الجُزء التّاسِع.

95 10 34
                                    

كانَ تشانيُول يقِفُ أمامَ احدَى لوحَاتِ جيسُو في ذلِك المعرَضِ الكَبير الذِي يَعرضُ أعمَالهَا وقَد قامَت بفَتحهِ بمُسَاعدَتِه.

جيسُو قد رفضَت أن تأخُذُ منهُ المَال وقَد قرّرت الابتعَاد عنهُ تمَامًا بعدَ أن حُلّت مشاكِلهُ وأصبحَ يعيشُ بأمَان، وخاصّةً أنّهُ توقّفَ عن شُربِ الأدوِية التِي تجعلُه يصَاب بقلّة التّركِيز والهستَرِية، وعَاد لحَياتِه الطبيعيّة.

تشانيُول عرضَ عليهَا بعدَهَا بأن يفتحَ لهَا معرَضًا لِرسُمَاتهَا ولوحَاتهَا وهِي وافقَت دُون تَفكِير، فهُو لم يترُك لهَا خيَارًا آخر، لقد كانَ مُصِرًا جدًا، كمَا أنّ ذلِك كانَ حُلمهَا، وحُلمُ أي رسّامٍ موهُوبٍ أن يكُونَ لدَيهِ معرضٌ خاصٌ بِه، يُمَكِّن للعامّة رؤيَةُ أعمالِهِم.

جيسُو كانَت تَنظرُ إلى ظهرِه وأكتَافِه العريضَة من الخَلف بنَظَراتٍ دَافِئَة، وَكم كانَت رغبتُها كبيرَة في عنَاقِهِ من الخَلف.

هِي لا يجِبُ أن تفكّر فِيهِ بهذهِ الطَريقَة، عليهَا وضعُ حدّ لهَذا الحُب الذِي يَنمُو بدَاخلِها فورَ رؤيَتهِ.

"أنتَ هُنَا! لم أكُن أعتقدُ مجيئكَ!"
تمتمَت جيسُو بصوتٍ رقيقٍ وقد وقفَت إلى جانبِهِ وتشانيُول التفتَ يعطيهَا نظرَةً عمِيقَة معَ همهمَةً خافتَة ملتزِمًا الهُدوء.

هِي ‏ترَى فِي مقلتَيهِ حكَايَاتُ ألفِ ليلَة وليلَة وأغانِي طويلَة لا تنتَهِي، بحيثُ لا يمكِنُهَا النّظرُ لأي شيءٍ آخر حين يَكُون معِهَا.

كانَت تتأمّلهُ بحبّ وعُيُونهَا تتفَحّصُ تَعابِيرَه الحادّة. نظرَاتُها كَانَت شِبه مفضُوحَة ولَكِن العملَاق كَانَ غافِلًا عن ذَلِك.

"لمَ تنظرينَ لي هكذَا؟"
صوتُه كصَوتِ قيثارةٍ عَتِيقَةٍ قديمة تُصدِر ألحَانَها بعُمقٍ مع إيقَاعٍ رجُوليّ مُميّز، لقَد مَكَثَ في أعمَاقهَا وَتغَلغَل في عُرُوقهَا كَخَيطٍ مِن الشّرَايِين، وكأنّهُ رَوى أضلُعهَا حبّاً فَنَبَتَ قَلبٌ مُتَيّمٌ بهِ.

جيسُو كانَت تنظُرُ إلَيه بشرُود، خِصالُ شعرِهِ الغُرابِي المتمَرّدَة على رمُوشِه تَزيدُه جاذبيّة وعمقُ نظراتِه وسكُونُ ملامِحِ وجْهه.

لم تتمكّن صاحبَة الشّعرِ الطّوِيل من مُقاومَةِ سِحرِهِ الرّجُولي ولم تشعِر سوَى بكرزيّتيهَا تستشْعِرُ ثُخنَ شفاهِه، لقَد كانَت تَقِفُ على أطرَافِ قَدميهَا بعيُون مغمضَة وشفاهُها ملتصِقَةٍ بطراوَةِ شفَاهِه.

تشانيُول كَان يرمقهَا بنظَرَاتٍ هادئَة ورزَانَة، وكانَت القبلَةُ رقيقَة لكِنها مليئَة بالمشَاعر الصادِقة، قبلَ أن تعُودَ خطوتينِ للخلف، تنظرُ لثباتِه وبرودَة نظراتِه فعلى ما يبدُو قبلتهَا لم تحرّك فيه ساكنًا.

مشَى تشانيول ليتجَاوزهَا بخطُواتِه متجِهًا نحوَ الشُرفة.

"نحنُ لسنَا وحدنَا."
قالهَا بخفُوت حينَ مرّ بجانبهَا وهو يسِير، وجيسُو استوعَبت بالنّهايَة أنّها أمام الجَحد، والجمِيع قد شاهَد تلك القبلَة بالفعل.

جُرعَةُ هَلْوَسَة || PCYحيث تعيش القصص. اكتشف الآن