الفصل الخامس

1.6K 165 14
                                    

"قهوة الحياة المُر"
"5"

"أنتَ مجبر علي ارتشاف مشروب حياتك؛ حتي وإن كنت لا تهواها، لن تستطيع كسر الكوب لكن تستطيع تحلية المشروب بإضافة السُكر!"

______________

رائحة التبغ المحترق المخالط بفحم الدهني أثر شواء اللحم، تصاحبها رائحة القهوة العربية تُخالط رائحة الشاي الثقيل، وصوت ارتطام احجار الدومينو، يصاحبها الضحكات الرجولية الصاخبة.

ارتطام المطرقة بالمسمار؛ لتثبيته، كان يزيد يطالع كل ما حولوا بذهول ودهشة، كان يظن تلك أماكن تتواجد في الأفلام فقط، كان يظن أن مكتبة طه هي في أقدم الاحياء الشعبية، ولكنه كان مجرد أحمق.

فهنا المباني لها طعم وزهو خاص، الشوارع وزحام الذي يخنقه في العادة اضحي عاشقًا له، كان يحمل آلة تصوير ويقوم بإلتقاط العديد من الصور، مباني القديمة والمساجد التي اضحت مزارًا سياحًا يشهد مدي جمال وبراعة العمارة الإسلامية.

كان ينتفس كل ما هو قديم وعتيق، تمني لو كان لديه منزل هنا في ذلك الشارع الذي يعد أحد أشهر شوارع القاهرة القديمة شارع "السيدة زينب".

المكان المزدحم دائمًا؛ يتوافد منه السياح من جميع أنحاء العالم، المكان الذي يؤثر في أصحاب القلوب المرهفة والذوق الرفيع، كان يزيد يتلتف حوله كطفل صغير بحماس شديد.

كانت يارا خلفه تحرص على عدم فقده في زحام، وبسمة دافئة تشق ثغرها، ليقف علي أعتاب أحدي المطاعم وهو يشتم تلك الروائح الطيبة، توقفت خلفه يارا لتردد بمشاكسة:

_ جرا ايه يا خواجة نفسك في طبق كوارع يرم عضمك كدا، هنا احسن مطعم بيعمل كوارع في سيدة كلها.

قطب يزيد حاجبيه بتفكير، لينظر نحوها وهو يردد بطفولية أسرت قلبها:

_ بس لسه في اماكن كتير مرحنهاش لسه، لو كالنا مش هنحلق صح؟

ودت لو تخبئه بداخلها من ذلك العالم القاسي، امسكت يديه ولم يمانع كعادته، بل أنصاع خلفها، شعرت ببرودة يديه ولكنها كانت أقل ارتجافًا، لتردد بنبرة تشجيعية:

_ ناكل لقمة على سريع كدا وهنلف شارع بدل مره تلاته، مالك مستعجل علي ايه؟ دا شارع ده موجود من قبل ما جد جدك يتولد مش هيطير يعني.

دلفوا إلي داخل ليجلسوا على احدي طاولات، كان مطعم مزدحم؛ وظنت يارا بأن يزيد سيختنق، ويطلب منها الخروج، ولكنه بقي يتلتفت حوله كطفل يكتشف الحياة.

شردت يارا في ساعة مضت بعدما زُفت تلك الإشاعات حول يزيد، تذكر جنون يزيد وهو يحادث والده من هاتفها، ويغضب، ويثور، كان كطفل فقد لعبته، لم يكن يردد سوي كلمة واحدة "الناس هتقول ايه دلوقتي؟".

كانت يارا ممتعضة من تلك الجملة تكرها كامل الكره، كان يزيد غاضب، ثائر، وهائج، كل ما يفكر بيه هو الفتك بفاعل تلك الفعلة شنيعة، حاولت تهدأته ولكن كان يتجاهل الحديث معاها، ومع اصرارها هب بيها كالعاصفة قائلًا:

الجارة للجار يا لالاليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن