ذكريات
عندما كنت صغيراً لم يهتم أبي بأخذ صور لنا أثناء مراحلنا العمرية المختلفة، أو في التجمعات العائلية أو حتي في زيارتنا للحدائق، أو الذهاب الي التنزه. اقتصرت الصور لدينا في الأوراق الرسمية فقط. ولم تتعد صورنا غير صورة واحدة جماعية حين ولد ابن خالتي الصغري. وكبرنا أنا وأخي ولم نعر اهتماماً لتسجيل أوقاتنا لما كبرنا ،كان يكفينا الاستمتاع ،وتحت شعار أخي المفضل"لا تفسد اللحظة بالتقاط صورة"، لم يكن معنا اي شئ.واليوم... لا نشعر إلا بالندم..
عانت أمي من مرض "الزهايمر" وهي في 45 من عمرها. في البداية كانت تنسي أين وضعت نظاراتها الطبية، أو تنسي وضع الطعام علي النار.وذات ليلة استيقظنا علي رائحة غاز يملأ المنزل، فقد نسيت أمي الموقد مفتوحاً ! عند تلك اللحظة استوعبنا مرض أمي و شدته..لم تكن تعاني من أي ألم ،لم تكن تشعر حتي أنها مريضة. و ذلك ما آلمنا نحن وليس هي.
كيف لي أن أتحمل رؤيتها تتألم وهي لا تتألم ،أن أراها في خطر وهي لا تشعر، أن نخاف وهي لا تخاف. مع مرور الأيام ،أصبحت أمي تنسي أعمارنا،فحين أعود من الجامعة تقول لي بغضب:" أين كنت أيها الشقي ،الدوام قد انتهي منذ ساعات!".
أبي الذي لم يتحمل رؤية حبيبتة ورفيقة عمره في تلك الحالة، تدهورت حالته ودخل في نوبة من الإكتئاب ،كان يخشي أن يأتي اليوم الذي تنظر اليه فيه ولا تعرفه..ألا تتذكر كل الأوقات الجميلة التي عاشوها وعشناها سوياً ، وذات ليلة استيقظت أنا وأبي علي صوت صراخ أمي وهي تدعي وجود لص ، وحين خرجنا كان أخي !
وقد عاد من الجامعة،
ولكن أمي لم تتذكره....
هنا فقط أدركت كم أن تسجيل الذكريات أهم من الأستمتاع بها...
فما فائدتها ونحن لا نتذكرها.
بثينه 🤟
![](https://img.wattpad.com/cover/317432703-288-k734432.jpg)