أخبرتكم ) لكن ألا يكون فيها شخص واحد على الأقل ربما هو شيئ مرعب بحق..
رائحة المكان عطرة ، كأنني أجوب أحد شوارع باريس ، العطور الجميلة و الورود الحمراء .. شاعرية تصيبني بالقرف ..
قابلتني لافتة ضخمة ، و بفضل مدرس اللغة الإسبانية بالمدرسة الثانوية و دروسه التي تشبه مؤخرته ، لم أفهم حرفا واحدا مما كتب ..
لكنني أظنني أعلم ما هذا .. إنها حانة .. يتوجب علي الابتعاد ، ليس مجددا رجاء .. ليس من جديد .
توقفت مكاني لكنني أتقدم نحوها بنسق سريع .
كلا . لست أنا من يتقدم ، بل هي التي تبتلعني .
أغمضت عيني أحاول إقناع نفسي بالإستيقاظ ، لكن عندما فتحتهما كنت في الحانة ،بداخلها ، و لا يوجد بهذا المكان اللعين باب واحد .
رائحة الكحول القوية تتسلل الى حنجرتي و تحرقها ، حتى أنني أكاد أتذوق طعم الفودكا.
الرؤية تكاد تكون ضبابية ، الدخان يعم المكان ، و الأصوات المختلطة تصيبني بالجنون ..
الطاولات الموزعة حسب الطبقية المجتمعية واضحة كوضوح عين الشمس ، من يستطيعون شراء Pol Roger 2008 Cuvée Sir Winston Churchill Brut يحاطون بالفتيات اللواتي و على ما أعتقد أنهن نسين سراويلهن بالمنزل ، بعضهن يتصرفن بمياعة مقرفة و يضحكن ضحكات تزعج الآذان و يلقين بعض النكات السخيفة التي ظنن بها قد يصبحن مرحات ..
أنت تقرأ
Overthinking
Short Storyبسبب مرضه النفسي و أوهامه ، يعتقد تاهيونغ انه الملام في موت صديقه فيفقد جزء من ماضيه ، يقابل هوسوك الذي يساعده للتخلص من مرضه و يكشف له الجانب المضلم من تلك الحادثة !! هل لقائهم كان بمحض الصدفة و ما هو الماضي الذي يربطهما مع بعض؟؟