البارت الثالث و العشرين|حادث

2.1K 92 22
                                    

كونوا الحضن الدافئ لمن تحبون... فالعالم سيئ بما يكفي... 

                                       جبران خليل جبران

كانت الساعة في حدود العاشرة ليلا، و بينما كان فيتال غارقا بين تلك الأوراق المرمية على طاولة مكتبه،إنتابه شعور غريب... شعور و ضيقة صدر غريبة...
كان يحاول الخروج من هذه المشاعر الموحشة التي داهمته فجأة و نشرت الرعب في داخله... لوهلة زارت ملامح أبيه عقله... لماذا هو... و لماذا الآن بالذات...
تجاهل كل ما إنتابه من قلق و خوف ،و واصل عمله...
في حدود منتصف الليل، كان قد أنهى أعماله، و الإرهاق كان واضحا على ملامح وجهه و السواد الذي إكتسى أسفل جفنيه... ليمشي متثاقلا نحو غرفته،طامعا أن يغفو بسلام دون أن يتعبه الأرق...

في الجهة الأخرى ،عند ماتيا التي لم تستطع النوم، ظلت تفكر في كلام فيتال...
تفكر، هل أخطأت هذه المرة في حقه ،و تسرعت في الحكم عليه...
إعترف أنه ذهب للعلاج... و ستكذب على نفسها إن قالت أنها لم تفرح... لكن كلما حاولت أن تتجاوز كل هذا ،ترجع لنقطة البداية... الطريقة البشعة التي تركها بها...
كلما حاولت أن تنسى و تستمر ،تفهم أنها لن تستطيع تجاوزها...

كانت تقول في نفسها،لما يا فيتال، ألم تكن تستطيع إخباري... كنت تعلم أنني سأفرح و سأكون بجانبك... ألم تفكر وقتها قط بما سيحدث لي... كنت الوجه الضاحك أمام الجميع ،و لكن ما كان يحدث في الخفاء يندى له الجبين...
ألم يشعر قلبك في تلك الليالي الباردة بإمرأة تنهار جاثية من الإنكسار...
بكاء، و أرق يلازمها... أشعرت بهذا أم لا...
أيحق لي أن أراك قاسيا... لأنني لا أستطيع أن أراك كما كنت سابقا فيتال...

بعدة مدة من التفكير تحركت من أريكتها ،نحو الغرفة لعلها تجد الراحة فيها...

إستيقظ فيتال  صباحا مخططا ليوم مزدحما بالعمل...
أخذ سيارته باتجاه المعرض ،ليلتقي براكان و يخبره بأنه سيعود للعمل في المعرض...
كذلك عند ماتيا التي ذهبت للعمل متأخرة قليلا لأنها لم تنم باكرا...

" إذن و أخيرا قررت أن تعود... حمل و إنزاح... حقا لا أحد يستطيع تسيير المعرض مثلك... كنت على وشك الإستقالة "

كان راكان يجلس مقابلا لفيتال يحدثه عن الأشياء التي حدثت في المعرض في غيابه... و بنبرة ممازحة أبدى صعوبة العمل و المسؤولية...

" نعم عدت و للأبد... كنت أعلم أنني الأفضل ولا أحد يجيد العمل مثلي.... "

و بنبرة ممازحة و إبتسامة تكاد لا ترى أجاب فيتال صديقه...

" دعنا من هذا الغرور الآن... ما رأيك أن نخرج للغداء مع بعض إحتفالا بعودتك أيها المدير... "

إبتسم فيتال لأنه كان يتوقع عرض كهذا... كيف لا و أن راكان ينتهز كل المناسبات للإحتفال.... شخص صاخب و حيوي... أجوائه الإحتفالات...

لقاء الأقدار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن