البارت الخامس و العشرين | إنتهى

3.4K 152 50
                                    


أود أن أشيب معك... أن أبقى معك حتى أبلغ من العمر عتيا...
نتبادل الحديث بينما نحتسي قهوتنا... و نستذكر إقتباسات مأثورة في قلوبنا...
نفخر بحبنا و نجعل من أيامنا أعياد...

كم من أيام... كم من سنوات مرت منذ أخر مرة نادى فيها فيتال والده...
كم إشتاق لنبرة صوته،و ملامح وجهه... إشتاق إلى الماضي الذي لم يكن به مشاكل، عندما كان يصطحبه والده للصيد في أيام العطل... و عندما يجلس معه في المكتب و يبدأ والده بإلقاء النصائح و التوجيهات....
كل هذه المدة كان فيتال يتسائل هل ثقة والده به لم تكن كافية إلى ذلك الحد الذي يجعله يصدق كلام داليدا ذلك اليوم...
كم إنكسر فيتال وقتها... وهو يرى والده يقف من الكذب و الخداع...
عهده ذكي ،مالذي أعمى بصيرته عن الحق...
سنوات مضت دون أن يكلمه ليس رغبة منه، بل قرارا من والده... و بدوره لم يعترض رغم قسوة الجزاء الغير مستحق...

يعلم أنه على حق، لكن أقسم ألا يجادل أباه و لن يتطرق للموضوع بعد الآن...
هو فقط يريد أن يرى والده بأحسن حال...

لحظات الصمت و التحديق كانت ثقيلة لكلاهما...
لا فيتال بادر ولا والده... بقيوا يتأملون بعضهم و كأنه أول لقاء بينهم...
لكن لابد أن يتجرأ أحدهم... و ديفيد قام بالواجب،حيث أنه طبطب على الفراش كإشارة لفيتال أن يتقدم و يجلس بجانبه..
وهذا ما قام به فيتال بالفعل...

" كيف حالك، هل تشعر بالألم..."

فور ما جلس تسائل عن حالة والده بملامح قلقة واضحة لعيان والده...

رفع كفه ليضعها على كف فيتال ،رادف بصوت متعب...

"أنا بخير لا تقلق... كانت محنة و هاقد تجاوزتها بنجاح..."

إبتسم فيتال دون أن يشعر عندما أمسك به والده كأنه طفل صغير...
لم يدم الصمت طويلا ليقطعه ديفيد محاولا فتح حديث مع إبنه...

" بني لم يكن علي تصديق أقاويل داليدا، ظلمتك ولم أسمح لك بتبرير موقفك... إبتعدت عنك كثيرا... أتأسف لهذا فيتال... "

كان ينظر لوالده بإنكسار و ألم كبيرين، لكن لم يمنعه هذا من أن يوقف الحديث الذي لم يكن مناسبا في ذلك الوقت و يغير الموضوع سريعا...

" لن نخوض هذا الحديث الآن... سأعرفك على شخص ما... سأعود... "

غادر الغرفة بروح مغايرة عن التي دخل بها... لم يرفضه والده كما كان يحدث سابقا... خرج ليلتفت في ذلك الرواق الطويل ، ليرى ماتيا تجلس مع والدته و أخته...
تقدم منهم و إمتعن النظر في ماتيا...

توقفت هي عن الكلام لتنظر إلى فيتال محاولة فهم ملامحه... يبدو أن الحديث مع والده لم يكن مصحوبا بالمشاكل و هذا ما جعل داخلها يهدأ...

" تعالي معي ماتيا، والدي بانتظارك... "

خرجت الكلمات من فمه بنبرة حماسية عالية و إبتسامة كبيرة زينت ملامحه...
كانت لاتزال تحت وقع الصدمة حينما شعرت بأنامله تشابك خاصته... متوجها بها نحو الغرفة...
هنا أفاقت لتنظر له رادفة...

لقاء الأقدار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن