بيتُ جدّي العجوز

40 7 1
                                    

قبلَ أسبوعينِ وستّةِ أيّامٍ قلتُ لكَ إن هذ البيت فقدَ سحرَه.

حدّثتك كثيرًا، عن ولعي الذي اختفى بالبحثِ عن المخابئ السريّةِ التي سترشدني إلى غرفةِ الكنز، وعن هوايتي في البحثِ داخل الخزانة عن الحلوى التي تتركها جدّتي للضيوف.

كان المنزل الريفيّ العجوزُ جديرًا بالاستكشاف بالنسبةِ إلي، بل كانت الحياةُ كلّها جديرةً بالاستكشافِ في ذلك الحين.

استفضتُ في وصف فقدانِ الأشياءِ إثارتها وجاذبيّتها، حتى اختلاسُ النظرِ إلى منزلِ الجيرانِ المتّكئِ على منزلنا والكتابةُ على الجدران المهترئة.

خضنا معًا مخاطرةَ نبشِ الذكريات. فكّرنا كم كنّا نتذمر من أشياءَ سخيفة، مثل رائحةِ البطانيات الزرقاءِ الفرويّة الضخمة، أو الجوِّ الباردِ في المكتبةِ ذات رائحة الخشبِ الرّطبِ والأوراق القديمة.

تلك المكتبةُ صارت سلوانا الوحيدة. أذكر كيف كان جدّي يقترح علينا الكتبَ ويحضّرُ لنا شايَ النعناعِ بينما نقرأ.

هل تذكرُ كم كان جدّي حنونًا؟ كان يأخذنا لنقطف اللوزَ والتفاح ونحضر البيضَ معه لنتجنّب الملل، وإن كنّا نزعجه ولا نساعده.

قسوتُ كثيرًا على المنزل قبل أسبوعين وستّة أيام؛ قلتُ لك إنه لم يعد جذّابًا وإن شغفي به انتهى مع انتهاءِ طفولتي وإنه لم يعد يثير فيَّ سوى السّأم.

أدركتُ كم كنت مخطئةً مع توقّفِ السيارةِ فجأةً ونحن في الطريق إلى ما بقي منه، أتلهف لرؤية جدرانه المهترئة -إن صمدت أمام وابلِ القذائف- وأشتاقُ عاديّتَه وبساطتَه ودفأه.

ألقيتُ نظرةً خاطفةً من النافذةِ؛ ممّا تسبب في سيلان دموعيَ. لم ترني فقد كنتَ منشغلًا بإصلاحِ السيّارةِ لنكمل الكيلومتراتِ القليلةَ الباقية.

لا تقلق على أي حال؛ فقد بكيتُ لرؤيتي بطانيةً زرقاء فرويةً دافئةً أعرفها جيدًا ملقاةً مع عدةِ بطانياتٍ أخرى للبيع. اللعنةُ عليهم، أزعجوا بطانيتي وأيقظوها من نومها على السّريرِ الخشبيّ الصغير.

موسيقا الخريف | Autumn musicحيث تعيش القصص. اكتشف الآن