Enjoy
Writer
في بِدايةِ الأمر لم يَكُن يتَوَقّع أن تُكُون الحَياة عَلى هذَا المِقدَار مِن الألَم، وكَأنّها رَصَاصةٌ وأكبّت مَكَانهَا وأعلَنَت استِقرَارِهَا الأبَدِي دَاخِل قَلبِ أحَدِهم، هُو يَشعُر أنّه لَم يَبقَ داخِلهُ سِوَى بَعضُ الأورِدَة الّتِي يَجتَاحُها الدّمُ وبَعض الَكرَياتِ للمَضيِ قُدَمًا فِي سَبيلِ اللَّاشيء.
طَرِيقٌ طَوِيل، عَثرَاتٌ بِقَدر النّجُومِ التي تملَأُ السّماءَ ليلًا.
كَانَت السّاعَة تشِير للحَادِيَة عشَرَ، قبلَ مُنتصَفِ اللّيل، وكَان يقُودُ سيّارتَهُ برزَانتِه المُعتَادَة تحتَ المطَرِ الغزِير.
بارك تشانيُول، مُدير الأعمَال المشهُور، شخصٌ ذُو نفُوذٍ كبير، مُفعَمٌ بهالَةٍ من الجَبَرُوت والهَيمنَة، تخضِع جميعَ من حولِه.
إلّا أنّهُ يشعُر أنّه فقدَ نفسَهُ، وانعَدَم شعُورُه بِمن حولِه، صارَ يسمعُ أصوَاتَ هَلْوَسَة داخِله تُمَزّقُه بشدّة.
كَانَت المُوسِيقَى توَاسِيهِ بذلِك الوَقت الذِي يَقِفُ فِيه أمامَ إشَارَةِ مُرُورٍ حَمرَاء، وصَوتُ طَرقَاتِ أنَامِلِهِ الثّخِينَة عَلى دَائُرَة المِقوَد يُوَازِي اللَّحنَ ليُعَكّرَ صُرَاخُ احدَاهُنّ صَفَوَ هُدُوءِهِ فَجْأَةً.
استيقظَ من شرُودِه بقطَراتِ المطَرِ التي تهطُل على الأرضِ، وقَطَبَ حَاجِبَيه بانزِعَاجٍ فقَامَ بالضّغطِ على أحدِ الأزرَارِ لِإيقَافِ المُوسِيقَى وقَد وَصَلَ صَوتُها لأذنِيه بشَكلٍ شِبهَ واضِحٍ فالتفَتَ لذلِك الزّقَاق حيثُ مَصدَرَ الصّوْت وراحَ يَركُنُ سَيّارَتُه جانِبًا بَعدَ سَمَاعِهِ أصواتَ تزمِير السّياراتِ خلفَهُ تطالبُه بالعُبُور بسُرعَة على الإشارَةِ الخَضرَاء.
تشَانيُول ليسَ ذلِك المُهتَم الذِي سيسَاعِدُ شخصًا غريبًا، وخاصّةً وهُو في حالَتِه البَائسَة هذِه، لكنّه بالفَعل يَمشِي داخلَ الزّقاق المُظلِم الحَالِكِ بخطَى ثابتَة وهُو يحمِل مَطريّتَهُ حتّى لا يتبَلّل أسفلَ المطَر ليلقِي نظرَةً عمّا يحدُثُ، فيَجِدَ فتاةً مُحاصَرَة ضدّ الجِدارِ من قبلِ رَجلٍ مسلّحٍ يصَوّبُ مُسدّسُه أسفَل فكّهَا وقَد كتمَ صوتهَا بحجبِ فَمِها بكّفّه.
"اخرَسِي! لا أريدُ سمَاعَ صَوتَ صراخِك اللّعين! عليكِ أن تسلمِينَنِي بقيّة المَال حالًا، أو سأقتُلُكِ هُنَا وأتخَلّصُ مِنك."
بصَوتٍ أجشٍ تكَلّم الرّجُل والغَضبُ يعتَرِي ملامِحَ وجههُ بوضُوح أسفلَ ضوءِ عامُود الكهرَباء يبلّلهما المطَرُ الذي يهطِل بغَزَارَة."آه.. شِيت! "
بذاتِ نبرةِ صوتِه هسهسَ بذلِك حينَ سمعَ صوتَ سيّاراتِ الشّرطَة بالجِوار بينمَا الفتَاة تنظرُ إليه بعيونٍ إمتلأَت بالبُغضٍ وكرَاهيّة أسفلَ خِصَالِ غـُرّتهَا المُبَلّلَة وصَدرُها يَعْلُو ويَهبِط بسرعَة فادحَة جَرّاءَ لهاثِها وهي تَرَاهُ يغادِر راكِضًا أسفلَ المطَرِ هربًا من الشّرطَة بعدَ أن غطّى رأسَهُ بقُبّعَة ردَاءِ القَلْنسُوّة خاصّتِه وَقد سمِعت تهديدُه لها قبلَ ذهابِه.تنهّدَت الفَتاةُ براحَة وهِي تضعُ كفّهَا يسَار صَدرِها فوقَ معطَفهَا الثّقيل وأخرجَت المطَريّة من شقتّها مع لَوحَة كَبيرَة مُغطّاة بقمَاش شِبْهَ حَريرِي وحتّى لا تتبَلّل لوحَتُهَا قامَت بحجبِها بالمطَريّة ومشَيت في ذلِك الزّقَاق للخرُوج نحوَ الطّريقِ الرّئيسِي.
إنّها جيسُو رَسّامَةٌ فقِيرَة، تسعَى جاهدَةً لكَسبِ لقمَةَ العيشِ وتسديدِ ايجَارِ الشقّة، ودفعِ ديُون والدِها المترَاكِمة عليهَا ودفعُ تكَاليفِ المشفَى، فوالدُها في غيبُوبَة طويلَة ويحتَاجُ إلى عمليّة.
-في ذاتِ الوَقت-
"سيدِي! ماذَا تَفعَلُ هُنا؟"
استَدَارَ المَعنيّ لمسَاعدِهِ الذِي شاهَدَ كلّ شيء تَقريبًا وهُو يغلِقُ هاتِفَهُ بعدَ أن كانَ يُشَغّل صوتَ سَياراتِ الشّرطَة أسفلَ مطرِيّتُه قربَ منزِل الضّحيّة ليحدّقَ في مساعدِه بنظرَاتٍ حادّة."ما الذِي أخّرّك هكذَا؟"
تَشانيُول تَحدّث بُهدُوء يُخَالِفُ حدّةَ مَلامحِهِ ليُخفضَ مسَاعدَهُ بصرَهُ بالحَال."لقد كنتُ أتبعُك بالفِعل سيدِي."
المُسَاعِد تكلّم يدَافعُ عن نَفسه بينمَا يسيرُ خلفَ سيدِه خُروجًا من الزّقَاق قَبل أن تلاحِظ الفتَاةُ التِي ساعدَهَا شيئًا."لا نِقاشَ."
تكلّمَ العملَاق بحدّة وهُو يركبُ سيّارتُه بالمقَاعِد الخلفيّة يلِيه مساعدَهُ الذي اتخَذ مقعَدَ السّائق مَجلسًا له وشغّل السّيارَة ليشرَع بالقيادَة نحَوَ المكَانِ المقصُود وعجَلاتُ السيّارة مرّت فوقَ حفرَة تجمّعت فيها ميَاهُ المطَرِ وأدّت لصعُودِها تزامنًا لوُصُول ذاتِ الفتَاةِ جيسو إلى الطّريقِ الرّئيسِي سعيدَة لتوَقّف المطَر ذلكَ الحين حتّى لا تتبَلّل لوحتهَا.ولكِن هيهَات، تبَلّلت لوحتهَا بشدّة والقمَاشُ الذي يغطِيها بِه لتتوَسّع عينيهَا على ما حدَث فجأَة وتصرُخَ على سائقِ السّيارة بغضَب قبلَ أن يبتعدَ بسيّارتِه لتضرِبَ الأرضَ بقدميهَا بغيضٍ وتخرِج هاتفَها من جيبِ بنطالهَا لتقُوم بتصوِير خلفيّة السّيارَة لتحصُل تحديدًا على لافتَتِها.
"سأجعلُك تندمُ على تبليلِ لَوحتِي الغَاليَة! ها قد حصلتُ على رمزِ السيّارة من المُمكِن أن نلتَقِي مجَدّدًا!"
تمتمَت بذلِك بخبثٍ بينهَا وبينَ نفسِها ثمّ أخفضَت بصرهَا لِلوحتهَا وتنهّدَت باحبَاط."كيفَ سأشارِكُ بلوحَة مبَلّلة في المَزادِ الآن؟ ثمّ! لقد تأخّر الوَقت كثيرًا"
بصوتٍ عالِي صرخَت بآخر جملَة بعدَ أن تفحَصَ بصرُها الوقتَ بهاتفهَا ورفعَت يدُهَا لعَلّها تُوقِفُ سيّارة أجرَة لأجلِ إيصالِها.إنتهَى الجُزء الأول.
رأيكم بالسرد والشخصيات؟
أكمل الرواية أو لم تعجبكم؟
أنت تقرأ
جُرعَةُ هَلْوَسَة || PCY
Fiksi Penggemarلا تأخُذ جُرعة كبيرة من الثِقَة، أُترُك مكاناً لِلخيبة ومَكاناً واسِعًا بداخِلكَ لإستِيعابها أيضًا. -مكتملَة- Park Chanyeol Kim Jisoo Lisa ...